تابعنا
الضفة الغربية منطقة جغرافية مركزية في فلسطين، وظلت تحت سيطرة العرب بعد حرب عام 1948، وسُميت بهذا الاسم بعد إدماجها في المملكة الأردنية بعد مبايعة مؤتمر أريحا الملك عبد الله على ضفتَي نهر الأردن.

تلك الأرض العريقة التي تحمل في طياتها تاريخاً طويلاً من الصمود والنضال من أجل الحرية والكرامة.

تحمل في طياتها تراثاً ثقافياً وتاريخياً يمتد لآلاف السنين، وترتبط بقضية فلسطين بكل ما تحمله من معانٍ ورموز.

في هذا المقال، سنتناول الضفة الغربية كجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ونعرض تفاصيلها ومكانتها الخاصة ضمن النضال الفلسطيني، ونستعرض مسار تطور هذه الأرض منذ عهد القدماء إلى يومنا هذا.

أين تقع الضفة الغربية؟

تُعدّ الضفة الغربية أرضاً استراتيجية من الناحية الجغرافية؛ حيث يحدّها من الشمال الأردن، ومن الجنوب البحر الميت والنقب الفلسطيني، وتشتهر بجمال طبيعتها، حيث تضم سهولاً وودياناً خصبة وسلاسل جبلية مهمة.

الضفة الغربية منطقة جغرافية مركزية في فلسطين، وظلت تحت سيطرة العرب بعد حرب عام 1948، وسُميت بهذا الاسم بعد إدماجها في المملكة الأردنية بعد مبايعة مؤتمر أريحا الملك عبد الله على ضفتَي نهر الأردن.

تشمل هذه المنطقة: جبال نابلس، وجبال القدس، وجبال الخليل، والشطر الغربي من غور الأردن، وتشكِّل نحو 21% من مساحة فلسطين الانتدابية، أي نحو 5.860 كم².

تقع الضفة الغربية وسط شرقي فلسطين، غربي نهر الأردن والبحر الميت، وكانت جزءاً من فلسطين الذي لم تستولِ عليه إسرائيل في عام 1948، بما في ذلك القدس الشرقية، وجرت الوحدة بين الضفة الغربية والأردن بعد مؤتمر أريحا عام 1951، ولكن في عام 1967 استعادت إسرائيل احتلال الضفة الغربية والسيطرة عليها.

وتحيط بالضفة الغربية إسرائيل من جميع الجهات، باستثناء الحدود الشرقية التي تفصلها عن الأردن.

تضم الضفة الغربية تضاريس متنوعة من جبال وهضاب وسهول، وتتميز بسيطرة الجبال والمرتفعات على طابعها الجغرافي، وتقسم إلى أربع مناطق رئيسية: سلسلة الجبال الوسطى، وغور وأخدود وادي الأردن، والمنطقة شبه الساحلية، والسفوح الشرقية.

بالنسبة إلى مدن الضفة الغربية، فهي على النحو التالي:

1- القدس.

2- طولكرم.

3- قلقيلية.

4- بيت جالا.

5- بيت ساحور.

6- أريحا.

7- سلفيت.

8- بيت لحم.

9- جنين.

10- نابلس.

11- رام الله (حيث مقر السلطة الفلسطينية).

12- البيرة.

13- طوباس.

14- الخليل.

15- عتيل.

16- يطا.

وتتكون المنطقة من مزيج بين السكان الأصليين واللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا في عام 1948، ومعظمهم كانوا يحملون الجنسية الأردنية حتى عام 1988، وبموجب اتفاقيات أوسلو، أُنشئت السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة الحياة المدنية في بعض المدن في الضفة الغربية، ولتصدر أيضاً جوازات سفر للفلسطينيين.

مناخ الضفة الغربية وطبيعتها

تشتهر هذه المنطقة بطبيعتها الخلابة ومناخها المتنوع والمثير للإعجاب.

تتميز الضفة الغربية بمناخ شبه استوائي، حيث تتراوح درجات الحرارة فيها بين الحارة والمعتدلة على مدار العام، ويشهد فصل الصيف درجات حرارة عالية تتجاوز 30 درجة مئوية، في حين يكون فصل الشتاء بارداً وماطراً مع درجات حرارة تتراوح بين 5 و15 درجة مئوية، كما تتميز الضفة الغربية بفصلَي الربيع والخريف المعتدلين، حيث تكون درجات الحرارة لطيفة وتكثر الأمطار فيها.

من الجبال الشاهقة والوديان الخضراء إلى الأنهار العذبة والسهول الشاسعة، تتوفر في الضفة الغربية مجموعة متنوعة من المناظر الطبيعية الساحرة، وتحتضن هذه المنطقة الغابات الكثيفة والمحميات الطبيعية التي تعد موطناً للكثير من الحيوانات والنباتات النادرة، بالإضافة إلى ذلك، تتميز الضفة الغربية بتنوعها البيولوجي الفريد، حيث يوجد فيها الكثير من النباتات والأشجار المميزة والمهددة بالانقراض.

تعد المناطق الزراعية في الضفة الغربية من أهم المعالم الطبيعية في هذه المنطقة، حيث تُزرع مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل الزيتون والعنب والحمضيات والأعشاب العطرية، وتُعدّ الزراعة مصدراً رئيسياً للدخل للكثير من السكان في هذه المناطق.

ومع ذلك، تواجه الضفة الغربية تحديات بيئية مثل تدهور البيئة وتلوث المياه وانقراض الأنواع، إذ يعمل السكان والسلطات المحلية على اتخاذ إجراءات لحماية الطبيعة والتنمية المستدامة، وذلك من خلال إقامة المحميات الطبيعية وتطبيق سياسات الزراعة الصديقة للبيئة وتشجيع السياحة البيئية.

أبرز المعالم التاريخية في الضفة الغربية

لكل مدينة من الضفة الغربية معالم تاريخية وأماكن سياحية تتمتع بها.

أولها مدينة نابلس، التي تُعدّ مركز محافظة نابلس، وتضم 56 قرية وبلدة، ومن أهم الأماكن فيها:

جبل جرزيم.

بئر يعقوب.

قصبة نابلس (البلدة القديمة).

تل بلاطة.

سبسطية.

وادي الباذان.

أما مدينة بيت لحم، فتُعدّ واحدة من أقدم المدن في العالم، حيث يعود تاريخها إلى العصور القديمة، واشتهرت بكونها مكان ميلاد النبي عيسى (عليه السلام)، بالإضافة لولادة الملك داوود فيها، وبالتالي لها أهمية دينية كبيرة للمسيحيين، وأهم أماكنها التاريخية:

1- برك سيحان.

2- قلعة البرك " قلعة مراد".

3- دير الجنة المقفلة.

4- العين "عين أرطاس".

5- تل الفريديس "هيروديون".

6- وادي خريطون.

7- آبار النبي داود.

8- دير القديس ثيودوسيوس.

9- دير مار سابا.

10- دير مار إلياس.

وفي محافظة الخليل، التي تعد واحد من أقدم المدن في فلسطين والعالم، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 6000 سنة ق.م، من أهم الأماكن السياحية والتاريخية:

1- الحرم الإبراهيمي.

2- كنيسة المسكوبية.

3- البلوطة.

4- بركة السلطان.

5- مشهد الأربعين.

6- متحف الخليل.

7- مقام فاطمة بنت الحسن (رضي الله عنها).

أما في محافظتي رام الله والبيرة، اللتين تقعان في سلسلة جبال فلسطين الوسطى، فنذكر أهم الأماكن التاريخية فيها:

1- خان اللبن.

2- تل سيلون.

3- مغارة شقبة.

4- قرية رأس كركر.

5- عين قينيا.

6- عين سامية/ ظهر المرزبانة.

7- خربة ردانة.

8- تل النصبة.

ومحافظة جنين التي تشرف على سهل مرج بن عامر، تشتهر بالأماكن التالية:

1- تل تعنك.

2- تل الحفيرة (تل دوثان).

3- برقين (كنيسة القديس جرجس).

تاريخ الضفة الغربية

العبرانيون والفلستينيون (إحدى القبائل الكريتية)، تقسمت الأرض بينهما، وبعد ذلك ساد العبرانيون وقامت مملكة إسرائيل ويهوذا، ثم جاءت الهجمات المصرية والآشورية والكلدانية، مما أسفر عن تدمير القدس.

بعد فترة من الاضطراب، احتلّت الإمبراطورية الفارسية المنطقة. تلتها الإمبراطورية اليونانية بقيادة الإسكندر الأكبر. وفي القرن الثاني قبل الميلاد، ثار اليهود وأسسوا دولة مستقلة قبل أن يأتي الرومان ويضعوا فلسطين تحت حكمهم.

بعد الحروب والثورات، دخلت الإمبراطورية الإسلامية وفتحت فلسطين عام 636، ثم جاء الاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين العرب واليهود.

في عام 1948، انسحبت بريطانيا من فلسطين، وفي اليوم نفسه، أعلن ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل، واشتعلت حرب عربية-إسرائيلية أدت إلى هزيمة العرب وما عُرفت بـ"النكبة"، ثم أصبحت إسرائيل مهيمنة على 78% من الأراضي الفلسطينية وهُجِّر أكثر من 750 ألف فلسطيني.

جرى توقيع هدنة "اتفاقيات رودس" في 1949، وأنهت حرب 1948 بين إسرائيل ودول عربية، وحُددت حدود بالخط الأخضر الذي أصبح فاصلاً بين إسرائيل والضفة الغربية، ثم في عام 1951، جرى توحيد الضفة الغربية والشرقية (الأردن) بعد مؤتمر أريحا، وأهل الضفة أصبحوا مواطنين أردنيين.

في حرب 1967، احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية، وأدت هذه النكسة إلى هجرة جديدة للفلسطينيين وصدور قرار مجلس الأمن (242) الذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين.

ثم في 1988، أعلن الملك الحسين بن طلال، فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفة والأردن بناءً على طلب منظمة التحرير الفلسطينية، ثم في 1987 بدأت الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة أطفال الحجارة"، واستمرت حتى عام 1993، وأثّرت على المشهد الدولي وزادت الضغوط على إسرائيل.

وفي أعقاب الانتفاضة الأولى، بدأت جهود لحل الصراع من خلال مفاوضات دولية، ثم في عام 1991، عُقد "مؤتمر مدريد للسلام" بهدف التوصل إلى تسوية سلمية من خلال مفاوضات بين إسرائيل والدول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين.

ثم جاءت اتفاقيات أوسلو بين عامَي 1993 و1995، وهي أول اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقد نصَّت هذه الاتفاقيات على تشكيل السلطة الفلسطينية لإدارة شؤون الفلسطينيين وضبط أمنهم الداخلي في الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة انتقالية.

ثم قُسمت الضفة الغربية بناءً على اتفاقية أوسلو إلى مناطق مختلفة:

مناطق "أ" تخضع للسلطة الفلسطينية بالكامل، وتمثل 18%.

مناطق "ب" تتشارك فيها السلطة الفلسطينية والإسرائيليون إدارياً مع حفظ إسرائيل سيطرتها الأمنية، وتمثل 18% أيضاً.

مناطق "ج" بالكامل تخضع للسيطرة الإسرائيلية بما فيها شؤون الأمن والتخطيط والبناء، وتمثل 60%.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مناطق أخرى تمثل 4% من مساحة الضفة الغربية تتنوع في وضعها القانوني، وتشمل محميات طبيعية ومناطق تخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية، وأمنياً للإسرائيليين، وأخرى غير مصنَّفة.

وفي عام 1994، تولت السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة مدن الضفة الغربية تدريجياً، ومع ذلك لم تتمكن من السيطرة على كامل الأراضي بسبب توقف المفاوضات مع إسرائيل.

خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، ظهرت فكرة بناء الجدار العازل وسيلةً للحماية من الهجمات، وبدأت إسرائيل بناء هذا الجدار عام 2002، ورغم أن الهدف المعلن هو حماية الأمن، فإنه أدى إلى قمع وعزل الشعب الفلسطيني وإفقار اقتصادهم.

شُيِّد أكثر من 700 حاجز ونقطة تفتيش على مساحة الضفة الغربية، مما فرض قيوداً إضافية على حركة الفلسطينيين، وبلغ عدد المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية نحو 483 موقعاً بنهاية عام 2021.

في عام 2022، شهدنا زيادة كبيرة في بناء المستوطنات الإسرائيلية، حيث جرت الموافقة على 83 مخططاً استيطانياً لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية.

الخلاصة

تعد الضفة الغربية من أبرز القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم اليوم، وتحظى بأهمية كبيرة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي على حد سواء، ويتمتع هذا الإقليم بتاريخ ثقافي وتراثي عريق، وهو موطن لكثير من المواقع المقدسة للأديان الثلاثة السماوية.

وفي الختام، تظل الضفة الغربية يتلاقى فيه التاريخ والهوية والنضال، وتحمل ذكريات قديمة وآمالاً مشرقة، وتعبّر عن رغبة الشعب الفلسطيني في الحرية والعدالة، وعن إصراره على الاحتفاظ بتراثه وهويته الفريدة.

نُبقي الضفة الغربية وقضيتها في قلوبنا وأفكارنا، في انتظار اليوم الذي ستنعم فيه بالاستقرار والسلام، ويسقط الاحتلال الصهيوني، ونُبعد هيمنته على أراضينا الفلسطينية العربية.

TRT عربي