قال رئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك إنه ينوي بحث تعاون اقتصادي مع موسكو، ذلك حين لقائه قادتها الشهر الجاري. تعاون يتركز، حسب بيان الرئيس، على مد خطوط الغاز وبناء محطات طاقة حرارية لتوليد الكهرباء.
فيما يسعى دوديك لأن يقدم نفسه منفذاً للروس أمام الحصار الغربي الذي يهدد صادراتهم الطاقية، وعينه على الدعم الروسي له في مساعيه للانفصال عن سراييفو. هذا وتهدد هذه الخطوة بجرِّ منطقة البلقان، والبوسنة على وجه التحديد، إلى العودة مجدداً إلى مستنقع دم شبيه بذلك الذي عاشته بداية التسعينات.
خطوات دوديك نحو بوتين
وكان من المقرر أن يلتقي دوديك أولاً وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، يوم الثلاثاء، في العاصمة الصربية بلغراد. وبعدها يلتقي الرئيس بوتين في مدينة سان بطرسبرغ، خلال فعاليات مؤتمرها الاقتصادي الدولي، المزمع إجراؤه بين 15 و18 يونيو/حزيران الجاري.
وقال رئيس صرب البوسنة في بيان إنه سيتحدث مع القادة الروس بشأن "بناء خط أنابيب للغاز، وبناء محطات توليد الطاقة الحرارية تعمل بالغاز، بالإضافة إلى أمور أخرى تتعلق بالتعاون في مجال الاقتصاد"، مشدداً على حاجته "إلى معرفة آفاق ذلك التعاون".
وأردف دوديك مؤكداً موقفه المحابي لموسكو، بالقول: "ضُغط عليّ من جميع الأطراف للمشاركة في فرض عقوبات على روسيا ولإبداء بعض الحماسة إزاء ذلك"، لكن "قررنا عدم فعل ذلك (المشاركة في العقوبات) لأننا نعرف أن هذه الكارثة ستمر وأنه سيتعين علينا التعاون وإقامة علاقات جيدة مع روسيا".
هذا قبل أن يربط سعيه نحو موسكو بطموحه الخطير بتقسيم البوسنة، إذ قرن إشادته بالتعاون مع روسيا بحديثه عن أن "الوضع في البوسنة والهرسك مقسم أكثر من أي وقت مضى".
أصابع روسيا في البلقان
وتلتقي المصالح الروسية والصربية والقوميون اليمينيون الصرب في نقطة ساخنة، هي دعم تحركات زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك الأخيرة، والتي تهدف إلى انفصال جمهوريته ذاتية الحكم عن جمهورية البوسنة، بما قد يدفع المنطقة إلى اقتتال أهلي دموي جديد.
وتحدث دوديك في خطابات كثيرة خريف السنة الماضية عن رغبته في إنشاء "الوطن الصربي الكبير"، وهو مصطلح يعود إلى سنوات الحرب التي عرفتها البلاد بداية التسعينيات. ويصطف إلى جانبه في هذا الطرح القوميون الصربيون الذين يعتبرون أن بين المسيحيين والمسلمين صراعاً تاريخياً دينياً.
وتدعم روسيا سياسات دوديك، إذ سبق وصرّح رئيس صرب البوسنة بأنه "عندما أذهب إلى بوتين لا أكون بحاجة إلى تقديم مطالب، بل هو الذي يسألني عما يمكن فعله لمساعدتي"، مضيفاً أن "الرئيس الروسي لم يخذلني قط عندما قدّم لي وعوده، وعلى هذا الأساس ثقتي به كبيرة".
تتمثل المساعدة الروسية لدوديك، سياسياً في عرقلة أعمال المبعوث الأممي للبوسنة كريستيان شميت، إذ هدّدَت موسكو بتعطيل التصويت على تجديد مهامّ القوات الأوروبية في البوسنة والهرسك "يوروفار" إن لم يسحب شميت اتهاماته للمسؤولين الصرب. وعسكريّاً في تدريب مليشيات "الشرف الصربي" المتطرفة، لدعم مخطط انفصال صرب البوسنة.
وسبق أن حذر المبعوث الأممي للبوسنة والهرسك في تقريره من أن "الانقسامات بين الأطراف البوسنية آخذة في الاتساع، وخطر الحرب أكثر جديَّة، في حين أن أي ضعف في الاستجابة لهذه الوضعية قد يهدّد اتفاق دايتون، في وقت يتزايد فيه التدخل الخارجي في شؤون البوسنة والهرسك".
واحتجت سراييفو في أكثر من مرة على الدعم الروسي لطموحات دوديك الانفصالية، إحداها كانت عندما بعثت موسكو ممثليْن رسمييْن عنها لحضور فعاليات إحياء "عيد جمهورية صرب البوسنة" المحظور قانوناً. وقالت على لسان خارجيتها، إن ذلك يعد تدخلاً روسياً في الشأن الداخلي للبوسنة.
فيما ومنذ اندلاع الحرب شرق أوكرانيا في 2014، رصدت تقارير إعلامية وجود مئات المتطوعين من جمهورية صرب البوسنة في لوغانسك ودونيتسك، للقتال تحت رايات انفصاليّي الإقليم.