تابعنا
تضم مدينة الخليل الكثير من المعالم الدينية والتاريخية التي تُعد من أهم مصادر الجذب السياحي فيها، بالإضافة إلى المدينة القديمة التي تحتوي على معالم تاريخية بارزة مثل المسجد الإبراهيمي ومعالم تاريخية أخرى تتوزع في قرى مدينة الخليل.

تعد مدينة الخليل واحدة من أقدم المدن التاريخية المأهولة في العالم، حيث يعود تاريخها لأكثر من 4000 سنة قبل الميلاد، اشتهرت مدينة الخليل بشكل خاص بعد قدوم النبي إبراهيم (عليه السلام) إليها حيث قضى نصف حياته هناك ودُفن فيها، لذا أصبحت المدينة معروفة اليوم باسم "خليل الرحمن" وهو عنوان يرتبط بالنبي إبراهيم (عليه السلام) أبي الأنبياء.

مدينة الخليل مدينة فلسطينية تعد مركزاً لمحافظة الخليل وتعدّ أكبر مدينة في الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، تحمل المدينة أهمية دينية كبيرة في الديانات الإبراهيمية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) حيث يتميز وسط المدينة بالمسجد الإبراهيمي. ويُعتقد أن هذا المسجد يحتوي على مقامات ترتبط بالأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب وكذلك زوجاتهم.

أين تقع مدينة الخليل؟

تقع مدينة الخليل وسط فلسطين في جنوب الضفة الغربية على ارتفاع 940 متراً عن سطح البحر وتعدّ مركزاً مهماً في محافظة الخليل، إذ تضم مئة قرية فلسطينية تابعة لها.

تتصل المدينة بمدينتي بيت لحم والقدس من خلال طريق رئيسية، وتقع على الطريق الرئيسي الذي يربط وسط فلسطين بمصر عبر سيناء، مما يمنحها موقعاً استراتيجياً.

تمتد مدينة الخليل على سفحَي جبل الرميدة وجبل الرأس ويوجد ممر بينهما يُعرف بوادي التفاح ويعبر وسط المدينة.

تبعد الخليل نحو 35 كيلومتراً جنوباً عن مدينة القدس، و46 كيلومتراً غرب نهر الأردن، و152 كيلومتراً جنوب مدينة جنين، و229 كيلومتراً غرب مدينة الكرك في الأردن.

سبب تسمية مدينة الخليل بهذا الاسم

تسمى مدينة الخليل باسم إبراهيم الخليل (عليه السلام) أبي الأنبياء، ويُعتقد أنها كانت تُعرف في السابق باسم "قرية أربع" نسبةً إلى ملك كنعاني يُدعى "أربع"، ثم تغير اسمها إلى "حيرون" قبل أن يُطلق عليها اسم "الخليل" الذي يعكس تاريخها الديني والثقافي المميز وتراثها العريق.

نبذة تاريخية عن مدينة الخليل

شهدت مدينة الخليل تتابعاً لحضارات كثيرة وتعرضت للاحتلال من الفرس والرومان، ومع ذلك شهدت الفتوحات الإسلامية، إذ نمت وازدهرت.

تلقّت المدينة اهتماماً خاصاً من الخلفاء والأمراء المسلمين نظراً للقيمة الدينية والتاريخية التي تحملها، حيث يُعتقد أن النبي إبراهيم (عليه السلام) أبا الأنبياء دُفن في أراضي المدينة، ويحتوي الحرم الإبراهيمي الذي يحتضن الغار الشريف ومنبر صلاح الدين الأيوبي، الذي استعاد المدينة من الصليبيين، على قبر إبراهيم (عليه السلام).

وكمدينة فلسطينية في الضفة الغربية، عانت مدينة الخليل، مثل غيرها من المدن الفلسطينية، الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وتعرضت لمعارك وصراعات شديدة مع قوات الاحتلال حيث قدم الكثير من أبنائها التضحيات من أجل حريتهم واستقلال دولتهم.

كم يبلغ عدد سكان مدينة الخليل؟ وكم تبلغ مساحتها؟

تضم مدينة الخليل أكثر من 300 ألف نسمة، كما تبلغ مساحتها نحو 42 كيلومتراً مربعاً، ويتميز سكانها بأنهم جميعاً من الديانة الإسلامية. تعدّ مدينة الخليل واحدة من كبرى المدن الفلسطينية من حيث عدد السكان والمساحة بعد مدينة غزة.

مناطق وقرى مدينة الخليل

مدينة الخليل تضم الكثير من القرى والبلدات المجاورة، ومن بين أشهر القرى والمدن التي تنتمي إلى مدينة الخليل في فلسطين يمكن ذكر:

· قرية حلحول

تقع قرية حلحول إلى الشمال من مدينة الخليل على بُعد نحو 7 كيلومترات منها، وهي موجودة على الطريق الرئيسي الذي يصل بين مدينة الخليل ومدينة القدس، وتتميز بمناخ متوسط خلال معظم أشهر السنة، وتضم القرية عدة ينابيع، منها نبع عين برج السور ونبع عين الذَّورة.

· قرية سعير

تقع قرية سعير في الاتجاه الشمالي الشرقي من مدينة الخليل، ويُعتقد أنها واحدة من أقدم القرى في العالم، وتحتضن بعض المعالم الأثرية القديمة.

كانت قرية سعير تُعرف في العصور القديمة باسم "سيور" على يد الرومان، وهي كلمة ذات أصل آرامي تعني "الصخر"، يُقدَّر ارتفاع قرية سعير عن سطح البحر بنحو 870 متراً تقريباً، وتغطي مساحة تقدَّر بنحو 2100 دونم.

· قرية يطا

تقع قرية يطا إلى الاتجاه الجنوبي الغربي من مدينة الخليل، وتبلغ المسافة الفاصلة بينها وبين مدينة الخليل نحو 7 كيلومترات، تتميز القرية بتضاريسها المتنوعة.

البلدية الموجودة في قرية يطا تتبعها أكثر من سبع قرى أخرى، وبنى المدينة في الأصل الكنعانيون وكانت تُعرف باسم "يوطة"، ومعناها "المنبسط". وتعتقد التقاليد أن هذه القرية هي مكان إقامة النبي زكريا (عليه السلام)، وميلاد ابنه يحيى.

· قرية دورا

تقع قرية دورا في الاتجاه الجنوبي الغربي من مدينة الخليل، تمتد نحو الشرق حيث تصل إلى قرية سنجر وتمتد أيضاً نحو الغرب حتى وادي نزار، ومن الشمال تصل إلى وادي سواد، ومن الجنوب حتى وادي المأجور وخرسا.

قرية دورا تمتد حتى الخط الأخضر الواقع في الناحية الجنوبية الغربية من الضفة الغربية، ويتبع المدينة الكثير من القرى الأخرى من بينها قرية بيت عوا والروس والمجد.

تُعرف قرية دورا بزراعتها الزيتون والعنب، كما تحتوي على الكثير من المعالم الأثرية القديمة بما في ذلك المدينة القديمة التي تضم الكثير من الآثار، بالإضافة إلى خربة العابد والطبقة وحديقة سيينا.

· قرية الظاهرية

تقع قرية الظاهرية في الاتجاه الجنوبي الغربي من مدينة الخليل، وتبلغ المسافة بينها وبين المدينة نحو 16 كيلومتراً، تحاذي قرية الظاهرية من الشمال جبال الخليل ودورا، ومن الجنوب تحدها صحراء النقب، ومن الشرق توجد مستوطنتان تسميان سموع ورافات، ومن الناحية الغربية تقع على خطوط الهدنة، وتجاور قرية البريج.

تشتهر قرية الظاهرية بموقعها الاستراتيجي على الطريق الذي يربط بين جبال الخليل وصحراء النقب، وتتميز بجمال طبيعتها المحيطة. سُميت قرية الظاهرية باسم الظاهر بيبرس الذي أعاد بناءها بعد تعرضها للخراب. أخذ الظاهر بيبرس القرية مركزاً لهجماته ضد الصليبيين ومقاومتهم. تحتوي القرية على الكثير من المعالم التاريخية التي يعود وجودها إلى العصور القديمة بما في ذلك العصر الحجري.

ويوجد الكثير من المناطق والقرى الأخرى في مدينة الخليل منها: تفوح وصافا وصوريف وعبدة وبيت كاحل وبيت أمر والسموع وترقوميا وتل الصافي ومخيم العرب وغيرها.

أشهر معالم مدينة الخليل

تضم مدينة الخليل الكثير من المعالم الدينية والتاريخية التي تُعد من أهم مصادر الجذب السياحي فيها، بالإضافة إلى المدينة القديمة التي تحتوي على معالم تاريخية بارزة مثل المسجد الإبراهيمي ومعالم تاريخية أخرى تتوزع في قرى مدينة الخليل.

مدينة الخليل تضم أيضاً عدداً من المتاحف التاريخية مثل متحف الخليل، وتمتلك الكثير من المتنزهات مثل متنزه الكرمل، ومن خلال وسائل التعقب والأبحاث الأثرية اكتشف العلماء أن الكنعانيين كانوا أول من استوطنوا مدينة الخليل وشيَّدوا المدن والقرى في مدينة الخليل.

مدينة الخليل القديمة تحتفظ بعدد من الآثار المتبقية من الحضارات السابقة مثل الرومان والبيزنطيين والأمويين وغيرهم، وبعد الاحتلال الذي تعرضت له المدينة من الإسرائيليين بنوا المستوطنات الخاصة بهم وأتلفوا بعض الآثار في المدينة، مما أثر سلباً على مكانتها السياحية.

الأكلات والفواكه التي تميّز مدينة الخليل

مدينة الخليل هي مدينة الآباء، وهي المدينة التي تضم الحرم الإبراهيمي. وتشتهر مدينة الخليل جداً بزراعة العنب والبرقوق، وتمثل المساحة الإجمالية لزراعة العنب في المناطق الفلسطينية سواء في غزة أم في الضفة الغربية نحو 12% من إنتاج الزراعة الفلسطينية.

في منطقة يهودا والسامرة وبالتحديد في مدينة الخليل يمكن العثور على نحو 1.250.000 شجرة عنب، حيث يتمركز معظم مزارع العنب في هذه المنطقة، يبلغ إجمالي مساحة الكروم في هذه المنطقة نحو 45 ألف دونم، يُستخدم العنب المزروع في هذه المنطقة بشكل رئيسي غذاءً، وهناك أكثر من 15 صنفاً من هذه الفاكهة المتاحة.

من المعروف أيضاً أن مدينة الخليل تشتهر بمنتجات الألبان، لا سيما اللبن المخيض واللبن الجميد الشهير الذي يُعد واحداً من أفضل أنواع الجميد، ولذلك أصبحت الخليل معروفة بأكلاتها اللذيذة مثل اللبن المعقود والمنسف الفلسطيني الأصيل.

إلى جانب ذلك تشتهر مدينة الخليل بالجبنة البيضاء المغلية التي يمكن تناولها مع العنب أو البطيخ أو الخيار، ويمكن أيضاً تحميرها أو نقعها في الماء لإزالة ملوحتها واستخدامها في الحلويات مثل الكنافة والقطايف.

ومن بين الأكلات الشهيرة في مدينة الخليل هناك "القدرة الخليلية"، وهي عبارة عن الأرز المطهو مع قطع من لحم الخروف البلدي أو الدجاج، وتحضَّر بالسمنة البلدية في قِدر نحاسي ثم تُطهى في الفرن الشعبي، وتشمل الأكلات الخليلية الشهيرة أيضاً المنسف والمقلوبة والمجدرة.

بالإضافة إلى ذلك، تشتهر مدينة الخليل بالكثير من الصناعات المحلية منها: صناعة الخزف، وصناعة خشب الزيتون، وصناعة الزجاج اليدوي التقليدي، وصناعة الفخار.

الثقافة في مدينة الخليل

تحتل الثقافة مكانة بارزة في هوية مدينة الخليل، وأصبحت مع مرور الزمن جزءاً لا يتجزأ من شخصية سكان الخليل. وتعكس الثقافة في المدينة الواقع الاقتصادي لفلسطين، وتتميز باللهجة وأسلوب الحديث عن باقي المدن الفلسطينية.

يمتاز الزي التقليدي في مدينة الخليل ومناطق الضفة الغربية ببساطته، ويتميز بلونيه الأحمر والأبيض المقلّم.

مناخ مدينة الخليل

تتميز مدينة الخليل بمناخ متوسطي معتدل، حيث يكون الصيف حاراً وجافاً، والشتاء بارداً وممطراً، يبدأ فصل الربيع في أواخر مارس/آذار وأوائل أبريل/نيسان، فيما تعد شهور يوليو/تموز وأغسطس/آب أكثر الأشهر حرارة خلال العام، إذ يصل متوسط درجات الحرارة خلالهما إلى نحو 28.9 درجة مئوية (84 درجة فهرنهايت)، في المقابل يعدّ يناير/كانون الثاني أبرد شهر، إذ يكون متوسط درجات الحرارة فيه نحو 3.9 درجة مئوية (39 درجة فهرنهايت).

أما كميات الأمطار فتكون منخفضة جداً في بعض الأشهر مثل يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب، وتتساقط الأمطار عادةً بين شهرَي أكتوبر/تشرين الأول وأبريل/نيسان، إذ يبلغ معدل الهطول السنوي نحو 589 مليمتراً (23.2 إنش)، وتكون كميات الأمطار عادةً أكثر غزارةً في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، إذ يمكن أن تتجاوز 170 مليمتراً.

مدينة الخليل تحت الاحتلال الإسرائيلي

بُنيت مستوطنة إسرائيلية تسمى "كريات أربع" بالقرب من مدينة الخليل.

الجدير بالذكر أن مسجد الخليل، المعروف أيضاً بالحرم الإبراهيمي، سيطر عليه الجيش الإسرائيلي، مما منع الكثير من المسلمين من دخوله، وحوَّل جزءاً منه إلى كنيسة يهودية، وحالياً يجري تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى جزأين؛ يخصَّص أحدهما للمسلمين والجزء الآخر الأكبر لليهود.

بالإضافة إلى ذلك قُسمت المدينة نفسها إلى قسمين، يدير أحدهما الأمن الفلسطيني والآخر يخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.

مجزرة الحرم الإبراهيمي

صباح يوم 25 فبراير/شباط عام 1994، وقعت مأساة في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل، إذ هجمت مجموعة من المستوطنين اليهود بزعامة باروخ غولدشتاين، وهو طبيب يهودي، بالتواطؤ مع قوات من الجيش على المصلين المسلمين خلال صلاة الفجر في شهر رمضان، وفتح النار عليهم، مما أسفر عن مقتل 29 شخصاً وإصابة 150 آخرين، وبعد الهجوم قُبض على المعتدي وقُتل على يد مصلّين آخرين.

بعد انتهاء مجزرة الحرم الإبراهيمي، أغلق جنود الاحتلال الإسرائيلي أبواب المسجد الشريف لمنع المصلين من المغادرة، كما منعوا الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وخلال تشييع جثامين ضحايا المجزرة أطلق جنود الاحتلال النار على المشيعين، مما أسفر عن ارتفاع عدد الضحايا إلى خمسين شهيداً.

إثر هذه المأساة أُرسل ما يعرف بـ"الوجود الدولي المؤقت" إلى الخليل، اتُّخذ هذا الإجراء بهدف تنفيذ مهام المراقبة والمتابعة وكتابة التقارير حول الأوضاع في المدينة في ضوء التصاعد الخطير للأحداث والصراعات.

اختفاء المستوطنين الثلاثة في مدينة الخليل

يوم 12 يونيو/حزيران 2014، أُعلن اختفاء ثلاثة مستوطنين بالقرب من مدينة الخليل. اتهمت إسرائيل حركة حماس بالضلوع في هذا الحادث، وفرضت طوقاً عسكرياً على المدينة، ومنعت عمال المدينة من دخول إسرائيل وكذلك من عبور معبر الكرامة، وأغلقت أيضاً مداخل المدينة والقرى المجاورة بحواجز إسمنتية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً