على مدار شهر، ما بين 12 يناير/كانون الثاني و10 فبراير/شباط، يتنافس 24 منتخباً آسيوياً في قطر من أجل نيل الكأس القارية الأغلى على مستوى المنتخبات، وتتفاوت الحظوظ في البطولة التي تُقام مرة كل 4 سنوات، وتعود إلى الخليج للمرة الثانية توالياً بعد نسخة الإمارات 2019.
ويبدو لافتاً مشاركة 10 منتخبات عربية نصفها خليجية في المسابقة الآسيوية التي تقام على 9 ملاعب في قطر، بينها 7 احتضنت مباريات عالمية خلال مونديال 2022.
منتخبات البطولة
ويشارك في كأس آسيا 24 منتخباً جرى توزيعها على 6 مجموعات، تضم كل مجموعة 4 منتخبات، ويتأهل الأول والثاني إلى الدور ثمن النهائي، كما تتأهل أفضل 4 منتخبات احتلت المركز الثالث في المجموعات الست.
وتضم المجموعة الأولى منتخبات قطر (حامل اللقب) ولبنان والصين وطاجيكستان، وتتألف المجموعة الثانية من منتخبات أستراليا وأوزبكستان وسوريا والهند، في حين حضرت منتخبات إيران والإمارات وفلسطين وهونغ كونغ بالمجموعة الثالثة.
وفي المجموعة الرابعة حضرت منتخبات اليابان والعراق وإندونيسيا وفيتنام، وتضم المجموعة الخامسة منتخبات كوريا الجنوبية والأردن والبحرين وماليزيا، فيما جاءت منتخبات السعودية وعُمان وتايلندا وقيرغيزستان بالمجموعة السادسة.
وتشكل كأس آسيا -التي تحتضنها قطر للمرة الثالثة بتاريخها بعد نسختَي 1988 و2011- نسخة مونديالية مصغرة، بعدما استضافت الدولة الخليجية نهائيات كأس العالم لكرة القدم أواخر 2022 بمشاركة 32 منتخباً انتهت بتتويج الأرجنتين على أرضية استاد لوسيل الذي يحتضن المواجهتين الافتتاحية والختامية للبطولة الآسيوية.
حظوظ المنتخبات
وتدخل قطر البطولة متسلحة بعاملي الأرض والجمهور، كما أنها مطالبة بالاحتفاظ بلقبها القاري الذي تُوّجت به في النسخة الماضية بعد أداء باهر، لكن مهمتها ستكون أكثر صعوبة في ظل تحفز منتخبات أستراليا واليابان وإيران والسعودية وكوريا الجنوبية التي تتطلع لإنهاء انتظارها الطويل بعد تتويج قاري وحيد عام 1960.
وفي هذا السياق أجرى موقع أوبتا العالمي المتخصص بتحليل بيانات كرة القدم توقعات اعتمد فيها على كمبيوتر "خارق" حلّل خوارزميات ومعلومات معقدة للوصول إلى التوقع النهائي باسم الفائز بلقب النسخة القارية الـ18.
وحسب الإحصائيات يعد منتخب اليابان المرشح الأوفر حظاً للصعود على منصات التتويج الآسيوية بنسبة 24.6%، يليه نظيره الكوري الجنوبي بنسبة 14.3%، ثم إيران بـ11.2%.
ويتنافس المنتخبان الأسترالي والسعودي على اللقب بنسبة 10.7% و10.6% توالياً، في حين بلغت احتمالية فوز العنابي القطري باللقب للمرة الثانية على التوالي 9.8%، فيما جاء خلفه الأبيض الإماراتي بفارق كبيرة بنسبة لم تتجاوز 3%.
هؤلاء الأبرز
ويقول المحلل الرياضي العُماني فاضل المزروعي إن المنتخب الياباني يُعَد أبرز المرشحين على الإطلاق، إذ يقدم في الفترة الأخيرة مستويات خرافية اكتسح من خلالها منتخبات عدّة، وبنتائج كبيرة، ما جعله منتخباً عالمياً.
ويضيف المزروعي لـTRT عربي أن كوريا الجنوبية وأستراليا تأتيان في المرتبة الثانية خلف اليابان لانتزاع اللقب الآسيوي.
ويعتقد أن منتخب أوزبكستان سيكون "الحصان الأسود" في البطولة بعدما تقدم في التصنيف الآسيوي والعالمي، علاوةً على النتائج التي حققتها الفرق الأوزبكية في دوري المجموعات بدوري أبطال آسيا، الأمر الذي يعكس تطور مستوى كرة القدم الأوزبكية.
أما عربياً فيوضح المزروعي أنه من الصعب التكهن بحظوظ المنتخبات العربية المشاركة في "قطر 2023" بسبب عدم استقرار مستواها وظروف أخرى.
ومع ذلك يستدرك بالقول: "منتخب قطر باعتباره مستضيفاً للبطولة ونظيره السعودي من ضمن الأبرز، ويضاف إليهما منتخب عُمان الذي يعيش فترة استقرار فني مع مدربه الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش".
ومن الصعب التنبؤ بالمنتخبات العربية التي ستخيب آمال جماهيرها، فأغلبية المنتخبات تواجه عدم رضا من وسائل الإعلام والجماهير الكروية في بلادها، حسب المزروعي.
ويلفت المحلل الرياضي إلى أن منتخب قطر يواجه صعوبة كبيرة في الحفاظ على لقبه لأسباب عدّة، منها عدم إقناع المنتخب فنياً في الفترة الأخيرة وغياب الاستقرار الفني بسبب تغيير المدرب، وكذلك إصابة عدد من لاعبيه.
ومن الأسباب أيضاً التي تزيد مهمة العنابي صعوبة رغم إقامة البطولة على أرضه تطور مستوى منتخبات القارة المذهل، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، التي ستتنافس على اللقب، إلا إذا تصادمتا في الأدوار الإقصائية.
آمال وتطلعات
من جانبه اتفق رئيس تحرير جريدة فوز الرياضية العراقية إياد الصالحي مع ما ذهب إليه المزروعي، وقال إن "الساموراي" الياباني أكثر جاهزية بين جميع المنتخبات، عطفاً على نتائجه الأخيرة التي اكتسح فيها 10 منتخبات قوية مثل ألمانيا وتركيا وبيرو وغيرها بنتائج ثقيلة عزّزت مكانته على قمة نُخبة آسيا المُرشحة للقب.
ويوضح الصالحي في حديثه مع TRT عربي أن تطور مستوى اليابان الكروي استحقاق طبيعي في ظل النهضة النوعية التي تشهدها البلاد منذ أواسط عقد التسعينيات، حيث ثأرت لتبخّر آمالها في تصفيات كأس العالم 1994 لتبدأ رحلة التقدم فوق المستطيل الأخضر.
أما المنتخبات العربيّة فيقف العنابي في طليعة الطامحين إلى بقاء الكأس في داره، رغم أن الأداء الفردي والمستوى الفني في الفترة الأخيرة شابهما التذبذب في بعض المباريات الاستعداديّة، وفق الصالحي.
ويضيف أن المنتخب السعودي يدخل على خط التنافس الشرس، "مُستثمراً العرض الخلّاب الذي يحفظه التاريخ له على أرض مونديال العرب قبل عام تقريباً"، في إشارة منه إلى فوزه التاريخي على الأرجنتين في مستهل مشوارهما في "قطر 2022".
ويبيّن الصالحي أن العراق يأتي ثالثاً من حيث الحظوظ العربية حالماً بتكرار ملحمة جاكرتا 2007، عندما تُوّج باللقب القاري في ظل ظروف غاية في الصعوبة عاشها البلد العربي آنذاك.
ويستدرك بالقول: "ظروف المنتخب العراقي اليوم مختلفة ويقوده المدرب الإسباني كاساس الذي يواجه انتقادات عنيفة لعدم استقراره على تشكيلة ثابتة لأسود الرافدين منذ ظفره بكأس "خليجي 25" في البصرة قبل عام، واستمراره بتجريب أكثر من 80 لاعباً بدءاً من تسلمه المهمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022".
ويرجح تألق منتخبات الأردن والبحرين والهند بسبب حضورها القوي في مناسبات قريبة، لكن الصالحي يرى أنه من الصعب تحديد أي من المنتخبات التي ستصدم جماهيرها.
ويعلّل الصحفي الرياضي المخضرم توقعه أن الأمر يشمل حتى الفرق الكبيرة والمُرشحة للقب، مضيفاً أن "كرة القدم تتلاعب بها الحالة النفسية والإصابات المُفاجئة والحظّ العامل الأكبر في ضياع فرص سهلة ووداع البطولة من الباب الخلفي".
يُذكر أن اليابان الأكثر تتويجاً بلقب البطولة الآسيوية منذ انطلاقها عام 1956 برصيد أربعة ألقاب، تليها السعودية وإيران بثلاثة ألقاب، ثم كوريا الجنوبية بلقبين، علماً بأن منتخبات قطر والكويت والعراق وأستراليا تُوّجت بلقب لكل منها.