تابعنا
في الوقت الذي حذّرت فيه منظمة الصحة العالمية من احتمال ألّا يكون هناك "حلّ سحريّ" للقضاء على فيروس كورونا، تواصل دولٌ عديدة عملها لتطوير لقاحات ضد هذا الفيروس الذي أصاب الملايين حول العالم.

في الوقت الذي يعتقد كثير من الناس حول العالم بأنه لا توجد تطورات كبيرة في مسألة تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، تخوض مجموعة من الدول، على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين وكذلك الهند، منافسة عالمية لإنتاج أول لقاح ناجح ضد الفيروس، قد تظهر بعض نتائجها للعلن في الفترة القادمة.

بريطانيا تعمل بجد

يُعد لقاح ChAdOx1 nCoV-19، الذي طوره الباحثون في جامعة أكسفورد بالتعاون مع شركة الأدوية أسترا زينيكا ‏متعددة الجنسيات وبالشراكة مع عدد من المستشفيات حول العالم، من أبرز اللقاحات التي قد تظهر للعالم في الفترة القادمة، خصوصاً بعد نجاحه في تطوير مضادات في جسم الإنسان لصد الفيروس في مرحلتي الاختبار الأولى والثانية، دون أن تظهر أي أعراض جانبية على المتطوعين الذين تم حقنهم به.

والآن يُختبر اللقاح في المرحلة الثالثة، التي تتضمن حقن عشرات آلاف المتطوعين في بريطانيا والولايات المتحدة وفي دول العالم الثالث أو دول نامية، خصوصاً في البرازيل وكذلك في جنوب إفريقيا، بهدف معرفة سلوك اللقاح في بيئات مختلفة، ولم يحدد الباحثون الموعد الذي سينتج فيه اللقاح للعالم، إلا أن شهر سبتمبر/أيلول المقبل سيكون حاسماً بعد إعلان نتائج هذه المرحلة.

لقاح منافس في أمريكا

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد نجحت شركة "مودرنا" الأمريكية بالتعاون مع معاهد الصحة الوطنية، في تطوير لقاح ميرنا-1273 الذي نجح في مرحلتيه الأولى والثانية، بعد أن جُرب على قردة ومن ثم على بعض المتطوعين من الناس، وقد دخل هذا اللقاح في المرحلة الثالثة من الاختبار يوم 27 يوليو/تموز، حيث سيُجرب على 30 ألف متطوع.

ومن المتوقع أن يُعلن عن نتائج هذا اللقاح في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، ويُعد هذا اللقاح الذي يستخدم المواد الوراثية لتحفيز الاستجابة المناعية واحداً من عديد من اللقاحات المرشحة في الشوط الأخير من السباق العالمي للوصول إلى لقاح لفيروس كورونا.

لقاح أمريكي ألماني

لقاح آخر يُنافس اللقاحات السابقة، وهو الذي تطوره شركة فايزر الأمريكية للأدوية، وشريكتها الألمانية بيونتيك، اللتان حصلتا على الموافقات الخاصة ببدء التجارب السريرية في المرحلة الثالثة المتقدمة للقاحهما التجريبي المضاد لفيروس كورونا، التي قد تشمل نحو 30 ألف متطوع من عدة بلدان، واتفقت الشركتان مع وزارة الدفاع الأمريكية لإنتاج كمية كبيرة من اللقاحات بعد انتهاء المرحلة الثالثة.

لقاحات مبشرة في روسيا

تسير الأمور على ما يرام في روسيا، بحسب الأخبار والتصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام الرسمية في البلاد، والتي تقول إنه قد تظهر عدة لقاحات روسية للعلن في الأيام القليلة القادمة، لتكون روسيا سبّاقة بين الدول المنافسة لها في إنتاج اللقاح.

اقرأ أيضاً:

فقد صادقت السلطات الصحية الروسية على بدء الاختبارات السريرية للقاح مركز "فيكتور" العلمي الحكومي الروسي للفيروسات والتكنولوجيا البيولوجية، ضد فيروس كورونا، كما أعلن معهد الطب العملي والتكنولوجيا البيولوجية التابع لجامعة سيتشينوف بموسكو، دخول التجارب في المرحلة الثالثة.

وبحسب وكالة "تاس" الروسية فإن لقاحاً ثالثاً طوره مختصون عسكريون وعلماء من مركز "غيمالي" التابع لوزارة الدفاع الروسية، أنهى مرحلته الثالثة وبات جاهزاً للانتاج ليكون أول لقاح عالمي مضاد لفيروس كورونا، وقد صرح وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، أن استخدام لقاح محتمل ضد فيروس كورونا المستجد في روسيا قد يبدأ في شهر أغسطس/آب القادم بتطعيم الفئات التي تعد في خطر مرتفع.

قد يأتي اللقاح من الصين

تعمل شركة "سينوفارم" الصينية الآن على تجارب المرحلة الثالثة السريرية، لتقييم صلاحية اللقاح للإنتاج التجاري على نطاق واسع، وتجري التجارب على تلقيح عشرات الآلاف من المتطوعين في كل من كندا والبرازيل والإمارات، إضافة إلى الصين، ومن ثم تعريضهم للإصابة عمداً بفيروس كورونا واختبار مدى فعالية اللقاح في الوقاية من العدوى، وقوة الأجسام المضادة التي يساعد اللقاح على إنتاجها في الدم.

وصرحت الشركة بأن النتائج التي أظهرتها تجارب المرحلتين الأولى والثانية كانت ناجحة جداً، ولذلك أنتجت الشركة في معاملها بالفعل 4 ملايين جرعة من اللقاح، استعداداً للبدء في الإنتاج التجاري بمجرد أن تنتهي تجارب المرحلة الثالثة، إلا أن منظمة الصحة العالمية أبدت تحفظاتها على هذا اللقاح.

الهند تدخل المنافسة

دخلت الهند في مجال المنافسة العالمية في إنتاج اللقاح، بعدما أفادت صحيفة "تايمز أوف إينديا" الهندية بأن نتائج التجارب الأولية مشجعة للقاح "كوفاكسين" المضاد للفيروس، الذي تعمل على تطويره شركة "بهرات بيوتيك إنديا" بالتعاون مع المعهد الوطني للفيروسات في الهند التابع للمجلس الهندي للأبحاث الطبية المضادة، ومن المنتظر أن تدخل التجارب في المرحلة الثانية في الأيام القادمة.

لماذا تأخر إنتاج لقاح فيروس كورونا حتى هذا اليوم؟

يقول الطبيب المختص في الصحة العامة د.عنان الخطيب، في حواره مع TRT عربي: "إن طبيعة فيروس كورونا الذي يندرج تحت فيروسات الحمض النووي الريبي (RNA) الفتاكة، تحتاج إلى فترة طويلة لتطوير لقاح ناجح، وذلك يعود لعدة عوامل، أولها فهم التركيبة الجينية للفيروس ومعرفة ما يلائمه من مضادات ولقاحات".

اقرأ أيضاً:

ويتابع عنان: "أن اللقاحات عموماً تستغرق فترات طويلة قد تمتد إلى سنوات للوصول إلى السوق، إذ يجب أن تمر بست خطوات تنموية بما في ذلك مرحلة تطوير سريري ثلاثي المراحل، تبدأ من عملية إجراءات الفحوص ثم مرحلة العيادة التحضيرية "pre clinic"، حيث يتم زرع الفيروس في بعض خلايا حيوانات التجارب وملاحظة المرض عليها، ثم يُختبر اللقاح عليها ويُلاحظ، وفي حال نجاحه يتم اختيار عينة عشوائية من البشر لإجراء الفحوص عليها، ثم يُستقطب مئات الآلاف من المتطوعين لفحص مدى فعالية فعالية اللقاح عليهم".

هل سيوزَع لقاح كورونا بشكل عادل في العالم؟

يجيبنا الاختصاصي في علم الأوبئة د.محمد عبد القادر في حواره مع TRT عربي، بأن "العالم على موعد قريب فعلاً مع إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا يُنهي حالة التخبط الناتجة عن مسألة وجود لقاح من عدمه، ولكن تبقى مسألة توزيع اللقاح بشكل متساوٍ بين مجتمعات العالم هي النقطة التي يجب التفاهم عليها".

ويُتابع عبد القادر حديثه: "أعتقد أن هذه المسألة ضمن مسؤوليات وأولويات وأدبيات منظمة الصحة العالمية، التي بدورها يجب أن تُقدَم من خلالها اللقاحات لجميع المناطق والدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وكذلك عليها الوصول إلى الطبقات المهمشة والمعدمة على مستوى العالم، وعلى العموم صرح المدير التنفيذي للمنظمة بأنه يتم الآن الاستعداد لتقديم مليارات اللقاحات من أجل توزيعها بشكل عادل على جميع أفراد العالم، كما تتعاون بعض الشركات العالمية التي تنتج اللقاحات، مثل أكسفورد، على توفير اللقاح للجميع".

واختتم عبد القادر حديثه بأنه "بطبيعة الحال لا توجد عدالة مطلقة، حيث سيكون هناك أولوية في توزيع اللقاح، ففي المرحلة الأولى سيوزَع اللقاح على الدول التي قامت بتصنيع اللقاح، ومن ثم سيوزَع اللقاح على باقي الدول، ولكن بصفة عامة سيكون اللقاح متوفراً لكل البشرية خلال صيف سبتمبر/أيلول 2021، بحسب آخر الإحداثيات المعلنة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً