امتدت إلى الدفاعي والأكاديمي.. مقاطعة إسرائيل تكتسب زخماً دولياً جديداً
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تستمر حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل، في سبيل عزلها اقتصادياً وسياسياً، وإجبارها على إيقاف جرائمها في القطاع. وعلى الرغم من أن هذه الحملة ليست وليدة اللحظة، فإنها أصبحت تأخذ زخماً متصاعداً مع استمرار الحرب.
حملة مقاطعة إسرائيل تكتسب زخماً دولياً جديداً / صورة: Reuters (Reuters)

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير لها، إن الأشهر التي تلت بدء الحرب في غزة، شهدت ازدياد الدعوات لعزل إسرائيل واتسع نطاقها، بحيث لم تعد تشمل فقط محاصرة مجهودها الحربي.

ويؤدي هذا الأمر، حسب توقعات الصحيفة الأمريكية، إلى تغيير جذري في سوق الشغل الإسرائيلية وإثقال كاهل اقتصاد الدولة التي تعتمد على التعاون الدولي والدعم الخارجي في مجالات الدفاع والتجارة والبحث العلمي.

ضربة موجعة للأكاديمية الإسرائيلية

في أواخر شهر مايو/أيار الماضي، أوصت لجنة الأخلاقيات بجامعة جينت البلجيكية، بإنهاء جميع برامج الشراكة البحثية التي تربط الجامعة بمؤسسات إسرائيلية. وأرجعت اللجنة قرارها إلى كمّ الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني.

وأضافت اللجنة في بيانها: "إن المؤسسات الأكاديمية تطور التكنولوجيا لصالح الأجهزة الأمنية ويُساء استخدامها في ما بعد في انتهاكات حقوق الإنسان، وتوفر التدريب للجنود والأجهزة الأمنية، الذين يسيئون استخدام هذه المعرفة بتلك الانتهاكات".

وإضافةً إلى هذا، نجحت الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت في عدد من الجامعات الغربية، في تحقيق مطلبها بسحب نحو 20 جامعة حول العالم استثماراتها في إسرائيل، من ضمنها كلية ترينيتي الأيرلندية التي قررت، في شهر مايو/أيار، إنهاء استثماراتها في شركات إسرائيلية. وبالتزامن مع ذلك، قررت جامعة بروكسل في بلجيكا، الانسحاب من مشروع علمي حول الذكاء الصناعي تشارك فيه مؤسستان إسرائيليتان.

وتوصل الطلاب المتظاهرون بجامعة براون الأمريكية، إلى اتفاق لفض مخيمهم بعد موافقة الجامعة على إجراء تصويت في أكتوبر/تشرين الأول المقبل على سحب استثماراتها من الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي. كما استجابت إدارة جامعة إيفرغرين الأمريكية لمطالب طلابها المحتجين وأبرمت معهم مذكرة تفاهم، تعهدت فيها إدارة الجامعة بـ"الشفافية والإفصاح عن الاستثمارات وبرامج التعاون الأكاديمي مع الخارج".

وفي تصريحات سابقة للأناضول، أوضحت ندى حسين، منسقة فلسطين والعالم العربي في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، أن "حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية تهدف إلى منع إسرائيل من التغطية على انتهاكاتها وجرائمها المستمرة ضد الفلسطينيين من خلال استغلال الفن والثقافة والأكاديمية والرياضة".

وحسب المتحدثة، فإن أربع جامعات نرويجية أنهت مؤخراً علاقاتها مع جامعات إسرائيلية، "مستندةً في قرارها إلى عدوان إسرائيل على قطاع غزة والوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه سكانه وتجاهل إسرائيل أحكام محكمة العدل الدولية الخاصة بمنع الإبادة الجماعية".

ونقلت وول ستريت جورنال، عن إران سيغال، عالم الأحياء بمعهد وايزمان الإسرائيلي الذي تربطه شراكة بجامعة جينت، تعبيره عن القلق حول ما ينتج عن قرار الجامعة البلجيكية، واصفاً ذلك القرار بـ"المثير للقلق والانزعاج الشديدين"، لأن استجابة الشركاء الأوروبيون لهذه الدعوة "ستكون بمثابة ضربة هائلة لقدرتنا على إجراء البحوث العلمية الأكاديمية".

وحسب الزميل في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، شامير بورير، فإن "تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة يعني أنه حتى لو لم تحدث الأمور رسمياً، فإن عدداً أقل من الشركات تشعر بأنها تريد الاستثمار في إسرائيل في المقام الأول، وعدداً أقل من الجامعات تريد التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية، ومثل هذه الشراكات تحدث فقط عندما تحصل على مكانة رمزية".

المقاطعة تصل إلى شركات السلاح الإسرائيلية

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن حملة المقاطعة أصبحت تضيق أكثر فأكثر على الشراكات الدفاعية التي تبرمها إسرائيل مع حلفائها. ودللت على التضييق بما واجهته شركات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية من منع من المشاركة في المعرض الأوروبي الكبير للأسلحة "Eurosatory".

وحسب نعومي ألييل، المديرة الإدارية لشركة "ستاربورست إيروسبيس" الإسرائيلية، وهي شركة استشارية دولية تعمل على تطوير واستثمار الشركات الناشئة في مجال الطيران والدفاع، فإن قرار السلطات الفرنسية مثّل "صدمة لمجتمع الصناعات الدفاعية الإسرائيلية بأكمله".

وعلى الرغم من قرار المحكمة إلغاء حظر مشاركة الشركات الإسرائيلية في المعرض، فإن معظم تلك الشركات كانت قد انسحبت بالفعل، وفق ما ذكرت وول ستريت جورنال.

ويعود الفضل في قرار الحظر ذلك، إلى الحملة الواسعة التي قادها نشطاء تجمّع "أوقِفوا تسليح إسرائيل"، منذ منتصف مايو/أيار الماضي، للضغط على منظمي "Eurosatory". وشملت هذه الحملة "المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، والاحتجاج والمضايقة عبر الهاتف، إضافةً إلى خطوات قضائية"، وشارك في هذه الحملة "أكثر من 170 جمعيةً ونقابةً وحزباً"، حسبما أفاد لويك، منسق مجموعة "أوقِفوا تسليح إسرائيل" في فرنسا، وفي تصريحات سابقة لـTRT عربي.

وقال لويك وقتها: "هذا الانتصار هو أمر ضخم لنا وللقضية الفلسطينية، لأن الشركات الإسرائيلية كانت تربح مئات ملايين الدولارات من العقود التي وقّعتها خلال المعرض في نسخه الماضية".

ومنذ اندلاع الحرب، تقود مجموعة "أوقفوا تسليح إسرائيل"، بمعية جمعيات ونشطاء آخرين، احتجاجاً واسعاً على حكومة ماكرون وصناعة السلاح الفرنسية، من أجل ثنيها عن الاستمرار في توريد الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي. وكشفت تحقيقات صحفية، في مارس/آذار الماضي، تورط الشركات الفرنسية في الإبادة الجماعية بغزة.

وفي هذا السياق، أوضح منسق "أوقِفوا تسليح إسرائيل": "نعلم أن موضوع الأسلحة حساس للغاية، وأنه بمجرد كشف أي معلومة حوله، أو توزيع منشورات أو مظاهرة، فإنه يضع الشركات تحت الضغط (...) حتى الآن، ليست لدينا معلومات دقيقة عن حجم المعدات العسكرية التي تُرسَل من فرنسا إلى إسرائيل، لكننا نعلم أن هناك قرابة 30 إلى 40 رابطاً بين الشركات الفرنسية والإسرائيلية".

أما عن مدى نجاح هذه الحملة، فقال لويك: "نعلم أن هذه الروابط (بين الشركات الفرنسية والإسرائيلية) نشطة، لكننا لا نعرف بالضبط عدد القطع التي تُباع سنوياً، وما إذا كان هناك انخفاض أم لا، لأن الشركات لن تخبرنا أبداً إذا كانت مبيعاتها انخفضت بسبب حملتنا".

وبالتالي، يخلص المتحدث إلى أنه "يتعذر حالياً الحديث عن نصر واضح للحملة، لكنهم يعلمون أن هذا الأمر يزعجهم حقاً". ويضيف: "إنهم لا يريدون أن يكون هناك تواصل بين الحركة التضامنية مع فلسطين والعمال في قطاع الأسلحة، لذا سنفعل كل ما بوسعنا لزيادة هذا التواصل بيننا وبين أولئك العمال".

TRT عربي