مع دخول تركيا والسعودية حقبة جديدة عنوانها التعاون المشترك، تزامناً مع الزيارات المتبادَلة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد السعودية محمد بن سلمان قبل عدة أشهر، يستعدّ البلدان للنهوض بالاستثمارات المشتركة ومضاعَفة حجمها في المستقبل القريب.
وفي ضوء ذلك، تستضيف مدينة إسطنبول، الأربعاء منتدى الأعمال والاستثمار التركي السعودي، الذي ينظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEİK)، بالتعاون مع وزارة الخزانة والمالية التركية.
ويقام المنتدى، بمشاركة كبار المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين الأتراك والسعوديين وعلى رأسهم وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين نباتي، ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.
ويهدف المنتدى في المقام الأول لاتخاذ خطوات قوية للوصول إلى الهدف في حجم التجارة الثنائية بقيمة 10 مليارات دولار، ولأن يتبوأ القطاع التركي الخاص دوراً رئيسياً في المشاريع الضخمة التي ستطرحها السعودية في نطاق رؤيتها لعام 2030.
"سيتضاعف ثلاث مرات"
في إطار زيارة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تركيا في يونيو/حزيران الماضي، عُقد اجتماع المائدة المستديرة للأعمال والاستثمار التركي السعودي الذي أقيم في فندق جي دبليو ماريوت في أنقرة، بمشاركة ممثلين من رجال الأعمال الأتراك والسعوديين.
وعلى هامش الاجتماع حينها، أعلن نائب وزير الاستثمار السعودي بدر البدر أنه يعتقد أن الاستثمار بين المملكة العربية السعودية وتركيا سيتضاعف ثلاث مرات في السنوات القادمة".
في سياق متصل قال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك، إن الاجتماع بين ممثلي عالم الأعمال يهدف إلى إعادة الزخم للعلاقات التجارية القائمة بين تركيا والسعودية، الذي تراجع في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن الرئيس التركي ووليّ العهد السعودي سيفسحان المجال أمام عالم الأعمال في كلا البلدين من خلال القرارات السياسية التي سيتخذانها خلال اللقاءات.
فيما قال رئيس مجلس الأعمال التركي-السعودي فاتح غورصوي إن الشركات التركية ستحتلّ مكانة مهمة في مشاريع رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030. وفي إشارة إلى أن الشركات التركية ستساهم أيضاً في مشاريع مدينة نيوم الصناعية المخطط لها ومشاريع جدة-البحر الأحمر، تابع غورصوي بأن "من الممكن أن تتحرك شركاتنا، التي تتمتع بقدرات عالية في الصناعة المحلية في المملكة العربية السعودية، بشكل أساسي في البناء والمقاولات والأدوية والمعدات الصحية والأغذية والزراعة والثروة الحيوانية والسياحة والترفيه والأثاث والآلات والمعدات والأجهزة الكهربائية والسيارات.
من جهته، أشاد البدر بالمشاريع الضخمة التي تفعّلها بلاده، موضحاً أن هذه المشاريع مكّنَت من تنمية الاقتصاد ونهوضه.
تعاوُن فعَّال ونشِط
بالتزامن مع التصريحات الإيجابية المتبادلة، شارك وزير المالية التركي في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" السادس الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة بين 25 و27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في المقابل تَطرَّق الوزير القصبي في حديث سابق له مع الأناضول، إلى العلاقات التركية-السعودية بقوله: "السعودية وتركيا علاقتهما محورية وتاريخية، وبينهما فرص كثيرة واعدة". وتابع: "ندعو المستثمرين والشركات التركية ورجال الأعمال والصناديق الاستثمارية التركية، إلى الملكة لتَعرُّف هذه الفرص"، مشيراً إلى أنه "سيكون تواصُل أيضاً بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم في تركيا، للتسويق وتَعرُّف الفرص، والخروج بفرص واعدة للطرفين".
وإلى جانب الدفع نحو التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، كانت تركيا من أبرز الداعمين سياسياً للسعودية في أزمتها الأخيرة مع الولايات المتحدة، إذ صرّح وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، بأن "تنمُّر الولايات المتحدة على السعودية بخصوص قرارات اتحاد أوبك، عمل غير صائب"، وأضاف: "نرى دولة تهدّد السعودية، هذا التنمُّر ليس صائباً. ارفعوا العقوبات عن إيران إذا كنتم تريدون انخفاض أسعار النفط، فلا يمكنكم حلّ المشكلة بتهديد دولة واحدة (في إشارة إلى السعودية)".
التعاون الاقتصادي في أرقام
يشكّل الاقتصاد محوراً مهمّاً في العلاقات بين أنقرة والرياض، ويتضح ذلك جلياً عند النظر إلى أرقام التجارة الثنائية بين البلدين. فخلال العقدين الماضيين أجرى البلدان مفاوضات لتعزيز العلاقات الثنائية ورفع حجم التبادل التجاري بينهما، واتُّخذت خطوات متبادلة في هذا الصدد بعد أن تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين ذروته عام 2015 بعد اقترابه من 5.6 مليار دولار، وفقاً لبيانات وزارة الخارجية التركية.
ومن أبرز المنتجات التي تصدّرها تركيا إلى السعودية: السجاد والمنتجات البترولية المصنَّعة واللوحات الكهربائية وحديد التسليح والأثاث، في المقابل تستورد من السعودية المنتجات البترولية والكيميائية.
فيما شهدت الأشهر الأخيرة عودة النشاط التجاري بين تركيا والمملكة العربية السعودية، إذ سجّلَت الصادرات التركية إلى السعودية ارتفاعاً بنسبة 180%، في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، فيما حققت عائدات بقيمة 420.9 مليون دولار، لتتجاوز عائدات الصادرات التركية إلى السعودية منذ يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2022، إجمالي صادرات العام الماضي التي بلغت 186.7 مليون دولار، وفقاً لتقرير نشرته الأناضول.