بالقتل والتجويع.. شهادات مروعة من محاصَرين بشمال غزة بعد 100 يوم من الإبادة
أفرزت العملية العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف شمال قطاع غزة منذ 100 يوم بالقصف والإبادة، عمليات قتل وتجويع وتهجير لآلاف الفلسطينيين، الذين أصروا على التمسك بمنازلهم، متشبثين بما تبقى من حياتهم اليومية رغم الحصار الخانق.
شهادات مروّعة من الفلسطينيين بعد 100 يوم من الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي شمال قطاع غزة / صورة: AA (AA)

رغم مرور 100 يوم على العملية الإسرائيلية في محافظة شمال قطاع غزة، يصر آلاف من الفلسطينيين التمسك بمنازلهم، متشبثين بما تبقى من حياتهم اليومية، على الرغم من الدمار الواسع، والحصار الخانق الذي قطع عنهم سبل الحصول على الطعام والماء في ظل إبادة جماعية ينفذها الاحتلال ضد القطاع.

وعلى مدى الأشهر الماضية، استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي جميع الوسائل لإجبار السكان على النزوح القسري، إلا أن آلافاً من الفلسطينيين رفضوا الانصياع وواجهوا خطر الموت والجوع في منازلهم ومراكز الإيواء المستمر حتى الآن.

وفي غضون ذلك تشهد المنطقة عمليات قصف مستمرة تستهدف أي حركة، ما يجعل الخروج من المنازل مخاطرة قاتلة، حسب شهود عيان.

استشهاد وفقدان 5 آلاف فلسطيني

والأحد، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان، إن عمليات الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها جيش الاحتلال في شمال القطاع منذ 100 يوم، أسفرت عن استشهاد وفقدان 5 آلاف فلسطيني وإصابة 9 آلاف و500، و2600 معتقل.

وأضاف البيان: "خلال هذه الأيام المئة، عاش أبناء شعبنا الفلسطيني في شمال القطاع أبشع صور القتل والتطهير العرقي والتدمير والتهجير".

وأشار كذلك إلى أن الدمار الذي طال المنازل والمستشفيات والمرافق العامة والبنية التحتية "يفضح جلياً نية الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على مقومات الحياة في قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، متسبباً في أزمة إنسانية عميقة تُفاقم من معاناة شعبنا الفلسطيني".

شهادات مؤلمة

شهادات السكان تكشف عن استمرار تدمير المنطقة، حيث تحرق المنازل وتجرف الأراضي بشكل منهجي، ولا يزال آلاف يعيشون في بلدات "بيت لاهيا"، "بيت حانون" ، وأجزاء من "مخيم جباليا"، وسط ظروف مأساوية.

وقال أمجد فايز، المقيم في حي "تل الزعتر" شمالي مخيم جباليا إنهم يعيشون "أوضاعاً كارثية" بلا أي مقومات للحياة، ورغم ذلك يصرون على البقاء ورفض النزوح.

وأضاف: "الصامدون في شمال غزة اختاروا البقاء حتى النهاية أو مواجهة الموت، في ظل محاولات الاحتلال معاقبتهم بكل الوسائل". وأوضح أن الطعام والماء غير متوفرين منذ أسابيع، ويعيشون بصعوبة بالغة على ما يمكنهم توفيره.

وأشار إلى أن كثيرين فقدوا حياتهم في أثناء محاولتهم البحث عن الغذاء والماء، نتيجة استهداف جيش الاحتلال لأي حركة. وأضاف: "نشاهد يومياً عمليات حرق ونسف تدمر المنازل والممتلكات بالكامل، بينما تعجز فرق الدفاع المدني والطوارئ عن التدخل".

وأكد أن مئات المواطنين ما زالوا محاصَرين داخل منازلهم، وبعضهم استشهد دون أن يتمكن أحد من انتشال جثثهم بسبب صعوبة التحرك.

ولفت إلى أن الشوارع مليئة بجثث الشهداء التي نهشتها الكلاب والقطط، دون أن تُنتشل حتى الآن رغم مرور أسابيع على استهدافهم.

أسباب متعددة للموت

فيما تروي الشابة ربا المصري، التي نزحت من مسقط رأسها بلدة "بيت حانون" إلى جارتها بلدة "بيت لاهيا"، مشاهد مأساوية من الحياة تحت الحصار، قائلة إن "البلدة أصبحت كومة ركام بعد تجريف معظم أراضيها ومنازلها خلال الأسابيع الماضية".

وأشارت المصري إلى انتشار المسيّرات والآليات العسكرية في معظم أنحاء البلدة، مع استمرار عمليات التدمير بشكل متواصل.

وأضافت: "الموت يحيط بنا من كل جانب، سواء من الجوع أو العطش أو القصف، ورغم ذلك نرفض مغادرة شمال قطاع غزة لأن أرواحنا مرتبطة بهذا المكان، والموت أهون من تركه".

وتابعت المصري: "إسرائيل تحاول تفريغ شمال غزة لتحويله إلى مستوطنة، لكن هذا الحلم سيبقى بعيد المنال مع استمرار صمودنا في هذه المنطقة".

ويزعم جيش الاحتلال أن عملياته التصعيدية بمحافظة شمال غزة منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 تستهدف "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

لكن الفلسطينيين يكذبون مزاعم الاحتلال، محذرين من أن محرقة الإبادة والتطهير العرقي التي تشنها إسرائيل تأتي بهدف الاحتلال وتحويلها إلى منطقة عازلة وتهجير سكانهما، تحت وطأة قصف دموي وحصار مشدد يحرمهم من الغذاء والماء والدواء، ضمن خطة "الجنرالات".

و تهدف "خطة الجنرالات"، حسب موقع "واي نت" العبري الذي كشف عنها في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى تحويل منطقة شمال ممر نتساريم (محافظتي غزة والشمال)، إلى منطقة عسكرية مغلقة.

وحسب أرقام أعلنها محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني، فإن من بين إجمالي سكان محافظة شمال غزة البالغ عددهم 200 ألف، هُجّر بالفعل قسرا نحو 180 ألفاً، بينما لم يتبقَّ سوى 20 ألفاً.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 156 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

TRT عربي - وكالات