فقدت منصة البث العملاقة على الإنترنت نيتفليكس (Netflix) 60 مليار دولار تقريباً من قيمتها السوقية بين عشية وضحاها، وذلك بعد أن تراجعت أسهم الشركة بنحو 22% يوم الجمعة الماضي، ليكون بذلك أكبر انخفاض في يوم واحد منذ يوليو/تموز 2012.
وبهذا الانهيار، تكون أسهم نيتفليكس انخفضت الآن بنحو 45% من أعلى مستوى سجلته نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما يجرى تداول أسهم الشركة عند أدنى مستوى لها منذ أبريل/نيسان 2020، أي بعد أيام قليلة من إغلاق للاقتصاد الأمريكي رفقة الاقتصادات العالمية الكبرى بسبب فيروس كوفيد-19، وهو ما عاد بالنفع الكبير على نيتفليكس ومثيلاتها جراء التزايد المهول في أعداد المشتركين الجدد الذين وجدوا أنفسهم محتجزين أمام شاشاتهم قرابة العامين.
وكان الهبوط حاداً كما لو أن الوباء الذي رفع أسهم الشركة لمستويات قياسية لم يحدث أبداً بالنسبة لمستثمري نيتفليكس، وهو ما فاقم الشعور بالذعر الذي تشهده وول ستريت وسط أسوأ أسبوع للتكنولوجيا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020.
الأسباب وراء نزيف الخسائر
بالشكل الذي ازدهرت به أعمال نيتفليكس خلال فترة كورونا إذ كان الناس عالقين في منازلهم بسبب الحجر الصحي، وكما أضافت الشركة أكثر من 36 مليون مشترك جديد في عام 2020 وحوالي 18.2 مليون آخرين في عام 2021، ها هي الآن إجراءات التخفيف التي بدأت تُعيد الحياة إلى طبيعتها تمحي قرابة 60 مليار دولار من قيمة الشركة بسبب ضعف توقعات نمو المشتركين، فضلاً عن اشتداد حدة المنافسة في قطاع البث عبر الأنترنت.
وفي التقرير الذي نشرته الشركة الخميس الماضي، أشارت نيتفليكس إلى أنها اقتربت من الوصول إلى هدفها الذي حددته مسبقاً والرامي إلى الوصول إلى 222 مليون مشترك يحلول نهاية عام 2021، وتوقعت نمواً أضعف من المتوقع في أعداد مشتركيها في الربع الأول من العام الجاري، وذلك لأن زيادة المنافسة بدأت تؤثر على قدرتها على جذب عملاء جدد.
وقالت نيتفليكس إنها رفعت إجمالي مشتركيها إلى 221.8 مليون، ولفتت نيتفليكس إلى أن صافي الإضافات للأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري سيكون أسوأ ربع منذ أكثر من عقد، إذ سيصل إلى 2.5 مليون مشترك جديد، مقارنة مع توقعات السوق البالغة 5.9 مليون، مستشهدة بما وصفته بـ"المنافسة المحتدمة" مع نظيراتها Hulu وAmazon و Disney Plus.
%22 في يوم واحد
سجلت أسهم نيتفلكس (NFLX) انخفاضاً بنسبة 25% منذ إصدار تقريرها الأخير يوم الخميس الماضي، لتتداول عند 366.42 دولار للسهم الواحد اليوم الأربعاء، وهي خطوة من شأنها أن تهبط بقيمتها السوقية بأكثر من 60 مليار دولار وتعيد السهم إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في مايو/أيار من عام 2020.
فبعد أن وصل سعر السهم إلى مستويات قياسية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، متجاوزاً حاجز الـ700 دولار، وذلك بعد شهرين من بدء عرض مسلسل Squid Game، الأكثر مشاهدة على المنصة منذ تأسيسها عام 1997، ورغم شعبية المسلسل الجارفة التي ساهمت في رفع أسهم نيتفليكس، يبدو أن المسلسل الكوري الجنوبي استنفد جميع قدراته لتجنيب نيتفليكس حمام الدم الذي أعقب ذلك، والمستمر منذ 5 أيام.
وقالت نيتفليكس إن أرباح الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت ثابتة عند 1.15 دولار للسهم، بانخفاض 3.3% عن نفس الفترة من العام الماضي ولكنها متجاوزة توقعات الشارع عند 82 سنتاً للسهم، فيما ارتفعت الإيرادات بنسبة 16% إلى 7.71 مليار دولار.
منافسة محتدمة
قد لا يكون انفتاح الاقتصادات العالمية وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها هو الشيء الوحيد الذي يعوق نمو نيتفليكس، بل إن المنافسة المستعرة منذ عامين بدأت تلحق خسائر بنيتفليكس وتستنزف من حصتها من المشتركين الجدد بشكل عام، فخلال العامين الماضيين لم يغير الوباء التحول إلى البث عبر الانترنت وحسب، بل عجّل فيه وأدخل شركات إعلامية عملاقة إلى خط ميدان المنافسة بجانب الشركات التي كانت موجودة وتنمو على حساب نيتفليكس.
فبينما يلغي الملايين من الأمريكيين البث التلفزيوني التقليدي المدفوع كل عام ويتوجهون نحو منصات البث عبر الإنترنت التي تتيح منتجاً دفقاً غير مجمّع يسمح للمستهلكين بالمشاهدة أينما ومتى يريدون، بدأت الشركات الإعلامية الكبرى بتنظيم أعمالها بالكامل للاستحواذ على شريحة من القيمة المتزايدة لنيتفليكس.
وفقاً لتقرير صادر عن JustWatch، فقد نمت حصة +Apple TV في السوق بنسبة 1% في الولايات المتحدة خلال الربع الرابع من عام 2021. وللمقارنة، تملك منصة HOB Max ما نسبته 12% من حصة البث في الولايات المتحدة، بينما تسيطر Hulu وDisney + وكلاهما مملوك لشركة Disney على 13% من حصة السوق لكل منهما.
وبينما حلت Amazon Prime في المرتبة الثانية بحصة 19%، ما زالت Netflix تسيطر على المركز الأول بنسبة 25%، وذلك رغم انخفاض عدد مشتركيها بنسبة 2% مقارنة بالربع السابق.