تربعت مطالب أوكرانيا المتكررة بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" على رأس قائمة الذرائع الروسية لشنّ حرب واسعة على أوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي، وذلك لإحباط خطط الناتو للتوسع شرقاً وتهديد الأمن القومي الروسي، وفقاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكرد فعل على هذه الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 3 أشهر درست حكومات كل من فنلندا والسويد -وهما ليستا عضوين في الناتو- خيار الانضمام لحلف الناتو بأسرع ما يمكن، الأمر الذي دفع روسيا إلى التحذير أكثر من مرة من إن هذه ستدفعها إلى نشر أسلحة نووية قرب دول البلطيق والدول الاسكندنافية.
وعلى الرغم من التهديدات الروسية بإشعال حرب نووية في الشمال سارعت الجارتان الشماليتان إلى إطلاق مناقشات عما إذا كان اعتمادهما الراسخ على الحياد العسكري لا يزال أفضل وسيلة لضمان أمنهما القومي. فيما أعلن رئيس فنلندا ورئيسة وزرائها الخميس أنهما يؤيّدان الانضمام إلى الحلف وأن قراراً رسمياً سيتّخذ في نهاية الأسبوع.
هل باتت فنلندا والسويد على أبواب الناتو؟
بعدما أحدثت الحرب الأوكرانية تحوّلاً سريعاً في الرأي العام في كل من فنلندا والسويد، أعلنت فنلندا عزمها تقديم طلب انضمام إلى حلف الناتو، ممهدةً بذلك الطريق أمام نمو الحلف باتجاه روسيا ومشجعةً السويد لاتخاذ نفس الخطوات خلال الأيام المقبلة.
من جانبه قال أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس إنه في حال تقدمت فنلندا بطلب للحصول على عضوية الناتو فسيجري الترحيب بها وستكون عملية الانضمام سلسة وسريعة، لأن البلدين تعاونا مع الناتو سابقاً. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي إن بلادها ستقدم الدعم لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، في حال أرادتا ذلك.
ورداً على الخطوة المتوقعة قال متحدث الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" يمثل تهديداً لبلاده. مشيراً إلى أن روسيا ستحلل الموقف وتتخذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنها.
تاريخ الناتو
تأسس حلف شمال الأطلسي "ناتو" قبل 73 عاماً درعاً دفاعية ضد تهديدات الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة التي اشتعلت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وبناءً على معاهدة شمال الأطلسي التي وُقّعت في واشنطن 4 أبريل/نيسان 1949، يشكّل حلف الناتو الذي يتخذ من بروكسل مقراً له نظاماً للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من أطراف خارجية.
وعلى مدار السبعين عاماً الماضية توسع الناتو ليصبح أكبر تحالف دفاعي في العالم بعضوية تضمّ 30 بلداً في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ورداً على إنشاء الحلف الغربي أسّس الاتحاد السوفيتي عام 1955 تحالفاً عسكرياً مشابهاً يضمّ دول أوروبا الشرقية الشيوعية أطلق عليه "حلف وارسو"، لكن انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 دفع دول حلف وارسو السابقة، وعلى رأسها بولندا التي وُلد حلف وارسو على أراضيها، لتصبح أعضاء في الناتو.
كيف يجري الانضمام إلى الناتو؟
استند الناتو إلى "سياسة الباب المفتوح" المنصوص عليها في المادة 10 من النص التأسيسي الموقع عام 1949. ومع ذلك لا يُسمح إلا للدول الأوروبية بتقديم طلب العضوية. وفي أعقاب التصريحات القادمة من فنلندا أعلنت السويد أيضاً عزمها تقديم طلب انضمام إلى حلف الناتو، مشيرة إلى أنها أعدت جميع الخطط الخاصة بطلب العضوية.
وبينما يمكن للأعضاء دعوة دول أوروبية أخرى للانضمام إلى المنظمة، يجب على الأعضاء المحتملين "اتباع القيم الديمقراطية والمساهمة في الأمن الأوروبي الأطلسي" حتى يجري أخذهم في الاعتبار. ومن بين المعايير الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المرشح امتلاكه لنظام ديمقراطي موحد واقتصاد السوق المفتوح والقدرة على المساهمة في العمليات العسكرية لحلف الناتو.
وبمجرد أن تعرب دولة ما عن رغبتها في الانضمام إلى التحالف، تقيم الدول الأعضاء الطلب وتقرر ما إذا كانت تريد دعوة الدولة لبدء محادثات الانضمام. وفور توجيههم الدعوة، تبدأ العملية رسمياً وتبدأ المحادثات الفنية في بروكسل بين الفرق المتخصصة، حيث تركز المباحثات على القضايا السياسية والدفاعية والعسكرية، بالإضافة إلى بحث الموارد والميزانية المشتركة.
وبعد انتهاء المفاوضات بنجاح، يصوغ الناتو بروتوكول الانضمام ويرسله إلى الدول الأعضاء من أجل الموافقة عليه. ويشترط لقبوله موافقة جميع الدول الأعضاء بالإجماع، حيث أن "لا" واحدة كفيلة بإعاقة عملية الانضمام.
وفي حال حصل البروتوكول على دعم بالإجماع فإن الأمين العام للتحالف يدعو المرشح رسمياً للانضمام إلى الناتو، وبمجرد دخوله الحلف يستفيد من الحماية الممنوحة بموجب المادة 5، مبدأ الدفاع الجماعي: "الكل للواحد، وواحد للجميع".