بعد أفدح فشل أمني.. ما خطط نتنياهو للبقاء بالسلطة والإفلات من الحساب؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

على عكس ما فعله كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل، بما في ذلك رئيس الأركان العسكري ووزير الدفاع ورئيس وكالة الأمن الداخلي شين بيت، بتحمل المسؤولية عن الفشل الأمني الفادح في الأيام التي تلت الهجوم، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على رفض تحمل المسؤولية الكاملة عن الأخطاء التي أدت إلى هجوم طوفان الأقصى، وذلك بالرغم من أنه شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 13 عاماً من الأعوام الـ14 الماضية.

وحسب مجلة فورين بوليسي، فإنه مع كل يوم يمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يبدو نتنياهو أكثر تصميماً، وربما في وضع أفضل، على البقاء في السلطة بعد انتهاء الحرب. ويبدو أن استراتيجيته تتألف من ثلاثة جوانب: صرف اللوم عن الثغرات الأمنية التي سمحت بهجوم حماس، والحفاظ على ائتلافه الحاكم سليماً بأي ثمن، وانتظار الفرصة حتى يتمكن من الإشارة إلى إنجازات ملموسة.

محاولات التنصل من الفشل الأمني

لم يتمكن نتنياهو من مواجهة الجمهور لمدة 21 يوماً طويلة منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر. وعندما استسلم أخيراً وعقد مؤتمراً صحفياً، دون رغبة في تقديم إجابات حقيقية، أحضر معه سترتين مضادتين للرصاص على شكل زميليه في حكومة الحرب، غالانت وغانتس، حسبما نقلته تايمز أوف إسرائيل.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن فكرة مواجهة نتنياهو لأسئلة الصحفيين بمفرده كانت فكرة غير مقبولة. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قدم نتنياهو أدلة كثيرة على أنه يصنع السياسة على قدم وساق مع الحرب. وألقى باللوم على أعلى المستويات الأمنية في إسرائيل بسبب الفشل الدراماتيكي لسياساته السابقة تجاه حماس والمقاومة، في منشور على موقع إكس حذفه لاحقاً، ولكن ليس قبل نقل الرسالة إلى جمهوره المحلي المقصود.

وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة هآرتس أن نتنياهو يسعى لإعفاء نفسه من المسؤولية عن الفشل في التنبؤ بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. وقالت الصحيفة إن نتنياهو يشن حملة لإلقاء اللوم على الجيش الإسرائيلي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري لم تحدد هويته قوله إن "نتنياهو ينظم حملة، ويجمع الأدلة ضد الجيش، ويشرح بشكل خاص لماذا لا ينبغي تحميله المسؤولية. وهو يكرر باستمرار أنه لم يتلقَ المعلومات الاستخباراتية"، وفقاً لما نقلته الأناضول.

من جهته، قال الصحفي أنشيل فيفر، وكاتب سيرة نتنياهو: "إن نتنياهو يخوض معركة شخصية من أجل البقاء، وهذه لها الأسبقية على خوض حرب إسرائيل ضد حماس". وأضاف: "جزءاً من تلك المعركة، فهو مستعد للإساءة إلى أولئك الذين يقودون الآن الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات الإسرائيلية".

"الهروب إلى الأمام"

على المدى القصير، يبدو أن نتنياهو يستفيد من بديهية تتعلق بالسياسة والحرب: لا يمكنك إسقاط زعيم فيما القتال مستمر. لكن أمنون أبراموفيتش، المعلق المخضرم في القناة 12، قال إن اعتبارات البقاء قد تدفع نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب بما يتجاوز ما هو ضروري من الناحية الاستراتيجية. وقال: "لا أستطيع تحديد ذلك على وجه اليقين، لكنني لا أستبعده تماماً احتمالاً"، حسبما نقلت فورين بوليسي.

وعلى حد تعبير الصحفي الإسرائيلي عاموس هاريل: "حتى في خضم الحرب الأكثر أهمية التي تشهدها البلاد منذ خمسين عاماً، فإن رئيس الوزراء مشغول في المقام الأول، وقبل كل شيء، بنفسه وبإنقاذ مستقبله السياسي الهش".

وأضاف هاريل: "لدى نتنياهو مصلحة سياسية واضحة في الحفاظ على وتيرة العمليات العسكرية في غزة. وما لا يقل إثارة للقلق هو أنه إذا تحول تبادل إطلاق النار المستمر بين حزب الله والقوات الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية إلى مواجهة واسعة النطاق، فلن يكون ذلك بسبب قرار اتخذه حزب الله أو إيران، ولكن لأن نتنياهو يشعر أن بقاءه السياسي يتطلب تصعيداً على هذا النطاق". وأردف: "من خلال جعل التصعيد هو موقفه الافتراضي، يستعير نتنياهو تكتيك الهروب من خلال التقدم إلى الأمام".

الحفاظ على ائتلافه المتطرف بأي ثمن

من المؤكد أنه مع انخفاض أرقام استطلاعات الرأي والمخاوف من التفاعلات المحرجة مع الجمهور والتي أبعدته عن الجنازات العسكرية، فإن إعادة تأهيل نتنياهو تبدو بعيدة المنال في الوقت الحالي. ومع ذلك، يبدو أنه ضمن بقاءه الفوري من خلال ضم حكومته الحربية الشهر الماضي إلى شخصيتَين معارضتَين من حزب الوحدة الوطنية يتمتعان بمؤهلات أمنية قوية: بيني غانتس وغادي آيزنكوت.

وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعد نتنياهو ورفاقه على تصوير ذلك باعتباره حملة وطنية واسعة من أجل البقاء وتقويض فكرة أن القرارات قد يكون لها أي علاقة ببقاء نتنياهو.

وعلى صعيد معسكره الحاكم، لا يزال يُنظر إلى نتنياهو على أنه خبير في المناورة بالسياسات الائتلافية وإبقاء شركائه على متنها، بما في ذلك الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة والقومية المتطرفة. وبالتالي، فهو يؤيد استمرار تدفق مخصصات الميزانية إلى المؤسسات الحريدية على الرغم من الانتقادات القائلة إن الأموال تحتاج الآن إلى إنفاقها على التكاليف المرتبطة بتهجير الإسرائيليين في بداية الحرب واحتياجات الأزمة الأخرى.

وإذا دام الانحراف نحو اليمين الذي أظهرته استطلاعات الرأي التي أُجريت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، إذ يفضل 32% من الإسرائيليين إعادة تأسيس المستوطنات في قطاع غزة، فقد يحاول نتنياهو العمل على استغلاله لمصلحته عن طريق تصوير نفسه أنه قائد قوي عازم على تحدي الضغط الأمريكي والدولي فيما يتعلق بجوانب الحرب، أو ترتيبات ما بعد الحرب، أو القضية الفلسطينية في العموم، وفقاً لما قالته فورين بوليسي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً