وسط المخاوف التي تسود العالم من احتمال حدوث أزمة غذائية كبيرة، نظراً لاضطراب سلال توريد القمح والأسمدة جراء الحرب في أوكرانيا، وكذلك الارتفاع في السوق العالمية. قالت موسكو إنها مستعدة لتجنيب هذا المصير إذا ما رفع الغرب عنها القيود الاقتصادية المفروضة.
وأردف الكرملين في بلاغ له الجمعة، بأن الرئيس فلاديمير بوتين قد أكد استعداد روسيا "لتقديم مساهمة كبيرة في التغلب على أزمة الغذاء من خلال تصدير الحبوب والأسمدة، بشرط رفع القيود ذات الدوافع السياسية التي يفرضها الغرب".
هذا ووصفت أوكرانيا هذه التصريحات بأنها "ابتزاز" من موسكو للعالم، في وقت تمنع فيه هذه الأخيرة الصادرات الأوكرانية من القمح بحصارها المنافذ البحرية للبلاد. الأمر الذي أدى، بحسب منظمة الأغذية العالمية "فاو"، إلى تكدس حوالي 25 مليون طن من محاصيل الحبوب بالمخازن الأوكرانية.
ثلاث خطط لتصدير القمح الأوكراني
سنة 2021، احتلت أوكرانيا المرتبة السادسة كأكبر مصدر للقمح في العالم، باستحواذها على 10% من مجمل السوق العالمية لهذه الحبوب، ما يحيل على حجم الأزمة العالمية للغذاء التي يتسبب فيها توقف أوكرانيا عن التصدير، بفعل نقص العرض في السوق العالمية، وازدياد المضاربات على ما هو معروض مما يؤدي إلى تضخم أسعارها.
استدراكاً لهذا الوضع تحاول أوكرانيا والمجتمع الدولي الالتفاف حول الحصار الروسي المفروض على تلك الصادرات. هذا عبر خطط ثلاث، أولها التصدير عبر الموانئ الرومانية والبلغارية على البحر الأسود.
وسبق وصرحت بلغاريا بأنها "مستعدة للمساعدة في تصدير المخزونات الأوكرانية من مينائها في فارنا وتقوم حالياً بتحديث بنيتها التحتية". وفي غضون ذلك، يقوم ميناء كونستانتا الروماني بنقل هذه الصادرات بأسرع ما يمكن، وقالت مديرة الميناء فلورين جويديا بأن: "الوضع لا يزال في بدايته. ببطء، يجري إنشاء ممرات لجلب البضائع إلى ميناء كونستانتا والمساعدة في الصادرات، من المهم جداً الآن مساعدة الصادرات الأوكرانية لدعم اقتصادها".
الخطة الثانية هي عبر موانئ بحر البلطيق، بعد عبور تلك الصادرات براً إلى بولندا. وكان الرئيس البولندي أندريه دودا قد صرح بأنه "يمكن للأوكرانيين أن يستخدموا موانئنا"، ورحَّبت كل من لاتفيا ولتوانيا بهذا الطرح، وأعربتا عن استعدادهما لتنفيذه.
وقال الجنرال كريستوفر كافولي، المتوقع أن يكون القائد المقبل للقيادة الأمريكية في أوروبا، أن "شركة السكك الحديد الألمانية تدخلت مؤخراً"، مضيفاً: "يقومون بعمل ما يطلقون عليه قطار برلين، على غرار جسر برلين الجوي، لتخصيص قطارات تُخرِج القمح من أوكرانيا وصولاً إلى غرب أوروبا".
هذا وصدَّرت أوكرانيا بالفعل حوالي أول مليون طن من القمح لها منذ بداية الحرب خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، ذلك عبر الموانئ البولندية.
الخطة الثانية هي عبر نهر الدانوب، الذي يمتد من الحدود الأوكرانية الرومانية وصولاً إلى ألمانيا، مروراً عبر بلغاريا وصربيا وهنغاريا وسلوفاكيا والنمسا. وكان مستشار وزارة الداخلية الأوكراني، فاديم دينيسنكو،قد صرح بأن مُصدّري الحبوب الأوكرانيين يتطلعون إلى استخدام موانئ الدانوب لتصدير محاصيلهم.
عراقيل كثيرة
لم تتمكن أوكرانيا من قبل من تصدير حبوبها إلى الأسواق الأوروبية براً، نظراً إلى الاختلافات في كيفية بناء خطوط السكك الحديدية. لكون معظم سكك الحديد الأوكرانية مصممة حسب المواصفات الروسية، تعتمد مسافة أوسع بين قضيبي السكة، عكس مواصفات سكك الحديد داخل الاتحاد الأوروبي.
هذا يعني أنه لكي يجري نقل الحبوب الأوكرانية بالقطار إلى معظم أوروبا، يجب أولاً تفريغها على الحدود ووضعها في عربات تتناسب مع متطلبات قياس المسار الأوروبي، وهي مهمة تستغرق وقتاً طويلاً ومكلفة. ما أكده وزير الفلاحة الأوكراني ميكولا سولكيي بحديثه عن المشاكل اللوجيستية التي يواجهونها في هذا الصدد.
كذلك فيما يخص التصدير عبر الدانوب، حسب مستشار الداخلية الأوكراني، فإن المُصدّرين يعانون من ارتفاع الرسوم الجمركية لدخول الفضاء الأوروبي، ما يثقل كاهلهم المتعب أساساً من دخول وقف أعمالهم شهره الثالث منذ اندلاع الحرب.