"حمى الإشارات اليهودية".. ما قصة الأبقار التي ذكرها أبو عبيدة في خطابه؟ / AFP (Ishara S. Kodikara/AFP)
تابعنا

في خطابه الأخير يوم الأحد الماضي، ذكر أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أن الأبقار الحمر لدى إسرائيل قد أصبحت جاهزة، وذلك في إشارة إلى خبر نُشر في يوليو/تموز الماضي تناول استيراد الحكومة الأكثر تطرفاً في إسرائيل 5 بقرات من ولاية تكساس الأمريكية، إيذاناً ببدء عملية بناء الهيكل الثالث فوق أنقاض المسجد الأقصى وفقاً لما تمليه التعاليم التوراتية.

حديث أبو عبيدة عن الأبقار الحمر جاء في وقت تشهد فيه إسرائيل ذروة ما بإمكاننا تسميته "حمى العلامات التوراتية"، فبعد عقدة العقد الثامن، ها هو الآن الناطق باسم المقاومة الفلسطينية يلفت أنظارنا إلى خبر استيراد إسرائيل لهذه الأبقار من الولايات المتحدة، والارتباط العميق الذي يفترض أنها في صدد التحرك لمباشرة أعمال بناء الهيكل الثالث.

فما قصة البقرات الحُمر هذه؟ وما علاقتها بعملية "طوفان الأقصى"؟ وما الشروط التي تنص عليها الكتب اليهودية لاختيارهم؟ وما تداعيات هذه الطقوس الدينية في ظل صعود الصهيونية الدينية في إسرائيل وتزايد وتيرة الاستعدادات لبناء الهيكل المزعوم من الاحتلال؟

أصل الحكاية؟

في كل من اليهودية والمسيحية الإنجيلية، تظهر الأبقار الحمراء في حكايات "نهاية الزمان". وبينما تشير ولادة البقرة الحمراء النقية والتضحية قبل بناء الهيكل الثالث في اليهودية الأرثوذكسية السائدة، فإن ظهورها وفقاً للطائفة الإنجيلية يبشر بنهاية الزمان، وعودة المسيح إلى الأرض.

بالنسبة لكلتا المجموعتين، هناك بعض المتطلبات حتى يأتي هذا الوقت، وعلى رأسها: استعادة دولة إسرائيل، وأن تصبح القدس مدينة يهودية مرة أخرى -وهو ما أنجزته إسرائيل نوعاً ما في عام 1967- وولادة بقرة حمراء في أرض إسرائيل حتى يتمكن اليهود من إنشاء هيكلهم للمرة الثالثة.

ولقد كان هذا الاعتقاد هو الدافع منذ فترة طويلة للصهيونية المسيحية وجماعات الضغط المسيحية من أجل مساعدة اليهود في تحقيق هذه النبوءة. إذ يدعي اليهود أنه منذ أكثر من 2000 عام لم تولد بقرة حمراء بهذه المواصفات مُطلقاً، وفق ميرور البريطانية.

وبحسب خبير البقرة الحمراء ومدير معهد المعبد، الحاخام حاييم ريشمان: "هناك تقليد أنه على مرّ التاريخ كان هناك تسع بقرات حمراء كاملة تستخدم للتطهير، وأن ظهور البقرة الحمراء العاشرة يرتبط بقدوم العصر المسيحاني، وإعادة بناء الهيكل".

الجذور الدينية

تشترط الشريعة اليهودية أن تكون البقرة التي يُطلق عليها بالعبرية "باراه أدوماه" ذات شعر أحمر نقي، لا يوجد فيها ولو شعرتين من أي لون آخر. كما يجب أن تولد ولادة طبيعية وتربى على أرض إسرائيل، فضلاً عن أنها لم تحمل ولم تُحلب.

وعند اكتمال الشروط وبلوغها سن العامين، تصبح صالحة للاستخدام في عملية "التطهير" فوق جبل الزيتون في القدس مقابل المسجد الأقصى، إذ تُذبح وتُحرق وفق شروط خاصة، ومن ثم يستخدم رمادها المخلوط في مياه نقية في عملية تطهير اليهود والمكان الذي سيقام به الهيكل. إذ إن البناء والعبادة في الهيكل لا يسمح به الله دون استعادة الطهارة الطقسية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا باستخدام رماد البقرة الحمراء.

وفقاً للتقاليد اليهودية، يُعتقد أن رماد البقرة الحمراء يمتلك القدرة على تطهير الأفراد وحتى الأراضي المقدسة التي من المتوقع أن يُبنى عليها الهيكل الثالث. وهذه الشروط جرى ذكرها في كتاب "سفر العدد" وهو أحد الأسفار المقدسة في التوراة اليهودية التي تحرم على اليهود دخول المسجد الأقصى إلا بعد تحقيق الطهارة المقدسة.

مهمة الحاخامية الصهيونية

إن ندرة البقرة الحمراء، إلى جانب المعايير الدقيقة التي يجب أن تستوفيها حتى تعتبر مناسبة للاستخدام في هذه الطقوس، أدت إلى جو من الغموض يحيط بالمفهوم. ففي الأشهر الأخيرة التي سبقت عملية طوفان الأقصى، أثارت أخبار استيراد الأبقار الحمراء من أمريكا إلى إسرائيل خيال الكثيرين، وخاصة داخل المجتمعات الدينية.

وتعتبر البقرة الحمراء مركزية للتنبؤ بـ"نهاية الزمان"، لدرجة أن ما يسمى "معهد المعبد" كرّس نفسه، منذ إنشائه عام 1987، للعثور على هذه البقرة. ومضى في جمع الأموال لزرع أجنّة مجمدة في رحم بقرة تربى في حظيرة محلية في محاولة لاستخدام التكنولوجيا الحيوية لتحقيق نبوءة الكتاب المقدس في برنامج أطلق عليه اسم "تربية البقرة الحمراء في إسرائيل".

ونقل المعهد البحث إلى ولاية تكساس الأمريكية، باعتبارها سوقاً أكبر لتربية الأبقار، ويتلقى تبرعات من جماعات صهيونية محلية بتمويل من المسيحيين الإنجيليين. وجرى بعد ذلك اختيار أفضل خمسة مرشحين وشحنهم جواً إلى إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2022، وتجري تربيتهم سراً في مزرعة تابعة لمعهد المعبد في بيسان شمالي الأغوار الأردنية، وفقاً لما ذكرته ميدل إيست مونيتور.

بينما ينظر البعض إلى البقرة الحمراء "الخالية من العيب" الخطوة التي من شأنها أن تمهد الطريق لتسريع هدم المسجد الأقصى وإفساح المجال لما يسمى المعبد، هو ما ينتظره وزراء حكومة اليمين الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل من أجل اقتحام المسجد الأقصى.

TRT عربي
الأكثر تداولاً