الحصيلة بلغت 9520.. انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى "وجه آخر من الإبادة"
أثارت شهادة مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، حول انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى التساؤلات حول الظروف في السجون ومراكز الاحتجاز المقامة في القواعد العسكرية ومعاملة إسرائيل للأسرى.
وقفات تضامن مع غزة والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي / صورة: AA (AA)

وقال أبو سلمية الذي أُفرج عنه الاثنين إلى جانب 54 أسيراً، إنه تعرض للضرب على يد الحراس ومُنع من الاتصال بمحام خلال الأشهر السبعة التي قضاها محتجزاً، مؤكداً أن عدداً من الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، قُتلوا تحت التعذيب الذي تعرضوا له خلال التحقيق أو جرّاء الإهمال الطبي ونقص العلاج.

السجون الإسرائيلية.. "وجه آخر من الإبادة"

يستمر الاحتلال الإسرائيلي في اتباع سياسة الانتقام من الأسرى الفلسطينيين منذ بدء المعارك البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ اعتقلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، جرى الإفراج لاحقاً عن عدد ضئيل منهم، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولاً.

وقال نادي الأسير الفلسطيني أمس (الأربعاء) إنه "على الرغم من الشهادات الصادمة والمروعة التي لا تتوقف مع الإفراج عن مزيد من المعتقلين، التي تعكس صورهم وهيئاتهم جانباً منها، وعلى الرغم من التحقيقات الصحفية الدولية والمشاهد المروعة مؤخراً لاستخدام معتقلين كدروع بشرية تواصل منظومة الاحتلال المتطرفة بكل مكوناتها التحريض على قتل الأسرى الفلسطينيين".

وأضاف بيان النادي أن "الاحتلال لم يكتفِ بمستوى الجرائم غير المسبوقة التي ينفذها بحقهم، بل يواصل بث دعوات وتأكيدات لقتلهم، في تأكيد جديد على أنّ ما يجري بحق الأسرى والمعتقلين هو وجه آخر للإبادة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني".

واليوم الخميس، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، بأن حصيلة الاعتقالات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ارتفعت إلى 9520.

وأشارت الهيئة والنادي في بيان مشترك إلى أن "هذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا إلى تسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا رهائن".

وأشارت الهيئة إلى أن حملات الاعتقال المستمرة رافقتها جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها: "عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات والأموال والذهب".

فضلاً عن عمليات التدمير الواسعة التي طالت البُنى التحتية تحديداً في مخيمات طولكرم وجنين ومخيمها، وهدم منازل لعائلات أسرى.

انتهاك للقانون الإنساني الدولي

وأشار صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها الثلاثاء أن إسرائيل "تتعرض لضغوط دولية متزايدة بشأن الظروف في السجون ومراكز الاعتقال المقامة في القواعد العسكرية وطريقة معاملتها السجناء".

وحذرت وثيقة وقعها رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، في أواخر يونيو/حزيران المنصرم واطّلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال، من أن الظروف التي يُحتجز فيها الفلسطينيون يمكن أن تنتهك القانون الإنساني الدولي، وطالبت الوثيقة بتمكين ممثلي الصليب الأحمر من الوصول إلى السجناء بشكل أكبر.

وقالت الوثيقة أيضاً إن "الوضع قد يكون له آثار استراتيجية خطيرة على إسرائيل في الساحة الدولية"، وأوصت بتغييرات فورية في سلوك إسرائيل، بما في ذلك "وقف السلوك الذي يصل إلى حد الانتهاك".

وقال تال شتاينر، المدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل لـ"وول ستريت جورنال" إن "إطلاق سراح أبو سلمية يثير التساؤلات حول صحة مزاعم إسرائيل ضده"، كما شكك في مزاعم إسرائيل حول اعتقاله بأنه "قيل إنه خطير للغاية، ومتورط للغاية، ومتواطئ للغاية في وضع الرهائن.. لو كان الأمر لا يزال كذلك، أعتقد أن الجيش لم يكن ليطلق سراحه".

واحتُجز أبو سلمية بموجب قانون "المقاتلين غير الشرعيين" لعام 2002، الذي يسمح باحتجاز الأسرى لمدة تصل إلى 75 يوماً دون رؤية قاض، ولمدة تصل إلى ستة أشهر دون الاتصال بمحام. وقال شتاينر إن قضية أبو سلمية تظهر مدى سهولة تصنيف الأشخاص "مقاتلين غير شرعيين".

وفي حديث سابق لـTRT عربي، قالت مديرة الإعلام والتوثيق في نادي الأسير الفلسطيني أماني سرحاني إن مرحلة الاعتقالات التي شنها الاحتلال من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتعذيب السجناء "لا يمكن مقارنتها بأي فترة سابقة".

وقالت: "نحن لا نتحدث عن سياسات استثنائية لم يستخدمها الاحتلال سابقاً، وإنما المتغير في حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول هي كثافة هذه الاعتقالات والرغبة الانتقامية التي ربما عكستها جميع الشهادات التي جمعناها من المعتقلين ومن عائلاتهم زمن الأسرى داخل سجون الاحتلال، وكل حالة اعتقال تعكس مستوى عمليات التنكيل التي نُفِّذت بحق المعتقل".

وفي الضفة الغربية المحتلة، سبق أن وثقت منظمة العفو الدولية على مدى عقود ممارسات تعذيب واسعة النطاق على أيدي السلطات الإسرائيلية في أماكن الاحتجاز في مختلف أنحاء الضفة، ونُشرت مقاطع فيديو وصور على الإنترنت على نطاق واسع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول تُظهر مشاهد مروعة لجنود إسرائيليين يضربون فلسطينيين ويهينونهم، فيما يعتقلونهم وهم معصوبو الأعين ومكبّلو الأيدي ومجرَّدون من ملابسهم.

وقفات تضامنية واستنكار من منظمات أممية

ويوم الثلاثاء، شارك عشرات الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة في وقفات دعت لها منظمات حقوقية وقوى سياسية للتضامن مع قطاع غزة والأسرى في سجون إسرائيل.

وحسبما نقلته وكالة "الأناضول"، نُظمت وقفة "إسنادية نصرة لغزة وللأسرى"، في ساحة مركز بلدنا الثقافي بمدينة البيرة (وسط) دعت لها مؤسسات الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية.

كما نُظمت وقفتان مماثلتان في مدينتي طولكرم وجنين، فيما شارك في الوقفات ذوو أسرى وممثلون عن مؤسسات حقوقية، رفعوا خلالها صور أسرى وخاصة المرضى منهم.

وأمس الأربعاء، أعربت الأمم المتحدة عن استنكارها بعد ظهور تقارير عن انتهاكات وصفتها بـ"غير المقبولة" تعرض لها أسرى فلسطينيون تشمل التعذيب، خصوصاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مطالِبةً بإجراء تحقيق.

وحول ربط جيش الاحتلال الإسرائيلي فلسطينياً جريحاً بمركبة عسكرية خلال مداهمة في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في مؤتمر صحفي بجنيف، إنه "من المثير للغثيان رؤية مثل هذه المعاملة غير المقبولة على الإطلاق"، مضيفاً "يجب أن يجرى تحقيق شفاف ومستقل لمعرفة ما حدث ولضمان تقديم المرتكبين للعدالة".

واعتقلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، جرى الإفراج لاحقاً عن عدد ضئيل منهم، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولاً.

TRT عربي - وكالات