مرت ستة أشهر على "كارثة القرن" التي تسببت بها زلازل قهرمان مرعش في 6 فبراير/شباط، والتي طالت 11 ولاية جنوب شرقيّ تركيا وأثرت في حياة 14 مليون مواطن.
وفي أعقاب الدراسات المفصلة، قررت وزارة البيئة والتوسع الحضري وتغير المناخ، بناء إجمالي 850 ألف وحدة مستقلة ما بين 680 ألف مسكن ومنزل قروي، إلى جانب 170 ألف محلّ تجاري ومصنع بدلاً من المباني التي دُمّرت وتضررت بشدة في الزلازل.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مشاركته في حفل وضع حجر أساس مشاريع تحول عمراني في ولاية قهرمان مرعش الخميس، أن حكومته تسعى لبناء 6.5 مليون شقة سكنية في عموم البلاد ضمن مشروع تحول عمراني مقاوم للزلازل، مؤكداً أن حكومته ستُعيد إعمار المباني والمرافق العامة والبنى التحتية في جميع المدن التي دمرها زلازل 6 فبراير/شباط.
خطط إعمار ضخمة
ومن المخطط بناء 536 ألفاً و729 مسكناً دائماً في الولايات الـ11 التي ضربتها كارثة القرن. 82 ألفاً و104 منازل ستُبنَى في قهرمان مرعش، مركز الزلازل، و220 ألفاً و66 منزلاً في هاطاي، أكثر الولايات تضرراً من عاصفة زلازل 6 فبراير/شباط، بالإضافة إلى أدي يامان وملاطية وغازي عنتاب.
ويُعتبر الهدف الأول استكمال بناء 319 ألف منزل، وفي هذا السياق يتواصل بناء 107 آلاف و355 منزلاً بدأ العمل في بنائها بعد الكارثة مباشرة، إذ وعدت الحكومة التركية بتسليمها لمنكوبي الزلازل قبل نهاية هذا العام، وفقاً لتقرير مفصَّل نشره موقع TRT Haber.
بالإضافة إلى الشقق السكنية، ستُبنَى 143 ألفاً و271 منزلاً قروياً. ومن بين منازل القرية التي ستُبنَى في عموم القرى التي تضررت من الزلازل، 37 ألف منزل قيد الإنشاء حالياً.
علي سبيل المثال، في غازي عنتاب وقهرمان مرعش سُلّم 20 منزلاً قروياً في أول 45 يوماً، وما يقرب من 100 منزل آخر حتى الآن.
وتسير أعمال بناء المساكن الدائمة في نفس الوقت في 11 مقاطعة من أجل جلب الناجين من الكوارث إلى منازلهم الدافئة. في بالمجمل ستُبنَى 680 ألف مسكن دائم ما بين شقق سكنية ومنازل قروية، وتُسلَّم لضحايا الزلازل في أقرب وقت.
خطط شاملة
بالإضافة إلى الشقق السكنية ومنازل القرى المصممة وفقاً للهندسة المعمارية المحلية، ستُبنَى المرافق الصحية والمدارس والمساجد، وكذلك المنشآت الحكومية والمرافق العامة. كما تُجدَّد خدمات البنية التحتية كاملةً.
وتأتي مرافق الخدمات الصحية على رأس أولويات الحكومة، فقد اكتمل بناء مستشفى دفنه الحكومي في هاطاي، الذي بُنيَ على مساحة 25 ألف متر مربع، في فترة قصيرة تبلغ شهرين، وبدأ تقديم الخدمات الصحية، كما أن مستشفيات أنطاكيا وإسكندرونة هي التالية على جدول الحكومة المستعجل.
ولم يُنسَ التجار الذين تضررت مصالحهم بشدة في الزلازل. سُلّمَت 3 آلاف و400 مكان عمل اكتمل بناؤها. وفي هذا السياق أُنشئَت 9 أسواق وسط مدينة أدي يامان بمساهمة من بلديات المقاطعات الأخرى، حيث بدأ التجار الخدمة مرة أخرى في الحاويات وأماكن العمل الجاهزة في البازارات.
وسيُبنَى أيضاً ما مجموعه 114 ألفاً و320 مكان عمل في الولايات الـ11 المنكوبة جنوب شرقيّ تركيا.
مشروع "التحول في الموقع"
مباشرة بعد زلازل قهرمان مرعش، وبكثافة طوال 6 أشهر، استمرت وزارة البيئة والتوسع الحضري وتغير المناخ في حشد جميع وسائلها لإعادة الحياة إلى طبيعتها في منطقة الكارثة.
فيما صرح الوزير محمد أوزهسكي بأن بناء 180 ألف منزل وُضعَت أساساتها من إجمالي 850 ألف وحدة ستُبنَى في المنطقة، يتزايد بسرعة. وأوضح أوزهسكي أن طلبات مشروع "التحول في الموقع" التي بدؤوا بها من أجل التعافي السريع للمنطقة، وصلت إلى 155 ألفاً و293 طلباً.
وفي منشور على حسابه الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي، ذكر أوزهسكي أن 6 أشهر مرت منذ الزلازل التي أثرت مباشرة في 11 مدينة و14 مليون شخص، وأوضح أن مشروع "التحول في الموقع" لاستعادة منطقة الكارثة في أقرب وقت ممكن أتاح الفرصة للمواطنين لترميم وإعادة بناء منازلهم من خلال توفير منحة قدرها 500 ألف ليرة وقروض بلا فوائد تصل إلى 800 ألف ليرة.
تركيا تحصّن نفسها ضد الزلازل
سرّعت كارثة الزلازل قبل 6 أشهر زخم مشاريع التحول الحضري في عموم الولايات التركية، وبالأخصّ مدينة إسطنبول التي يسكنها نحو 20 مليوناً من أصل 86 مليون مواطن تركي. وفي معرض حديثه يوم الخميس قال أردوغان: "نهدف إلى إعادة بناء 6.5 مليون شقة سكنية بسرعة في جميع أنحاء تركيا، وعندما نستكمل المشروع ستكون مدننا أجمل وجاهزة للزلازل".
وأوضح أن الحكومة أنجزت بناء 3.3 مليون شقة سكنية في إطار مشروع التحول العمراني خلال العقدين الماضيين، وبذلك أسهمت الحكومة في تأمين سكن آمن لـ20 مليون مواطن.
وفي ما يخصّ مدينة إسطنبول الضخمة، التي تستعدّ لزلزال مرمرة المحتمل، من المخطط تجديد 1.5 مليون مسكن في المدينة الضخمة، من أصل ما يقرب من 6.5 مليون مسكن ونحو مليون و200 ألف مكان عمل، وفقاً لتقرير على موقع TRT Haber.
وسبق أن أعلن الرئيس التركي في أبريل/نيسان الماضي حملة تحوُّل عمراني بإسطنبول تتكفل الحكومة فيها بنصف تكاليف إعادة بناء المباني القديمة. وفي العقود الماضية أولت الحكومة التركية هذا الملف أهمية عبر سلسلة من المشاريع والقوانين.
تجدر الإشارة إلى اختيار إسطنبول كـ"منطقة تجريبية" ضمن نطاق مشروع "تحول القرن" الذي تنفذه وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ بالتعاون مع البلديات المحلية.