يحتوي قطاع غزة المحاصَر على سبعة معابر حدودية، لكن لا يخضع أيٌّ منها لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ سنة 2006.
ستة من هذه المعابر تخضع لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، باستثناء معبر وحيد، يقع تحت إشراف ثنائي بين السلطة الفلسطينية ومصر، بمشاركة مراقبين أوروبيين، بعد موافقة الاتحاد الأوروبي على الخطة، سنة 2005.
ورغم توفر القطاع المحاصر -منذ 17 سنة- على سبعة معابر، فإن وجودها مثل عدمها، ويمكن ترتيبها على الشكل التالي:
معبر رفح:
يَعدّ معبر رفح أحد أهم المعابر الحدودية التي يمكن المرور عبرها، في حالة الخروج أو الدخول إلى قطاع غزة. وهو معبر حدودي يُسيَّر بشكل ثنائي بين السلطة الفلسطينية والسلطات المصرية، بالإضافة إلى وجود مراقبين أوروبيين.
ويقع المعبر البري جنوبي قطاع غزة، على الحدود المصرية-الفلسطينية، ويُستخدم في عبور الأفراد والبضائع والسلع بكلا الاتجاهين، خصوصاً المنتجات الزراعية في غزة.
ورغم سيطرة السلطات المصرية على معبر رفح البري، إلى جانب السلطة الفلسطينية، فإن سلطات الاحتلال تعمل على إغلاقه في كل عدوان تشنه على قطاع غزة، بهدف إخضاع المقاومة وإضعاف موقفها، إذ تشترط إسرائيل على السلطة الفلسطينية إبلاغها بهويات الراغبين في العبور قبل يومين (48 ساعة)، حتى تسمح لهم بالعبور أو تمنعهم من ذلك.
تَعرَّض المعبر لقصف إسرائيلي بعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خلال السبت الماضي، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
معبر المنطار:
يقع معبر المنطار الحدودي شرقي مدينة غزة، ويخضع لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل. ويُعرف المعبر في إسرائيل باسم "كارني".
يتجلى دور المعبر في عبور السلع التجارية المتبادَلة بين قطاع غزة وإسرائيل. ومع ذلك فإنه لا يُفتَح إلا في فترات وأيام قليلة خلال السنة، إذ لم يُفتح في وجه السلع التجارية سنة 2017 إلا 150 يوماً فقط (5 أشهر من أصل 12 شهراً)، وبهذا يبقى مغلقاً أكثر مما هو مفتوح.
وحسب مراقبين، فالمعبر حتى في الفترات التي يُفتح فيها، تطبَّق فيه إجراءات أمنية تعسفية، حيث اشترطت قوات الاحتلال الإسرائيلي إخضاع البضائع للتفتيش مرتين، ما يعني تعرضها للتلف والضياع، حيث ستُفرَّغ وتُشحن مرتين في نفس الفترة، فضلاً عن ضياعها بسبب طول مدة الانتظار، دون وجود أجهزة تبريد وتكييف في المعبر.
معبر كرم أبو سالم:
يُعرف المعبر باسم كرم أبو سالم في الأوساط الفلسطينية، فيما تطلق عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي اسم "كيرم شالوم". ويخضع المعبر لسيطرة إسرائيل بشكل كلّي بتنسيق مع السلطات المصرية، بسبب وقوع المعبر في نقطة الحدود الإسرائيلية-المصرية-الفلسطينية.
وخُصص هذا المعبر الحدودي لعبور السلع التجارية المتبادَلة بين قطاع غزة والاحتلال الاسرائيلي، إلا أنه يُستعمل في بعض الأحيان في مرور الفلسطينيين الذين رُفض طلب عبورهم عبر معبر رفح القريب منه بكيلومترات قليلة.
يتعرض معظم المارين الراغبين في عبور معبر كرم أبو سالم للإهانة والإذلال من قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما تبتزهم المخابرات الإسرائيلية، إذ لا يُسمح لهم بالعبور باتجاه قطاع غزة أو الخروج منها إلا بعد إجراءات أمنية مشددة وتعسفية.
معبر العودة:
يقع معبر العودة الحدودي شرق مدينة رفح، جنوب قطاع غزة المحاصر. ويُعرف هذا المعبر البري في إسرائيل باسم معبر "سوفا"، ويقع تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كلّي، حيث هي التي تشرف على الحركة التجارية في هذا المعبر البري.
كما يتعرض فيه الفلسطينيون لأنواع من الإهانة والإذلال، حيث يخضعون لعمليات تفتيش أمنية وفق إجراءات صارمة وبشكل تعسفي، تستمر لساعات طويلة، سواء الأشخاص أو البضائع، حيث تُفرغ الأخيرة في ساحات كبيرة ثم تخضع لتفتيش دقيق ومبالَغ فيه.
وما يميز معبر العودة، وفق الاصطلاح الفلسطيني، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تسمح فيه بمرور أي مواد سوى مواد البناء والتشييد، مثل الحديد والإسمنت والطوب، وبنسب قليلة جداً، وتبرر الحكومة الإسرائيلية ذلك بقولها إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تستعمل هذه المواد في بناء الأنفاق تحت الأرض، وهذا ما تخشاه إسرائيل.
معبر بيت حانون:
يقع معبر بيت حانون شمال مدينة غزة، شمال القطاع المحاصر. ويخضع هذا المعبر الحدودي البري لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل. ويَعدّ أحد أبرز وأشهر هذه المعابر الحدودية التي تجمع بين إسرائيل وقطاع غزة.
عمليات الإذلال التي يتعرض لها العابرون من معبر "إيريز"، وفق التسمية المعتمَدة من الإسرائيليين، لا تُفرّق بين فلسطيني وأجنبي، حيث يقضون على أبوابه ساعات طويلة حتى يحين دورهم في العبور، مع أن المعبر لا يشهد عبوراً كثيفاً بسبب هذه الإجراءات غير القانونية، لأن عملية العبور تخضع لمزاج الضباط الصهاينة.
وحسب الكثير من شهود العيان الذين عاش معظمهم هذه المعاناة، فإن السلطات الإسرائيلية تتعمد تأخير عملية العبور، مع العلم أن هذا المعبر مخصَّص لعبور الحالات الإنسانية والمَرضيّة من الفلسطينيين داخل القطاع المحاصَر، نحو إسرائيل أو الضفة الغربية والأردن بهدف الاستشفاء والتطبيب، بسبب نقص المعدات الطبية في قطاع غزة نتيجة الحصار الخانق.
كما تمر عبر المعبر، جميع البعثات الدبلوماسية والأجنبية وأطقم الصحافة والإعلام الدوليين، إلى جانب العمال والتجار، فضلاً عن الصحف والمجلات والمطبوعات والجرائد.
معبر الشجاعية:
يقع معبر الشجاعية حسب التسمية المعتمَدة فلسطينياً، أو "ناحل عوز" وفق التسمية الرسمية لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة. وهو معبر بري يخضع لسيطرة جيش الاحتلال العبري بشكل كامل، دخولاً وخروجاً.
تشرف على المعبر إحدى الشركات الإسرائيلية التي أُوكلت إليها مهمة تزويد قطاع غزة المحاصَر بالوقود، عبر أنابيب ضخمة تربط بين الجانب الإسرائيلي والقطاع، حيث يُفرغ الوقود في هذه الأنابيب بالكمية التي تكفي القطاع ليوم واحد بشكل كامل تقريباً، حيث يُنقل إلى داخل مدينة غزة، ثم يُعاد تفريقه على باقي مدن القطاع السبع (بيت حانون، وخان يونس، ودير البلح، وبيت لاهيا، وجباليا، ورفح، وبني سهيلا).
وبسبب إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي المعبر لمدة يومين في الأسبوع، يُضطر عمال محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، إلى الاحتفاظ بكميات قليلة من الوقود، التي تُقتطع خلال الأيام الخمسة الأخرى، حتى يتمكنوا من تغطية القطاع بالكهرباء خلال اليومين اللذين يغلق فيهما المعبر.
ويعاني سكان قطاع غزة مشكلة انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يومياً، خصوصاً فترة إغلاق معبر الشجاعية، نتيجة عدم تزويد الشركة الإسرائيلية القطاع بكميات كافية من الوقود، حيث تزوّده بالكمية التي تُستهلك يومياً فقط. إذ تزداد معاناتهم خلال فصل الصيف بشكل خاص، الذي يشهد ارتفاع درجة الحرارة خصوصاً ليلاً، وليس في استطاعتهم تشغيل المكيفات بسبب انقطاع الكهرباء.
معبر القرارة:
آخر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هو معبر القرارة، أو معبر "كيسوفيم" كما يطلَق عليه داخل إسرائيل. ويقع هذا المعبر الحدودي البري بين محافظتي خان يونس ودير البلح، شرقي قطاع غزة.
كان الجيش الإسرائيلي يستعمله في الدخول إلى قطاع غزة بهدف اجتياحه، حيث تمر منه الدبابات وكل القطع العسكرية. إلا أن المعبر أُغلق بشكل كامل بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، سنة 2005.
معابر غزة.. لا تُغيث غزة
على الرغم من وجود هذه المعابر الحدودية مع قطاع غزة، فإن وجودها مثل عدمها، حيث تغلَق بشكل تعسفي من طرف سلطات الاحتلال الإسرائيلي دون سابق إنذار، ودون مراعاة حتى الظروف الصعبة التي يعانيها القطاع المحاصَر منذ 17 سنة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر والحرمان داخل القطاع المخنوق، فقد بلغ الفقر المدقع داخل القطاع نسباً عالية، خصوصاً مع توالي سنوات الحصار الخانق. وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن نحو مليون إنسان داخل قطاع غزة، يعيشون أوضاعاً اقتصادية متردية، نتيجة القيود والعراقيل الإسرائيلية المفروضة على القطاع، جواً وبراً وبحراً.
وتشهد هذه المعابر إغلاقاً مستمراً، حيث تُغلق لأتفه الأسباب، لأن عملية العبور من عدمها، رهينة مزاج الضابط الإسرائيلي، وفق مراقبين، في غيابٍ تامٍّ لقوانين ومساطر قانونية واضحة، وفي تنصّلٍ وخرقٍ تامّين من طرف الاحتلال الإسرائيلي لبنود وتوصيات اتفاقيات المعابر الحدودية، التي تُعدّ إسرائيل طرفاً مباشراً فيها.