جريمة قتل خاشقجي.. كيف ينقذ ترمب بن سلمان من المحاسبة؟
أفاد موقع بيزنس إنسايدرز، وفقاً لمقتطفات نقلها من كتاب الصحفي بوب وودورد المقرر نشره الثلاثاء، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فاخَر بـ"إنقاذه" ولي العهد السعودي، من محاسبة الكونغرس، في جريمة قتل الصحفي السعودي خاشقجي. فما معادلة دعم ترمب لابن سلمان؟
تعامل إدارة ترمب مع قضية خاشقجي يلقي الضوء على طبيعة العلاقة بين واشنطن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان (AFP)

في تطورٍ جديدٍ من تطورات قضية مقتل خاشقجي وتواطؤ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع السلطات السعودية بخصوصها، قال الصحفي الأمريكي بوب وودورد في كتابه "الغضب"، إن ترمب كان يفاخر بـ"إنقاذه" ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد مقتل الصحفي السعودي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

لا يمكن أن تكون مساءلة عن القتل الوحشي لجمال خاشقجي، حتى تعلن الإدارة ما تعرفه حكومة الولايات المتحدة بخصوص من في الحكومة السعودية أمر ونفذ وحاول التستر على القتل.

آدم شيف - رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي

"أنقذته"

وفقاً لكتاب وودورد المقرر له أن يصدر الثلاثاء، الذي نقل مقتطفات منه موقع "بيزنس إنسايدر"، فإن ترمب تفاخر بحماية حليفه بن سلمان من رقابة الكونغرس.

ويورد وودورد الذي أجرى 18 مقابلة مع ترمب، فضلاً عن مقابلات أخرى مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض، في كتابه، أنه عندما قال لترمب في يناير/كانون الثاني الماضي، إن "الكثيرين في واشنطن بوست منزعجون من مقتل خاشقجي.. فهذا واحد من أكثر الأشياء بشاعة، وقد قلت ذلك بنفسك"، رد الرئيس الأمريكي بالقول: "نعم، لكن إيران تقتل 36 شخصاً يومياً".

وتحت ضغوط وودورد، قال ترمب صراحة: "لقد أنقذته"، في إشارة إلى ولي العهد السعودي، مضيفاً: "تمكَّنت من إقناع الكونغرس بتركه وشأنه، وإقناعهم (أعضاء الكونغرس) بالتوقُّف" عن التحقيق في القضية.

وعندما سأله وودورد إن كان يعتقد أن بن سلمان أمر بقتل خاشقجي، قال ترمب: "لا، فقد أنكر ذلك بنفسه"، ثم لفت إلى مكانة المملكة في الشرق الأوسط بسبب أهميتها الدينية، واحتياطياتها النفطية الضخمة.

يُذكر أن ترمب انتقد في أغسطس/آب الماضي، الكتاب، ووصفه بأنه "مزيف، كما هو الحال مع غيره من الكتب".

وعلى الرغم من ما قاله ترمب، فإن معركته مع الكونغرس الذي يسيطر الديمقراطيون على إحدى غرفتيه، لا يبدو أنها انتهت بالفعل، ففي مايو/أيار الماضي، كشف موقع مونيتور أن الديمقراطيين في الكونغرس يعملون على إعداد تشريع يجبر ترمب على رفع السرية عن تقرير قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وأوضح الموقع أن التشريع سيفرض على الإدارة الأمريكية الإفصاح عن كل مسؤول سعودي تواطأ في الجريمة قد يشمل ولي العهد محمد بن سلمان.

وقال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب آدم شيف إنه "لا يمكن أن تكون مساءلة عن القتل الوحشي لجمال خاشقجي حتى تعلن الإدارة ما تعرفه حكومة الولايات المتحدة بخصوص مَن في الحكومة السعودية أمر ونفذ وحاول التستُّر على القتل".

"طريق مسدود"

في مايو/أيار الماضي، نشرت وكالة بلومبرغ الأمريكية مقالاً للكاتب الصحفي بوبي غوش، بعنوان "كيف وصل محمد بن سلمان إلى طريق مسدود في واشنطن؟"، وذكر فيه الكاتب أن ترمب هدد الأمير السعودي في محادثة هاتفية في أبريل/نيسان الماضي، بأنه سيسحب جميع القوات الأمريكية من السعودية ويتركه وحيداً أمام ضغوط الكونغرس، "حال لم يستجب لمطالبه" بخفض إنتاج المملكة من النفط.

وأشار غوش في مقاله إلى أنه "لم تمضِ على المكالمة 10 أيام، قبل أن تتفق السعودية مع روسيا على إنهاء حرب الأسعار والبدء بخفض الإنتاج"، مضيفاً أن "الرئيس الأمريكي بطريقته، تجنَّب ذكر التكتيكات القاسية التي اتبعها لتحقيق هدفه، ربما لأنه لم يكن يرد إحراج بن سلمان".

وتحدّث الكاتب أيضاً حول أن "محمد بن سلمان أصبح عرضة للهجمات المستمرة من كل الدوائر في واشنطن بسبب عدد من القضايا، منها الحرب في اليمن، واعتقال الناشطات في مجال حقوق الإنسان، وقتل الصحفي جمال خاشقجي"، مستشهداً بوصف السيناتور الأمريكي لندسي غراهام له بأنه "غير مستقر ولا يوثق به".

المال مقابل الحماية

ولا يُعد أسلوب الابتزاز الذي يتبعه ترمب مع حليفه في الرياض جديداً، فالرئيس الأمريكي كان واضحاً للغاية في هذا الخصوص، حتى قبل انتخابه بأعوام، الأمر الذي تشير إليه تغريدة قديمة نشرها عام 2014، وقال فيها إن "المملكة العربية السعودية يجب عليها أن تخوض حروبها الخاصة.. أو أن تدفع لنا مقابل حمايتها من الثروة الهائلة التي تمتلكها".

ويؤكد ترمب التزامه الموقف نفسه في مناسبات عدة، كان آخرها ربما إجابته على وودورد بأن السعودية دفعت "400 مليار دولار، خلال فترة قصيرة جداً"، بما يبرر ضرورة تجاهل قضية خاشقجي، وفقاً لما أورده الصحفي الأمريكي في كتابه.

يُذكر أن ترمب تحدّث في مايو/أيار 2019، عن حماية بلاده للسعودية، قائلاً أمام تجمُّع لأنصاره في ولاية فلوريدا، إن "دولاً مثل السعودية غنية جداً ولا تملك سوى المال.. أعتقد أن بإمكانهم دفع المال مقابل الدفاع عنهم".

وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قتل خاشقجي، الصحفي السعودي والكاتب بصحيفة "واشنطن بوست"، داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول.

وعقب 18 يوماً على الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل خاشقجي إثر "شجار مع سعوديين"، وتوقيف 18 مواطناً في إطار التحقيقات، من دون الكشف عن مكان الجثة.

وفي إطار القضية، أصدرت السعودية أحكاماً بالإعدام بحق 5 متهمين، وأحكاماً بالسجن 24 عاماً لثلاثة متهمين آخرين، فيما جرى إطلاق سراح الأسماء المقربة من ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي تقرير من 101 صفحة نشرته المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في يونيو/حزيران 2019، جرى تحميل السعودية المسؤولية عن قتل خاشقجي "عمداً".

وأشار التقرير الأممي أيضاً إلى وجود أدلة موثقة من أجل التحقيق مع مسؤولين كبار، بينهم ابن سلمان.

TRT عربي - وكالات