خلال مشاركته في حدث (Forum Metaverse) الذي نظمه حزب العدالة والتنمية، الاثنين، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "إن إمكانات تركيا وصلت إلى مستوى لإنشاء وادي السيليكون الخاص بها". وأضاف: "إنني أعلن الفترة المقبلة فترة تعبئة رقمية".
وفي معرض حديثه، أشار أردوغان إلى أن العالم في طريقه إلى التعزيز الكامل لعصر جديد مبني على التقنيات الرقمية، مؤكداً أن هذه العملية تتطلب البناء السريع ونشر تقنيات البنية التحتية الجديدة مثل 5G و 6G، بالإضافة إلى الاستثمارات طبعاً.
خلال العقدين الماضيين، لم تكتفِ حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة ببناء المستشفيات والطرق والأنفاق والجسور والسدود ومحطات الطاقة فقط، بل نفذت أيضاً استثمارات كبيرة في المجال التكنولوجي والرقمي ضمنت الارتقاء بالتكنولوجيا والتقنيات المحلية، من خلال دعم المنتج الوطني وتشجيع الاستثمار في مثل هذه المجالات، بالإضافة إلى إنشائها "وادي السيليكون" التركي الذي كان شاهداً على بزوغ مشاريع تقنية غزت العالم.
"وادي المعلوماتية" التركي
أواخر عام 2019، افتتحت تركيا رسمياً مركز "وادي المعلوماتية" (Bilişim Vadisi) الأكبر في البلاد، بولاية قوجة إيلي، شمال غربي البلاد. وإنشاء الوادي التركي على غرار "وادي السيليكون" الأمريكي الذي انطلقت منه شركات التكنولوجيا والتقنية الأمريكية لتغزو العالم أجمع.
وخلال حديثه في حفل الافتتاح، قال وزير التكنولوجيا والصناعة مصطفى وارانك: "نفتتح اليوم رسمياً وادي التكنولوجيا الأكبر في بلادنا بهدف تعزيز استقلالنا الاقتصادي والتكنولوجي".
إنشاء الوادي على مساحة تقرب من 3 ملايين متر مربع، منها 10 آلاف متر مربع خصصت كبيئة مكتبية لأصحاب المشاريع لتطوير أفكارهم. كما سيجري دعم رواد الأعمال في أمور مثل التوجيه والدعم الاستشاري فيما يتعلق بمشاريعهم ومساعدتهم على الوصول إلى مصادر التمويل.
وخطط للمشروع ليكون مكملاً للجامعات التركية الرائدة في المجالات الصناعية والتكنولوجية، فيما تتمثل مهمته في تطوير المشاريع والتعاون بشكل يركز على توفير حلول لاحتياجات الصناعة، ما سيساعد على تحويل المنطقة إلى قاعدة تكنولوجية وتعليمية.
وإلى جانب مساهمته في تنشيط الاقتصاد التركي وخلق علامة تكنولوجية وتقنية تركية على مستوى العالم، سيوفر الوادي فرص عمل لحوالي 150 ألف شخص. كما سيجري إعفاء الشركات من العديد من ضرائب الدخل، وكذلك ضرائب الاستيراد والتصدير.
شركات التكنولوجيا التركية نحو العالمية
كان العام الماضي شاهداً على خروج أكثر الأفكار جاذبية في عالم التجارة الإلكترونية من تركيا، وليس من وادي السيليكون في الولايات المتحدة كما عهدنا دائماً.
إذ ضخ المستثمرون مليارات الدولارات في شركات ناشئة تعمل في مجال توصيل منتجات البقالة خلال 10 دقائق، وأحد الرائدين في هذا المجال كان شركة "غيتير" Getir التركية، التي تجاوزت قيمتها السوقية مليارات الدولارات.
وإلى جانب تجربة "غيتير" التي لاقت رواجاً عالمياً غير مسبوق، بزغ أيضاً نجم شركات تركية رائدة في المجالات التكنولوجية والرقمية. فخلال الصيف الماضي كانت شركات تكنولوجيا تركية كـ"ترنديول" Trendyol و"هيبسيبورادا" Hepsiburada، ومطورو الألعاب "بيك غيمز" Peak Games و"دريم غيمز" Dream Games، يشهدون ارتفاعاً لقيمتهم السوقية التي تخطت مليار دولار، وهو الحاجز العالمي الذي عنده تعتبر الشركات الناشئة ناجحة.
تعبئة رقمية في تركيا
وخلال خطابه الأخير، لفت أردوغان الانتباه إلى حقيقة أن الأزمة الأوكرانية الروسية الأخيرة، بالإضافة إلى العديد من الأمثلة السابقة، أظهرت أنه: "إذا لم يكن لديك البنية التحتية فضلاً عن الخبراء والتقنيات الخاصة بك، أي إذا لم تقف على قدميك محلياً ووطنياً، فأنت في كارثة".
وأشار أردوغان إلى أن ما يهم في العالم الرقمي هو قوتنا الخاصة تماماً كما هو الحال في الدبلوماسية والاقتصاد والجيش. واستطرد قائلاً: "لا يمكننا وضع رؤوسنا على الوسادة بقلب مسالم دون تطوير تقنياتنا وبرامجنا الأصلية وإنتاج المحتوى الأصلي الخاص بنا. لا يمكن لمجتمع تعتمد عقولهم وقلوبهم على قنوات أخرى أن يكون له مصير مشرق".
ولم يكتفِ أردوغان باستعراض الحقائق وحسب، بل أعلن أن "الفترة التالية هي فترة التحول الرقمي" في عموم تركيا. مؤكداً أن الفترة القادمة هي فترة تعبئة رقمية، وأضاف قائلاً: "المستقبل ينتمي إلى من يصممه".