أعادت الزلازل المدمرة التي وقعت في تركيا مؤخراً في السادس من فبراير/شباط 2023 الحديث مجدداً عن أنجع طرق الوقاية من كوارث هزات الأرض إذ برز "سرير الحماية من الزلازل"، إحدى هذه الطرق وأخذ قسطاً من النقاش في المحافل الإعلامية والاجتماعية.
- فما هو سرير الحماية من الزلازل؟
يساعد هذا النوع المقاوم من الأسرة للزلازل على الحد من الأضرار الناجمة من انهيار المباني حال تدميرها كلياً أو جزئياً.
يعتمد مصمّموه على وضع تقنيات محددة داخل الأسرّة، تحد من اهتزازات الأرض التي تؤثر على المباني.
وتداول رواد مواقع التواصل صوراً وفيديوهات لأسرّة مقاومة للزلازل. يتحوّل فيه السرير خلال لحظات إلى ملجأ يحفظ المستلقي عليه وينغلق عليه، مع وجود مواد غذائية وماء وأدوية كافية لبقاء من بداخله حياً لأطول فترة ممكنة إلى تصل فرق الانقاذ إليه.
ليس من الواضح تماماً من الشخص أو الجهة التي ابتكرت سرير الحماية من الزلازل لأول مرة، إذ كانت الفكرة موجودة منذ عدة عقود وجرى تطويرها من عديد من الشركات والأفراد بمرور الوقت.
لكن جرى إنشاء نسخة مبكرة واحدة من شركة يابانية تسمى Cosmos Bed في أوائل الثمانينيات.
كان مؤسس الشركة، مينورو ناكامورا، مصدر إلهام لإنشاء السرير بعد أن نجا من زلزال كبير في اليابان عام 1968.
خلال السنوات التالية، جرى تطويره وتحسينه حتى أصبح منتجاً شائعاً في المناطق المُعرضة للزلازل بشكل كبير مثل اليابان وكاليفورنيا بأمريكا.
في العام 2010 اشتهر المخترع الصيني وانغ وينكسي بصناعته سريراً مقاوماً للزلازل يهدف حماية الأرواح خلال الكوارث.
تميّز السرير بأنه مزود بجهاز استشعارِ خاص، فما أن يستشعر الهزة حتى يفتح قاعدة السرير في المركز ويدفع النائم إلى الأسفل حيث جهِّزت غرفة صغيرة مدعمة بالفولاذ ومن ثمّ يغلق السرير عبر قطعتين معدنيتين صلبتين.
كما خرج عدد من الشركات بهذا الابتكار لاحقاً إلى الأسواق، آخرها شركة يابانية طرحت السرير بقيمة 3830 دولاراً أمريكياً.
وفي روسيا، صمم المخترع داهير سيمينوف سريراً مماثلاً بأحجام وأشكال مختلفة بهدف إبقاء "الشخص المحظوظ" حسب قوله على قيد الحياة حتى تصل فرق الدعم.
في محاولة لمعرفة إلى أي حد يعتبر سرير الحماية من الزلازل فكرة عملية للنجاة، استطلعت TRT عربي آراء أربعة من المتخصصين في علم الزلازل ومنقذين مُدربين للتعامل مع حالات الطوارئ ومهمتهم الاستجابة لمختلف أنواع الكوارث الطبيعية.
محمد شعيب أياز، وهو باكستاني يعمل في خدمة الطوارئ العامة في إقليم البنجاب، وعضو في فريق الإنقاذ ومدرب على التعامل مع حالات الطوارئ وتقديم المساعدة للأشخاص الذين يحتاجون إليه.
- هل سرير الحماية من الزلازل فكرة عملية للنجاة؟
يقول في حديثه لـ TRT عربي عن سرير الحماية من الزلازل بأنه جرى تصميمها لتوفير طبقة إضافية من الأمان خلال الزلازل، مما يساعد على تقليل خطر الإصابة أو الوفاة بسبب الأشياء المتساقطة أو الهياكل المنهارة.
"لكن هذه الأسرّة قد لا تكون حلاً عملياً للجميع بسبب بعض النقاط التي يجب مراعاتها" كما يضف أياز. ومن هذه النقاط التي يجب أخذها بالاعتبار حسب قوله:
أولا: التكلفة، يمكن أن تكون الأسرة الواقية من الزلازل باهظة الثمن، وقد لا يتمكن الجميع من شرائها.
ثانيا: المساحة، يمكن أن تكون هذه الأسرة ضخمة الحجم وتأخذ مساحة كبيرة في الغرفة. وبناء على حجم السرير، قد لا يكون من الممكن استخدامها في المنازل الصغيرة أو الشقق.
ثالثا. الفعالية: على الرغم من أن هذه الأسرة الواقية يمكن أن تساعد في تقليل تأثيرات الموجات الزلزالية، فإنها قد لا تتمكن من الحماية ضد جميع أنواع المخاطر المرتبطة بالزلازل. على سبيل المثال، إذا انهارت المباني أو اشتعلت النيران خلال الزلزال، فقد لا توفر الأسرة الواقية من الزلازل حماية كافية.
- كيف يمكن للناجين الخروج من سرير الحماية من الزلازل؟
ويتابع أياز حديثه عن محاولة خروج الناجين داخل الأسرّة من تحت الركام قائلاً: "من الصعب على السكان الخروج في هذه الحالة. لكن يوجد بعض الأمور التي يمكن فعلها لزيادة فرص البقاء على قيد الحياة مثل الإبقاء على حالة الهدوء وعدم الذعر الذي قد يؤدي إلى خطر الوفاة".
ويؤكد أن "محاولة الاتصال لطلب المساعدة حال وجود جهاز أو هاتف داخل السرير ستكون حلاً جيداً"، وفي حال لم يوجد، "يجب الطرق على إطار السرير لإصدار الصوت وجذب انتباه المنقذين لموقعك"، وفق تعبيره.
أما عالم الزلازل في جامعة أنقرة، بولنت كايباك، فيقول إن فكرة السرير المقاوم للزلازل رغم وجودها منذ فترة من الوقا، فإنها مبتكرة جداً ولا يمكن معرفة مدى جدواها.
ويضيف في حديثه إلى TRT عربي، "إن الأمر يتطلب كثيراً من الاختبارات لتحديد إن كان خطر على سلامة الإنسان جراء استخدامها. كما أنه لن يكون مفيداً جداً إذا جرى استخدام الكهرباء في تشغيله. لأنه في حالة وقوع زلزال، يُقطع التيار الكهربائي عن المدينة إلى حد كبير".
- كيف يمكن ضبط هندسة الاستشعار للأسرّة؟
وعن كيفية هندسة الاستشعار داخل هذه الأسرّة للتأكد من أنه يعمل فقط في حالة وقوع زلزال، يقول كايباك إنه يجب أن تعمل الآلية فقط في حالات الزلازل.
"يجب وضع أجهزة مشابهة لأجهزة الاستشعار المستخدمة للكشف عن الزلازل على الصندوق أو في جزء من المنزل. عندما تتجاوز حركة الزلزال مستوى محدداً من الاستشعار، يصبح السرير نشطاً ويحمي الناس".
ويقول مهندس الزلازل التركي خاقان سليمان في حديثه إلى TRTعربي، عن هندسة الاستشعار في الأسرة، بأنها نوع من التحدي يواجه تصميمه.
ويضيف "يجب أن يكون الاستشعار حساساً بما فيه الكفاية للكشف عن الاهتزازات الزلزالية الصغيرة، وفي نفس الوقت قادراً على التمييز بينها وبين أنواع أخرى من الاهتزازات، مثل تلك التي تسببها المركبات المارة أو البناء القريب. إذا كان الاستشعار يكتشف زلزالاً بشكل خاطئ، فقد يسبب حالة ذعر أو اضطراب غير ضرورية".
ويضيف سليمان وهو متخصص في علم الزلازل الهندسي ومخاطر الزلازل ويعمل على تطوير حلول مبتكرة للحد من مخاطره بأنه لا "يُنصح بشكل رسمي استخدام سرير الحماية من الزلازل جزءاً من أي طرق البقاء الرسمية التي يوصي بها خبراء الزلازل للناس".
ويتابع أن "سرير الحماية من الزلازل قد يبدو فكرة إبداعية إلا أن قيوداً عملية وعيوباً محتملة يجب مراعاتها".
ويضيف: "يمكن لهذا السرير العمل بفاعلية فقط تحت ظروف معينة جداً، إذا حدث الزلزال فيما كان الشخص في السرير وحدث أن انهار المبنى في تلك اللحظة"، ويستدرك بالقول "إذا لم يكن الشخص في السرير عندما يضرب الزلزال، فهو لا يوفر أي حماية على الإطلاق. ولو فرضنا أن الشخص كان في السرير، وضرب زلزال عمل على تنشيط وضعية الحماية، فإنه إذا انهار المبنى، فمن الصعب التنبؤ بالطريقة التي سيسقط بها ، وهذا يعني أن السرير قد لا يكون قادراً على امتصاص صدمة انهيار المبنى. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون في إخلاء المبنى تأخير في أثناء محاولة الخروج من السرير".
أما المهندس اللبناني حسن نافع، وهو مسعف ومنقذ معتمد، فيرى أن فكرة السرير المقاوم للزلازل ليست عملية.
ويوضح في حديثه إلى TRTعربي "أن الزلزال قد يحدث في أي وقت خلال اليوم، لا في أثناء النوم في الليل. إلى جانب أن هذه الأسرّة ضيقة جداً ولا يمكن للناس الخروج منها إذا تغطّت بالركام، وسيحتاجون إلى مساعدة خارجية قد تستغرق أياما وأسابيع".
تعتبر الأسرة الواقية من الزلازل إحدى الطرق التي يجري العمل على تطويرها للحد من آثار الزلازل المدمرة وهي بطبيعة الحال ليس الطريقة الوحيدة. يجب أخذ عديد من طرق الوقاية في الاعتبار والتدرب عليها قبل وقوع الكارثة.