اعتداءات وكراهية وتحريض.. كيف تصاعدت الإسلاموفوبيا في الغرب بسبب حرب غزة؟
مع استمرار الحرب في غزة يجتاح الدول الغربية موجة إسلاموفوبيا واسعة، ما أدى إلى وقوع جرائم وكراهية تستهدف الجاليات المسلمة هناك. فيما لعب الإعلام الغربي والخطاب السياسي اليميني دور المحرض على شن مثل هذه الهجمات.
كيف تصاعدت الإسلاموفوبيا في الغرب بسبب حرب غزة؟ / صورة: AA (AA)

منذ اندلاع الحرب في غزّة أطلقت وسائل الإعلام والسياسيون الغربيون حملة تحريض واسعة ضد المسلمين في تلك البلدان، إذ عمدت إلى تصويرهم متعطشين إلى العنف والدماء ومعادين للسامية، وهو ما مثّل ذريعة لجماعات اليمين المتطرف لتصعيد كراهيتها للمسلمين والاعتداء عليهم.

ومع استمرار الحرب يستمر منحى الإسلاموفوبيا في التصاعد، وهو ما يكشفه تزايد عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين في الغرب وتدنيس مراكز عبادتهم بكتابات عنصرية. هذا بعد أسابيع قليلة من جريمة قتل الطفل الفلسطيني وديع الفيوم، ذي السنوات الـ6، في الولايات المتحدة.

اعتداءات وكراهية

شهد حي بيرلنغتون المحاذي لجامعة فيرموت بالولايات المتحدة، يوم الأحد، جريمة إطلاق نار على ثلاثة طلاب فلسطينيين كانوا يرتدون الكوفية. ووفق بيان قائد شرطة بيرلنغتون فإنه قد "تلقى اثنان من الضحايا طلقات في الصدر، فيما تلقى الثالث طلقات في أطرافه السفلى".

وأضاف قائد الشرطة أن الجاني رجل أمريكي يدعى جايسون إيتون، يبلغ من العمر 48 عاماً، وأطلق أربع طلقات على الأقل من مسدسه. وألقت الشرطة القبض على إيتون، مؤكدة أن الأدلة التي جرى تجميعها ترجح كونه الجاني في عملية إطلاق النار.

وتأتي هذه الواقعة بعد أسابيع قليلة من جريمة قتل الطفل الفلسطيني وديع الفيوم، ذي السنوات الـ6، طعناً من قِبل رجل أمريكي يبلغ من العمر 71 سنة، بمدينة شيكاغو في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما وُصفت بأنها جريمة كراهية ضد الفلسطينيين والمسلمين جرّاء تصاعد التحريض ضدهم مع اندلاع الحرب في غزة.

وليست جرائم الكراهية هذه حكراً فقط على الولايات المتحدة، بل شهد عدد من البلدان الأوروبية اعتداءات من نفس النوع. وخلال الأسبوع الماضي جرى تدنيس عدد من المساجد في فرنسا بكتابات عنصرية ومعادية للإسلام، فيما تتجه أصابع الاتهام في هذه الأفعال إلى جماعات اليمين المتطرف التي أصبحت أكثر نشاطاً منذ بداية الأحداث في الشرق الأوسط.

وفي ظرف أسبوع شهدت ثلاثة مساجد بكل من مدن ليون وشيربورغ وبيساك الفرنسية تدنيساً بكتابات من قبيل "الموت للمغاربيين" و"الإسلام مُعادٍ للسامية". وقبلها جرى الاعتداء على مسجد في مدينة فالونس بكتابة عبارة "المسلم الجيد هو المسلم الميت"، وهي عبارة دأب السياسيون الإسرائيليون على ترديدها شعاراً لجرائم التطهير العرقي التي يمارسونها على الفلسطينيين.

وفي ألمانيا تشير الأرقام إلى أن 81 مسجداً تعرضت لاعتداءات مختلفة منذ بداية العام الجاري 2023، إذ وقع نصف هذه الهجمات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول مع بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك حسب الأمين العام للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في ألمانيا (ديتيب)، أيوب كاليون.

وأطلق خبراء يوم الجمعة تحذيرات بأن الإسلاموفوبيا مشكلة جدية في البلاد. وفي حديثه لوكالة الأناضول قال ماتياس روهي، الباحث المشارك في تأليف أحد التقارير الأكثر شمولاً حول الإسلاموفوبيا في ألمانيا، إنه "نظراً إلى تفشي الإسلاموفوبيا، يواجه المسلمون في ألمانيا تمييزاً كبيراً في حياتهم اليومية، على سبيل المثال في التعليم، وفي سوق العمل، في أثناء البحث عن سكن، وفي وسائل الإعلام".

واعترفت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، في تصريحات لها يوم الثلاثاء، بأن ألمانيا تعاني من مشكلة الإسلاموفوبيا، إذ "يتفق كل شخص تقريباً (في ألمانيا) مع التصريحات المعادية للإسلام".

ولم تسلم أستراليا هي الأخرى من تزايد هذه الاعتداءات، إذ تعرَّض طفل فلسطيني إلى القذف بأنه "إرهابي" في أحد شوارع مدينة سيدني جنوب البلاد. وفي تفاعل مع الحادث أعرب رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، عن قلقه مما وصفه بـ "الحادث العنصري" الذي تعرَّض له الطفل الفلسطيني.

وفي ذات السياق أفادت مؤسسة سجلّ الإسلاموفبيا بأستراليا بأن جرائم الكراهية ضد المسلمين في تزايد منذ اندلاع الحرب في غزة، إذ سجلت المؤسسة نحو 133 اعتداءً خلال هذه الفترة، ضمنها البصق على النساء المحجبات، والتهديدات بالعنف المسلح، والتهديدات للمساجد والمدارس الإسلامية، والكتابة على الجدران، وإتلاف الممتلكات، ورسائل الكراهية والإساءة اللفظية.

كيف تصاعدت الإسلاموفوبيا في الغرب؟

ويرجع مراقبون تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى التغطيات الإعلامية والخطابات السياسية المنحازة والتحريضية ضد المسلمين. وقالت النسخة الإنجليزية من موقع الجزيرة إنّ "التغطية الإعلامية والخطاب السياسي في الولايات المتحدة أديا إلى تصاعد المشاعر المعادية للعرب والإسلام وسط الحرب الإسرائيلية على غزة".

وكتب موقع حزب الثورة الدائمة الفرنسي أن موجات التحريض هذه طالت الجالية المسلمة في البلاد، وأن "عدداً من الهجمات الإعلامية المعادية للإسلام في الأيام الأخيرة كان جزءاً من عرض الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني باعتباره صراعاً بين المسلمين واليهود، أو حتى باعتباره صراعاً بين حضارة يهودية مسيحية وحضارة عربية".

وأضاف الموقع أن "هذا الهجوم المعادي للإسلام لا يمكن فصله عن محاولة تجريم القضية الفلسطينية، إذ تستغلّ وسائل إعلام عديدة هذا الأمر لاستهداف المظاهرات والأنشطة الداعمة لفلسطين"، وبالتالي "شهدنا تزايد الاتهامات بالتغاضي عن الإرهاب ومعاداة السامية ضد أولئك الذين يتجرؤون على معارضة مذبحة الأطفال التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي".

من جانبه صرّح رئيس هيئة العلماء والدعاة في ألمانيا الدكتور طه عامر بأن الإعلام المنحاز الذي يعمل على تشويه الحقائق وترويج الأكاذيب ضدّ المسلمين هو أحد أبرز العوامل التي تدفع باتجاه ارتكاب هذه الأعمال العنصرية ضدّ المساجد في ألمانيا.

وقال الدكتور طه عامر في حديثه لـTRT عربي إنه "عندما يقع حادث عنف مثلاً أو جريمة، فإذا كان المتورط به مسلماً فعندها تسارع أجهزة هذا الإعلام إلى تبني سردية الإرهاب الإسلامي، فيما عندما تقع حوادث مشابهة لغير المسلمين فإن الإعلام لا يعلق عليها بنفس الطريقة، بل يحاول تسويغها أحياناً".

TRT عربي