زعيم حزب العمال كير ستارمر / صورة: Reuters (Suzanne Plunkett/Reuters)
تابعنا

وأمس الخميس، توجه البريطانيون إلى مراكز الاقتراع للتصويت في انتخابات تشريعية خسر فيها رئيس حزب المحافظين ريشي سوناك، الأمر الذي وصفته صحيفة "الجارديان" البريطانية بـ"الليلة الكارثية لحزب المحافظين".

وأظهر الاستطلاع الذي نشرته شركة إبسوس المملكة المتحدة بعد إغلاق الصناديق، أن حزب العمال تمكن من الفوز بـ410 مقاعد من مجلس العموم (الغرفة الثانية للبرلمان) المكون من 650 مقعداً.

ستارمر.. من محامٍ إلى رئيساً للحزب

ونُصَّب ستارمر البالغ من العمر 61 عاماً رسمياً رئيساً للوزراء اليوم الجمعة بعد استقالة ريشي سوناك، إذ يمنح الناخبون ستارمر تفويضاً كبيراً لإحداث تغيير في بريطانيا، وفق "الغارديان".

وحسبما يذكره الموقع الرسمي لحزب العمال، درس ستارمر القانون في جامعة ليدز ليصبح بذلك أول فرد في عائلته يلتحق بالجامعة، وحصل على مؤهلاته محامياً في عام 1987 ليبدأ بعدها في ممارسة مهنة المحاماة إذ تولى قضايا بارزة، بما في ذلك ضد شركتي شل وماكدونالدز.

عمل ستارمر أيضاً مستشاراً لحقوق الإنسان خلال اتفاقية أبرمها رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير في أيرلندا الشمالية.

وفي عام 2008، بعد سنة من زواجه من شريكته فيكتوريا، أصبح ستارمر مديراً للنيابة العامة، مما جعله رئيساً لهيئة الادعاء الملكية في المملكة المتحدة.

انتخب كير ستارمر نائباً في البرلمان البريطاني في مرحلة غير مبكرة من حياته، عندما كان في الخمسينيات من عمره، بعد مسيرة مهنية لامعة محامياً، حسب موقع BBC، الذي أشار إلى أن ستارمر "كان لديه اهتمام سياسي واضح وأيضاً نزعة يسارية متطرفة في شبابه".

وفي عام 2020 وعند انتخاب ستارمر لقيادة حزب العمال البريطاني خلفاً لجيريمي كوربن، ومباشرة بعد أن تعرض الحزب لأسوأ هزيمة في الانتخابات العامة منذ 85 عاماً، ركز على مهمة جعل الحزب قابلاً للانتخاب مرة أخرى.

وبعد أربع سنوات، وبعد 14 عاماً من الحكومات التي قادها حزب المحافظين المنافس، كان ستارمر يستعد صباح اليوم الجمعة لتولي أعلى منصب في بريطانيا.

وعمل ستارمر على التحول بدفة الحزب من خط كوربن الذي مثل أقصى اليسار لجعله أكثر وسطية من جديد، وذلك ليجعل من حزبه أكثر قابلية للانتخاب في المملكة.

مجتهد يفتقر إلى الكاريزما

وحسبما ذكرته وسائل الإعلام الغربية، واجه ستارمر سنوات من الانتقادات بسبب افتقاره الملحوظ إلى الكاريزما، لكن مهمته المتمثلة في إعادة حزب العمال إلى قلب السياسة البريطانية وتوسيع نطاق جاذبيته بين الناخبين أتت بثمارها، كما استفاد ستارمر وحزب العمال، بلا أدنى شك، من سنوات من الألم الاقتصادي والفوضى السياسية في عهد المحافظين.

​​ونجح ستارمر في تحقيق إنجاز سياسي، فبعد أقل من عقد من دخوله البرلمان، وبعد أقل من خمس سنوات من تعرض حزبه لأسوأ هزيمة انتخابية له منذ ثلاثينيات القرن الماضي، أعاد تشكيل حزب العمال بكفاءة وتحويله إلى حزب قابل للانتخاب. وسحبه إلى مركز السياسات الرئيسية مع الاستفادة من إخفاقات ثلاثة رؤساء وزراء محافظين.

وفي تصريح لصحيفة نيويورك تايمز، قالت جيل روتر، وهي زميلة باحثة في مجموعة أبحاث لندن "المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة" حول ستارمر إنه "كان شرساً، والبعض قد يقول إنه متقيد بالانضباط بشكل ممل، لن يثير مشاعر الناس، لكنه يبدو مناسباً نسبياً لمنصب رئيس وزراء".

"بارقة أمل للبريطانيين"

وفي وقت سيطرت عدة قضايا على النقاش العام في بريطانيا قُبيل الانتخابات مثل الاقتصاد والتعليم والهجرة وتدهور خدمة الصحة العامة، وعد ستارمر خلال حملته الناخبين بالتغيير، وتعهد باستعادة الاستقرار في الحياة العامة ومنح بريطانيا "بارقة أمل" بعد 14 عاماً من الاضطرابات في عهد المحافظين.

ووفق ما نقلته "الغارديان"، قال ستارمر المبتهج لأنصاره في وسط لندن في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة: "في جميع أنحاء بلادنا، سوف يستيقظ الناس على الأخبار التي تفيد برفع العبء الذي أزيل أخيراً من أكتاف هذه الأمة".

وفي خطاب الفوز، قال ستارمر أمام حشد من الناس إن التغيير "يبدأ الآن".

وأضاف: "إنه شعور جيد، يجب أن أكون صادقاً.. أربع سنوات ونصف من العمل لتغيير الحزب هذا هو الغرض منه، حزب عمال متغير، مستعد لخدمة بلدنا، ومستعد لإعادة بريطانيا إلى خدمة الشعب العامل".

ووعد ستارمر بـ "عصر التجديد الوطني" الذي سيبدأ فيه حزب العمال "في إعادة بناء بلدنا"، لكنه أقر أيضاً بأن التغيير لن يكون سهلاً.

وقال زعيم حزب العمال إن "شمس الأمل تشرق مرة أخرى في بلد لديه فرصة بعد 14 عاماً لاستعادة مستقبله".

وفي تصريحات اعترف فيها بفوز حزب العمال، قال سوناك إن السلطة "سوف تنتقل بطريقة سلمية ومنظمة، مع حسن النية من جميع الأطراف"، وهذا أمر ينبغي أن يمنحنا الثقة جميعاً في استقرار بلادنا ومستقبلها"، حسبما نقلته "الغارديان".

ردود فعل دولية إيجابية

ومع وضوح النتائج النهائية للانتخابات، بدأ عدد من قادة الدول ورؤساء الحكومة بالإشادة بالانتخابات التي شهدتها المملكة المتحدة.

وهنأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصعود حزب العمال وفوز كير ستارمر، موضحاً أن باريس "ستواصل العمل مع المملكة المتحدة من أجل التعاون الثنائي، ومن أجل السلام والأمن في أوروبا، ومن أجل المناخ والذكاء الصناعي".

كما أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أمله في أن تظل أوكرانيا والمملكة المتحدة "حليفتين موثوقتين".

وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن رغبتها في "شراكة بناءة" مع ستارمر، الذي استبعد إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وأرسل رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو رسائل تهنئة إلى "صديقهما" ستارمر لفوز حزبه في الانتخابات العامة، وفق ما نقلته صحيفة الجارديان.

ما الخطوات اللاحقة؟

ومن المتوقع أن يقف سوناك خارج المقر الرسمي لرئيس الوزراء في 10 داونينج ستريت في لندن للإدلاء ببيان يؤكد فيه رحيله، قبل الاجتماع مع الملك تشارلز الثالث لتقديم استقالته رسمياً.

وسيلتقي ستارمر بعد ذلك الملك في قصر باكنغهام، حيث سيُكلَّف تشكيل حكومة جديدة. وبعد ذلك، سيلقي ستارمر خطابه خارج داونينغ ستريت.

وبمجرد الانتهاء من الإجراءات الشكلية، سيتلقى ستارمر إحاطات إعلامية من الأعضاء الرئيسيين في الخدمة المدنية والاستخبارات، ويختار أعضاء حكومته الجديدة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً