33 عاماً على توحيد ألمانيا.. انقسامات مستمرة وصدوع لم تلتئم / صورة: AA (AA)
تابعنا

في مثل هذا اليوم، 3 أكتوبر/تشرين الأول 1990، وقع حدث بالغ الأهمية في قلب أوروبا، إذ أُعيد توحيد ألمانيا الشرقية والغربية رسمياً إيذاناً بنهاية حقبة الحرب الباردة. لقد مهّد سقوط جدار برلين في عام 1989 الطريق أمام هذا التوحيد التاريخي، الذي جرى الاحتفال به باعتباره انتصاراً للديمقراطية وخطوة نحو ألمانيا أكثر اتحاداً وازدهاراً.

ورغم مرور 33 عاماً على التوحيد السياسي وزوال الحاجز المادي للجدار، من الواضح أن الانقسامات والصدوع لا تزال قائمة، ما يكشف عن واقع معقد ودقيق يتحدى فكرة الأمة التي شُفيت بالكامل.

وهو الواقع ذاته الذي لفت إليه مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا، كارستن شنايدر، في مقابلة مع DW، إذ قال: "رغم الانتعاش الاقتصادي في شرق ألمانيا بعد الوحدة، تكشف التقارير عن أن الانقسامات ما زالت قائمة بعد 33 عاماً من الوحدة".

أصل الحكاية

كان تقسيم ألمانيا إلى شرق وغرب بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة للمشهد الجيوسياسي بعدها. وانضمت ألمانيا الغربية، بقيادة جمهورية ألمانيا الاتحادية، إلى الدول الغربية، في حين وقعت ألمانيا الشرقية، أو جمهورية ألمانيا الديمقراطية، تحت تأثير الاتحاد السوفييتي، وتبنت الأيديولوجية الشيوعية. وكان هذا الانقسام أكثر من مجرد سياسي، إذ لحقته انقسامات اجتماعية واقتصادية وثقافية أيضاً.

وكان سقوط جدار برلين في عام 1989 والثورة السلمية اللاحقة في ألمانيا الشرقية سبباً في ميلاد أحلام إعادة التوحيد. وشاهد العالم برهبة الألمان من جانبي الجدار وهم يعانقون بعضهم بعضاً، وهو ما يرمز إلى نهاية حقبة، والوعد ببداية جديدة.

وحصل التوحيد رسمياً في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1990 بانضمام ألمانيا الشرقية إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية. ورغم الحريات التي جلبها سقوط جدار برلين، لكن الانقسامات والفوارق الاقتصادية والاجتماعية ما زالت مستمرة.

وحدة غير مثالية

على الرغم من الإنجاز السياسي الذي وحّد شطري ألمانيا الشرقي والغربي قبل أكثر من ثلاثة عقود، لكن خطوط الصدع ما زالت قائمة، وفقاً لما ذكره المفوض شنايدر الذي أضاف قائلاً: "إن إعادة توحيد شطري ألمانيا قد اكتملت، لكنها ليست مثالية"، مضيفاً أنه من الضروري أن يترسخ مفهوم الوحدة بالكامل في أذهان سكان البلاد".

ورغم وعد المستشار الراحل هيلموت كول، مهندس إعادة التوحيد، مواطني ألمانيا الشرقية "بمناظر طبيعية مزدهرة" في عام 1990، فإن الانتعاش الاقتصادي الشرقي أثبت أنه أبطأ بكثير وأكثر إيلاماً مما كان يتخيل.

ما زالت الفجوة الاقتصادية بين شطري ألمانيا، بما في ذلك الانخفاض في الرواتب والثروات مقارنة بالشق الغربي، جلية للعيان. ووفقاً لشنايدر ففي عام 2022، كان متوسط الراتب السنوي في ولايات غربي البلاد أعلى بأكثر من 12 ألف يورو مقارنة بالرواتب السنوية في الولايات في شرقي ألمانيا، كما أن معدلات الادخار أظهرت هذا التفاوت بشكل جلي أيضاً.

كما أن التحديات الديموغرافية في الشرق ما زالت شاخصة أمام استدامة المجتمعات في الشرق. بحسب رويترز، فقد غادر ألمانيا الشرقية نحو مليوني شخص، وخاصة الشباب والنساء، منذ إعادة التوحيد في عام 1990، ولم ينتقل إليها سوى عدد قليل من الشركات العالمية الكبرى.

مواطنون من الدرجة الثانية

بعد ضخ أموال نقدية بقيمة تريليوني يورو على مدى ثلاثة عقود من الزمن، لا يزال نصيب الفرد من الناتج الاقتصادي في الشرق يعادل ثلاثة أرباع المستويات في ألمانيا الغربية. فالإنتاجية أقل، والبطالة أعلى بنقطتين مئويتين مما هي عليه في الغرب.

وفي تجسيد للشعور بالإحباط والمرارة في المنطقة، يعتبر ما يقرب من 60% من سكان شرق ألمانيا أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية، ويقول أكثر من نصفهم إن إعادة توحيد ألمانيا لم تكن ناجحة، وفقاً لاستطلاع رأي سابق نشرته فايننشال تايمز.

وقال إلكو ساشا كوفالشوك، المؤرخ ومؤلف كتاب "الاستيلاء": "كيف أصبحت ألمانيا الشرقية جزءاً من الجمهورية الفيدرالية؟ إن الصدمة الاقتصادية لإعادة التوحيد عطّلت النسيج الاجتماعي بأكمله لألمانيا الشرقية". وأضاف: "منذ عام 1990، يحاول العديد من الألمان الشرقيين أن يكونوا ألمانيين أكثر من الألمان الفيدراليين في أي وقت مضى، وهذا يؤدي إلى قومية وعنصرية مفتوحة"، وفقاً لما نقلته رويترز.

TRT عربي
الأكثر تداولاً