فلسطين أرض الأنبياء والشهداء والمقاومة والصمود، والصراع المستمر بين الحق والباطل، يتربع في قلب الشرق الأوسط ويمتد معه صراع الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من سبعين عاماً.
فلسطين قضية تربّت عليها كل الأجيال. في هذه المقالة، سنتناول نظرة على تاريخ فلسطين ومكانتها الدينية كمهد للديانات السماوية وتأثير الفتح الإسلامي على هذه الأرض.
معلومات عن فلسطين
موقع فلسطين
فلسطين هي إحدى الأراضي التاريخية والجغرافية المهمة في الشرق الأوسط. تقع فلسطين في الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وتحدّها مصر وسوريا ولبنان والأردن، وعاصمتها القدس. تشكل فلسطين نقطة التقاء القارتين آسيا وأفريقيا. وتبلغ مساحة فلسطين نحو 27 ألف كيلومتر مربع.
تشتهر فلسطين بتاريخها وتعدد الثقافات التي عاشت فيها. موقع فلسطين يعطيها أهمية استراتيجية فريدة، إذ تقع فلسطين في الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، ويحدّها من الشمال لبنان وسوريا، ومن الشرق الأردن، ومن الجنوب البحر الأحمر ومصر، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط.
سكان فلسطين
عدد سكان فلسطين في 2013 يقدر بنحو 11 مليون نسمة. 4.5 مليون في فلسطين، ومليون في إسرائيل، و5.2 مليون في الدول العربية، وقرابة 665 ألف لاجئ في الدول الأجنبية.
أما بالنسبة إلى الديانات، فإن أرض فلسطين هي مهد الديانات السماوية اليهودية والمسيحية ومسرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ومعراجه إلى السماء. الأغلبية العظمى مسلمون، وتشكل الديانة المسيحية نسبة (9%) من السكان في بيت لحم وغزة والقدس ورام الله. واللغة الرسمية للسكان هي اللغة العربية.
مناخ فلسطين
أما بالنسبة إلى مناخ دولة فلسطين، فهي تتميز بمناخ متوسطيّ؛ أمطار غزيرة في الشتاء وحرارة مرتفعة في الصيف.
سبب تسمية فلسطين
تعرضت فلسطين لسلسلة من الغزوات التي نفَّذتها قبائل الكريتيين المستوطنة على شواطئ يافا وغزة، حتى سُميت تلك المنطقة فلسطين باسم القبيلة الكريتية الغازية التي اندمجت مع الكنعانيين، سكان البلاد الأصليين. أُعطي اسم فلسطين لجميع الأراضي الساحلية والداخلية التي كان الكنعانيون يسكنونها، ومع الوقت انتشر هذا الاسم. وأصبح سكان البلاد كاملةً كنعانيين عرباً.
عَلم دولة فلسطين
يتكون عَلم دولة فلسطين من ثلاثة خطوط أفقية بألوان (الأسود، والأبيض، والأخضر) مرتَّبة من الأعلى إلى الأسفل وفوقها مثلث أحمر جانبي. في عام 1988م تبنّته منظمة التحرير الفلسطينية عَلماً لدولة فلسطين وللشعب الفلسطيني.
اقتصاد فلسطين
في عام 2022 حقق الاقتصاد الفلسطيني نمواً بنحو 3.6%، على الرغم من الكثير من الأزمات التي عاناها أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية، بالإضافة إلى توقف الدعم الخارجي المقدَّم لدولة فلسطين، واقتطاع الإسرائيليين من العائدات الضريبية طوال العام.
وسجل نشاط الصناعة أعلى نسبة نمو بنحو 6.3%، والخدمات بنسبة 2.9%، والإنشاءات بنسبة 2.3%، فيما شهدت الزراعة تراجعاً بنسبة 2.6%.
أما بالنسبة إلى عدد العاملين ونسبة البطالة، فقد ارتفع عدد العاملين بنسبة 7.6% مما أدى إلى خفض معدل البطالة إلى 25.7% مقارنةً مع عام 2021 الذي كانت نسبة البطالة فيه تقدَّر بنحو 27.6%.
إلا أن سلطة النقد الفلسطينية أصدرت تقريراً خلال عام 2023، تتوقع أن نمو الاقتصاد الفلسطيني سوف يتراجع إلى 3%، ويرجع ذلك لعدة أسباب: استمرار النزاعات والتوترات مع الاحتلال الاسرائيلي وإعاقته حركة التجارة والتنقل عبر المعابر، والحصار على المدن من حين لآخر. بالإضافة إلى الديون المتراكمة على الدولة الفلسطينية التي وصلت تقريباً إلى 12 مليار دولار. أيضاً معاناة قطاع غزة من الحصار لـ16 عاماً عامل أساسي في انخفاض نمو الاقتصاد الفلسطيني الذي عاناه سكان غزة وسبَّب لهم الكثير من المشكلات كالبطالة والفقر والانعدام الغذائي.
جغرافيا فلسطين
تُقسم جغرافيا فلسطين إلى أربع مناطق: من الغرب إلى الشرق السهل الساحلي، والجبال في الخليل ونابلس والجليل وجبال القدس، والتلال والأغوار، في الجنوب توجد صحراء النقب، بين جبال نابلس وجبال الجليل يقع مرج يسمى "بن عامر" ويمر بجبل الكرمل الذي يمتد من جبال نابلس شمالاً والسهل الساحلي غرباً.
النظام السياسي لفلسطين
ينتخب الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة والضفة الغربية) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. من ثمّ يُعيّن الرئيسُ المدعي العامَّ ويختار رئيس الوزراء ويكون مسؤولاً عن قوات الأمن والشرطة الفلسطينية. ورئيس الوزراء يشكّل مجلس الوزراء.
تنطوي مهام السلطة الوطنية الفلسطينية على حفظ الأراضي الفلسطينية والمهام الأمنية وإنشاء حكومة وبرلمان شعبيين يمثلان الشعب الفلسطيني، والتفاوض مع إسرائيل لأخذ حقوق الشعب الفلسطيني.
تتألف هذه السلطة من مجلس تشريعي وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية وسلطة تشريعية.
التقسيم الإداري لفلسطين
المناطق التي تخضع تحت السلطة الوطنية الفلسطينية هي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتضم:
محافظات الضفة الغربية: ( محافظة جنين - طوباس - طولكرم - نابلس - قلقيلية - سلفيت - رام الله والبيرة - أريحا - القدس - بيت لحم - الخليل).
محافظات قطاع غزة: (محافظة غزة - محافظة شمال غزة - دير البلح - خان يونس - رفح).
تاريخ فلسطين
قرار تقسيم فلسطين
قرار تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أُطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 بعد تصويت 33 دولة مع القرار، و13 دولة ضد القرار، و 10 دول ممتنعة عن التصويت، ويقضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:
دولة عربية: وتمثل نسبة 42.3% من دولة فلسطين بمساحة تبلغ نحو 4.300 ميل مربع (11.000 كـم2)، وتضم الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود، وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
دولة يهودية: وتمثل نسبة 57.7% من دولة فلسطين بمساحة تبلغ نحو 5.700 ميل مربع (15.000 كـم2) وتضم على السهل الساحلي من حيفا حتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب وأم الرشراش أو ما تُعرف بإيلات حالياً.
القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.
وفي 1967 وبعد انتهاء حرب الأيام الستة، أدى صراع إسرائيل ضد مصر والأردن وسوريا، إلى توسيع إسرائيل لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى أراضٍ أخرى.
في عام 1964، أُسست منظمة التحرير الفلسطينية بهدف مقاومة إسرائيل. وفي ذلك الوقت كانت الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية. وحدد الميثاق الوطني الفلسطيني للمنظمة حدود فلسطين كجميع المناطق المتبقية من الانتداب، بما في ذلك إسرائيل.
بعد حرب الأيام الستة، انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأردن، ثم انتقلت لاحقاً إلى لبنان في عام 1971.
في قمة جامعة الدول العربية في أكتوبر 1974، جرى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني"، وأُكد حقهم في إقامة دولة مستقلة. ثم في نوفمبر 1974، جرى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كـ"كيان غير دولة"، ومنحتها صفة المراقب في الأمم المتحدة.
بعد إعلان الاستقلال في عام 1988، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً بهذا الإعلان وقررت استخدام تسمية "فلسطين" بدلاً من "منظمة التحرير الفلسطينية" في الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم تشارك منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة بصفتها حكومة دولة فلسطين.
في عام 1979، عن طريق اتفاقية كامب ديفيد، أعلنت مصر استياءها من أي مطالبة لها فيما يتعلق بقطاع غزة.
في يوليو 1988، اتخذ الأردن قراراً بالتخلي عن مطالبته بالضفة الغربية -باستثناء الوصاية على الحرم الشريف- ومنحها لصالح منظمة التحرير الفلسطينية.
في نوفمبر 1988، أعلن المجلس التشريعي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي كان في المنفى، إقامة "دولة فلسطين"، ونالت اعترافاً سريعاً من عدة دول، بما في ذلك مصر والأردن.
في إعلان استقلال فلسطين، وُصفت دولة فلسطين بأنها أُسِّست على "أرض فلسطين" دون تعريف صريح. وبسبب هذا التصريح، يُشير بعض الدول التي اعترفت بدولة فلسطين إلى "حدود 1967"، مما يعني الاعتراف بالأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، وليس إسرائيل كأراضيها.
في طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة الذي قدمته دولة فلسطين، أُشير فيه إلى "حدود 1967". وخلال مفاوضات اتفاقيات أوسلو، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود، واعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني.
بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية من الأردن، وقطاع غزة من مصر، بدأت في إقامة المستوطنات الإسرائيلية هناك، وإدارة السكان العرب في تلك المناطق من الإدارة المدنية الإسرائيلية لمنسق الشؤون الحكومية في الأراضي والمجالس البلدية المحلية التي كانت موجودة من الاحتلال الإسرائيلي.
في عام 1980، قررت إسرائيل تجميد الانتخابات لهذه المجالس وإنشاء جمعيات قروية بدلاً منها، وكان مسؤولو هذه الجمعيات تحت تأثير إسرائيل. فيما بعد، أصبح هذا النموذج غير فعّال لكل الأطراف، وبدأت الجمعيات القروية في الانهيار، وكانت آخرها "جمعية الخليل" التي تفككت في فبراير 1988.
في عام 1993، في اتفاقيات أوسلو، اعترفت إسرائيل بفريق التفاوض التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بأنه "يمثل الشعب الفلسطيني"، مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود بسلام، بالإضافة لقبول قرارات مجلس الأمن الدولي. نتيجة لذلك، أنشأت منظمة التحرير الفلسطينية إدارة إقليمية للسلطة الوطنية الفلسطينية في بعض أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة.
في عام 2007، سيطرت "حماس" على قطاع غزة، وبهذا أصبحت حركة "فتح" تسيطر بشكل كبير على الضفة الغربية وتعترف على المستوى الدولي بالسلطة الفلسطينية الرسمية، وحركة "حماس" تسيطر على قطاع غزة.
في أبريل 2011، وقَّعت الأطراف الفلسطينية اتفاقية المصالحة، ولكنْ عُلِّق تنفيذها حتى تشكيل حكومة وحدة وطنية في 2 يونيو 2014.
وكما هو مذكور في اتفاقيات أوسلو، سمحت إسرائيل لمنظمة التحرير الفلسطينية بإنشاء مؤسسات إدارية مؤقتة في الأراضي الفلسطينية، التي جاءت في شكل السلطة الوطنية الفلسطينية. ومُنحت السيطرة المدنية في المنطقة (ب) والسيطرة المدنية والأمنية في المنطقة (أ)، وظلت دون تدخل في المنطقة (ج) التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي.
في عام 2005 نُفِّذت خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية (بالعبرية: תוכנית ההתנתקות Tokhnit HaHitnatkut) المعروفة أيضاً باسم "خطة فك الارتباط" أو "خطة فك الارتباط أحادية الجانب"، واختارت هذا الاسم حكومة الاحتلال الإسرائيلية ونفَّذتها في 2005، وعُرفت هذه الخطة عربياً باسم "قانون الانسحاب"، وبُني عليه إخلاء مستوطنات الاحتلال الإسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وكذلك إخلاء 4 مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية، وكان ذلك نتيجة لمعركة أيام الغضب التي فشلت فيها إسرائيل في تحقيق أهدافها بمنع إطلاق الصواريخ من غزة.
في عام 2012 تمتعت فلسطين بوضع "دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة" بعد الاعتراف بها من 138 من أصل 193 دولة.
في 21 ديسمبر 2012 اعتُمد لقب "دولة فلسطين" للإشارة إلى الأراضي الفلسطينية، وأنه لا يوجد أي عائق قانوني أمام استخدام هذا اللقب، وذلك حسبما أقره رئيس بروتوكول الأمم المتحدة.
دخول الإسلام إلى فلسطين
في عام 633هـ، أمر الخليفة أبو بكر الصديق بإرسال عدة جيوش إلى بلاد الشام لفتحها، وكان قادتها عمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وأبو عبيدة بن الجراح. في عام 634ه، حقق يزيد انتصاراً كبيراً في معركة وادي عربة جنوب البحر الميت وواصل حتى لحق بهم إلى غزة.
في نفس العام، انتصر عمرو بن العاص في معركة أجنادين ضد الرومان واستولى على فحل وبيسان واللد ويافا. بعد تولي ثيودورس، أخي الإمبراطور هرقليوس، قيادة الجيش الروماني، أمر الخليفة أبو بكر الصديق القائد خالد بن الوليد بالتوجه من العراق إلى فلسطين.
عندما تولى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة الخليفة أبو بكر (رضي الله عنهما)، أمر بمواصلة القتال في فلسطين لاستمرار معارك الفتح؛ جمع خالد بن الوليد الجيوش الإسلامية في جيش واحد في معركة اليرموك، وكانت نتيجة المعركة تُشكّل نصراً عظيماً للمسلمين عندما تمكّن المسلمون من طرد الجيوش الرومانية من فلسطين.
بعد ذلك، طلب البطريرك صوفرونيوس من الخليفة عمر بن الخطاب أن يدير شؤون القدس بنفسه (المعروفة حينها بإيليا). قَدِمَ عمر وأصدر ميثاقاً للمسيحيين يكفل حرية ممارسة ديانتهم والحفاظ على كنائسهم وصلبانهم.
خلال العصر الأموي (661 - 750)، كانت فلسطين تتبع حكم دمشق في عهد سليمان بن عبد الملك. ومن بين المعالم المهمة في تلك الفترة كان بناء القبة المشرفة في المكان الذي عرج منه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى السماء، ومدينة الرملة التي بنى فيها سليمان بن عبد الملك المسجد الأبيض.
بعد انقضاء العصر الأموي، أصبحت فلسطين تابعة للدولة العباسية (750 – 1258)، وزارها الخليفتان المأمون والمهدي.
في القرن الثالث للهجرة، نظراً لضعف سلطة الدولة العباسية على بعض مناطق فلسطين، سيطر الطولونيون على لبنان وسوريا ومصر وفلسطين، وحصنوا ميناء عكا. وشهد القرن الرابع للهجرة اضطرابات سياسية نتيجة غزو القرامطة بلاد الشام واحتلالهم فلسطين، ومن ثمّ حكمت المناطق المختلفة في فلسطين حكوماتٌ متعددة من الإخشيديين والسلاجقة والفاطميين.