عام من الإبادة.. الغزّيات وأطفالهن في مواجهة العدوان الإسرائيلي
شكلت النساء والأطفال نسبة 69% من إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة خلال عام، إذ استشهد منهن نحو 11 ألفاً و458 سيدة، فيما بلغ عدد الشهداء من الأطفال نحو 16 ألفاً و891، فضلاً عن إصابة عشرات الآلاف.
شكَّل النساء والأطفال نسبة 69% من إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة خلال عام / صورة: AA (AA)

وضاعفت الحرب أعباء النساء اللواتي وجدن أنفسهن أمام مسؤوليات ثقيلة بعد استشهاد العائل الأساسي لأسرهن، فتحملن بشكل مباشر مسؤولية رعاية الأطفال بمتطلباتها الكبيرة، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير "الأمن" بحده الأدنى عبر قيادتهن لرحلات النزوح المتكررة، والنجاة بأطفالهن من جحيم الغارات.

الفلسطينية ابتسام جندية (52 عاماً)، تقول إنها مرت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنحو 8 رحلات نزوح، بدءاً من مكان إقامتها بالشجاعية شرق مدينة غزة حتى إقامتها الحالية داخل مدرسة الرملة للإيواء (شرق المدينة).

"في كل رحلة نزوح كنا نخرج من المنزل بملابسنا التي نرتديها فقط"، وفق ما قالته السيدة الملقبة بأم محمد لوكالة الأناضول.

بالنسبة إلى السيدة الخمسينية، تبدأ مراحل معاناتها في توفير أساسيات الحياة لها ولنحو 12 شخصاً تتولى مسؤولية إعالتهم، فبعد استشهاد نجلها منذ 7 أشهُر بنيران الاحتلال الإسرائيلي وإصابة الآخر وانتقاله إلى جنوب قطاع غزة للعلاج، تحملت أم محمد مسؤولية إعالة وحماية زوجتيهما وأبنائهما.

وحلّت السيدة محلّ معيلي أسرتين، رغم الحالة النفسية الصعبة التي تمرّ بها جرّاء فقدان أحد أبنائها وإصابة الآخر وعدم رؤيته منذ عام، وتقول: "ابني قبل استشهاده كان يوفر مستلزمات الحياة، لم أتحمل مسؤولية أي شيء قبل ذلك".

تضطر أم محمد إلى أن تكون قوية من أجل هؤلاء الأطفال، فتخرج وحيدة تبحث عن الحطب المستخدم لإشعال النيران للطهي أو تسخين المياه، وفق قولها. وتشير إلى اعتمادهم الكبير على المواد الغذائية المعلبة التي ألقت بآثارها السيئة على صحتها وصحة الأطفال، وذلك لندرة توفر الطعام.

وخلال عام من الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في قطاع غزة، لم تسلم النساء والأطفال من أهوال الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، إذ تعرضوا لأشكال مختلفة من العنف، بما فيه القتل والإصابة والفقد.

ظروف قاسية

من جانبها تشكو الفلسطينية الستينية نوال الغماري من قسوة الظروف التي مرت بها جراء الإبادة الإسرائيلية، وتقول الغماري المقيمة بمدرسة الزهراء شرق مدينة غزة التي تعرضت للقصف أكثر من مرة: "استشهد زوجي في يوليو/تموز الماضي جراء إصابته باستهداف إسرائيلي"، مشيرة إلى أنه "بقي 3 أيام داخل المنزل شهيداً دون أن أجد أحد ينقله إلى المستشفى ويدفنه".

وتتابع: "عند استشهاده وضعتُ عليه غطاء كما وضعت وسادة تحت رأسه، وقرأت آيات قرآنية". وفي اليوم الرابع بعد استشهاده تمكن نجله من إخراجه من المنزل قبل النزوح منه ودفنه، وفق ما قالت بصوتها المنهك.

وعن ظروف المعيشة تقول الغماري إنهم في غزة صبروا على الجوع والعطش، لافتة إلى "وجود معاناة كبيرة في توفير الغذاء والمياه".

انعدام الخصوصية

من جانبها تقول منى سلوت، وهي "أم لشهيدين وشقيقة لـ3 شهداء وزوجة معتقل": "لم يبقَ لي معيل، ولادي وأشقائي وزوجي كلهم ذهبوا".

وتضيف سلوت النازحة من شرق خان يونس جنوب قطاع غزة: "عندما نزحنا من المنزل نحو مدرسة إيواء واجهنا ظروفاً صعبة، حيث الاكتظاظ داخل الغرف الصفية" وتوضح: "في تلك المراكز تنعدم خصوصية المرأة تماماً، إذ تجد معاناة كبيرة في تغيير ملابسها أو استعمال دورة المياه أو الجلوس بمفردها".

وتردف: "كل صف فيه 50 فرداً على الأقل، لو أردنا تغيير الملابس فلا بد من أن نصنع ساتراً من القماش لنتمكن من ذلك، أما دورة المياه والاستحمام فنحتاج إلى نحو 3 أيام للعثور على مكان أو لتوفير المياه اللازمة".

وفي 18 يوليو/تموز الماضي قالت المسؤولة الأممية ماريس غيمون في تصريحات نشرها الموقع الرسمي إن "مليون امرأة وفتاة في غزة يتحملن أسوأ أعباء حرب ممتدة".

وقالت: "النساء في غزة جائعات ومنهكات ومريضات، يحافظن على بقاء الأُسَر معاً على الرغم من أنهن يعشن في خوف مستمر وفقدان"، مضيفة أن: "كل امرأة قابلتها كانت قصة فقدان، أكثر من 6 آلاف أسرة فقدت أمهاتها".

الأطفال.. أكثر شرائح المجتمع تضرراً

على مدار 12 شهراً، شكَّل الأطفال أكثر شرائح المجتمع تضرراً، إذ صار نحو 25 ألفاً و973 طفلاً يتيماً يعيشون دون والديهم أو دون أحدهم، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

ومن بين إجمالي الشهداء من الأطفال البالغ عددهم 16 ألفاً و891، يوجد نحو 171 رضيعاً و710 أطفال أقل من عام، فضلاً عن وفاة 36 آخرين نتيجة المجاعة وفق إحصائيات فلسطينية.

وفقد الأطفال لذويهم دفع بالآلاف منهم إلى تحمل مسؤوليات أكبر من أعمارهم، إذ خرجوا للعمل في الشوارع لتوفير لقمة العيش، وللوقوف في طوابير لساعات طويلة من أجل توفير المياه أو الخبز.

كما تعرضوا جراء الخوف والحزن المستمر لصدمات نفسية، إذ قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في 3 سبتمبر/أيلول الماضي إنّ أطفال غزة "بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.. لا يوجد مكان آمن للأطفال مع تفاقم الأزمة الإنسانية".

وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

TRT عربي - وكالات