مع انتشار جائحة كورونا أصبح استهلاك المكملات الغذائية أكثر شيوعاً وانتشاراً بهدف الوقاية أو العلاج، أو محاولة استرداد حاسّتَي الشم والتذوق اللتين يُعتبر فقدانهما من الأعراض الشائعة لمصابي كورونا.
وما يجهله كثيرون أن المكملات الغذائية جزء من علم الطب والصيدلة وعلم التغذية، وأن استهلاكها بشكل عشوائي له مضارّ صحية عديدة قد تصل إلى الموت، ولفشل في وظائف بعض الأعضاء في الجسم، وتبعاً لذلك يجب على كل شخص أن يعرف أنواع المكملات الغذائية، وفوائدها، ومضارها، ومن يمكنه استهلاكها، مع ضرورة معرفة الكيفية والجرعة المناسبة.
أنواع المكملات الغذائية والهدف من تناولها
الهدف من تناول المكملات الغذائية هو تعويض الجسم عن المكملات الطبيعية الناقصة في الجسم تبعاً لخلل في النظام الغذائي أو حالة صحية معيَّنة، إضافة إلى مسببات أخرى اجتماعية مثل مكان المعيشة، والظروف المناخية المحيطة به، والموارد الغذائية المتوافرة وإمكانية الوصول لها.
وللمكملات الغذائية عدة أنواع، فمنها المكملات البروتينية، والمكملات الهرمونية، والألياف والمكملات الأكثر شيوعاً وهي الفيتامينات والمعادن بأنواعها المختلفة مثل فيتامين د وفيتامين ج والحديد والزنك والكالسيوم.
المكملات الغذائية لا تُغنِي عن النظام الغذائي المتكامل
الاختلالات الشائعة في النمط والنظام الغذائي للأفراد هي ما يدفعهم في الغالب إلى استهلاك المكملات الغذائية لتعويض النقص، ويُعتبر هذا السلوك خاطئاً تماماً ولا يضمن أي نتائج إيجابية، لأن المكملات الغذائية تعوّض النقص في مخزون الجسم ولا تُغني بأي شكل عن تزويد الجسم بالفيتامينات والمعادن التي يوفرها الغذاء، المصدر الأساسي لها.
فمثلاً إن كان شخص يعاني من نقص في فيتامين د فإن تناول المكملات الغذائية بناءً على الفحص الطبي وبوصفة طبية بجرعة محددة ولفترة محددة يُعتبر هاماً لتعويض النقص، ولكنه لا يُغني عن ضرورة استهلاك مصادر فيتامين د ضمن نظام غذائي متكامل للحفاظ على نتيجة استهلاك المكمل الدوائي ولتجنُّب المشكلات الصحية المرتبطة بنقصه.
وامتصاص المكملات الغذائية في الجسم جيد وفعَّال، ولكن استهلاكها عن طريق أصناف الطعام المختلفة يُعتبر أكثر فاعلية نظراً إلى التركيبة غير الأحادية للفيتامينات والمعادن في كل صنف غذائي، التي تجعل امتصاصها أفضل والفائدة منها للجسم أكبر، فمثلاً تناول قطعة لحم أحمر كصنف ضمن وجبة متكاملة يجعل امتصاص الحديد فيها أفضل من استهلاك حبة من المكمل الغذائي الحديد.
من يمكنه استهلاك المكملات الغذائية؟ وما الطريقة الصحيحة لاستهلاكها؟
في حال كان الشخص يتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتكاملاً ويتمتع بصحة جيدة، فلا داعيَ لاستهلاك مكملات غذائية دوائية، ويُعتبر الغذاء كافياً لتزويد الجسم باحتياجاته من العناصر الغذائية الكبرى والصغرى، والنظام المتكامل هو نظام يتكون من وجبات صغيرة ومتعددة متنوعة من المجموعات الغذائية الخمس، وهي اللحوم والحليب ومشتقاته والفاكهة والخضراوات والنشويات، مع أهمية الاختيار الصحيح للأصناف الأكثر فائدة للجسم.
وفي حال كان الشخص يعاني بعض الأعراض فعليه التوجه للفحص الطبي للكشف عن مسبباتها قبل استهلاك أي علاج تكميلي لها، وفي حال كان يعاني مشكلة صحية معينة فيجب الحرص على استهلاك المكمل الغذائي المناسب بوصفة طبية محددة، كتناول الكالسيوم بجرعة محددة لمرضى هشاشة العظام والكسور، وتناول الحديد وفيتامين ب12 لمرضى الأنيميا.
بعض الفئات بناءً على الدراسات العلمية يجب أن يتناولوا مكملات غذائية معينة بجرعة مناسبة، ومنهم الحامل أو المقبلة على الحمل، إذ يجب تناول الفوليك أسيد، وكذلك المسنّون في سن ما فوق 65 عاماً يجب أن يتناولوا فيتامين د، كذلك الأشخاص النباتيون لهم مكملات غذائية محدَّدة لتعويض النقص الحاصل تبعاً لعدم استهلاك مجموعات معينة من الغذاء.
أما بعض الفئات الأخرى فيُسمح لهم بتناول مكملات غذائية معيَّنة مثل الأشخاص الذين يقطنون المناطق الباردة معظم شهور السنة، والأشخاص الذين لا يتناولون المأكولات البحرية لعدم توافرها في دولهم، والنساء اللواتي يعانين من النزيف في فترة الطمث، ومرضى السرطان الذين يُعالَجون بالعلاج الكيماوي والإشعاعي.
مضارّ المكملات الغذائية
تختلف مضار المكملات الغذائية باختلاف المكمل الغذائي، وكقاعدة عامة فإن الفيتامينات تنقسم بين الفيتامينات الذائبة في الدهون والفيتامينات الذائبة في الماء، فمجموعة الفيتامينات A K E D فيتامينات ذائبة في الدهون، وبالتالي فإن استهلاكها بشكل عشوائي قد يسبّب السمّيَّة نظراً إلى عدم قدرة الجسم على التخلص من الفائض عن الحاجة منها، وقد تصل نتائج سميتها إلى الموت.
أما الفيتامينات الذائبة في الماء فيمكن للجسم التخلص من الفائض منها عن طريق التبول، ولكن استهلاكها قد يؤدي إلى الترسبات في الكلى.
أما الأعراض الشائعة لاستهلاك المكملات الغذائية فهي الشعور بالغثيان، وفرط الشهية أو فقدانها، وآلام في الجهاز الهضمي، والشعور بالانتفاخ.
المكملات الغذائية في زمن كورونا.. وقاية وعلاج أم ضرر صحي؟
يُعتبر كل من فيتامين د والزنك وفيتامين ج جزءاً من البروتوكول العلاجي المعتمَد لمرض كورونا (كوفيد-19)، ولكن ما يحدث هو أن الأشخاص يستهلكونها بكميات مبالَغ بها وغير مدروسة كنوع من الوقاية وكجزء من البروتوكول العلاجي.
معدن الزنك Zinc هام جدا للجسم، ويُعتبر جزءاً من المنظومة المناعية في الجسم، مع العلم أنه لا تبحث أي دراسات علمية في دور الزنك لمقاومة أو علاج فيروس كورونا، ومن الجدير بالذكر أن الزنك لا يقي من الإصابة بالفيروس، ولكنه قد يساهم في العلاج بتناوله لفترة محدودة تجنباً لتأثيره على توازن الفيتامينات والمعادن في الجسم، وتجنباً للأعراض المصاحبة لزيادته في الجسم، مثل فقر الدم والغثيان والإسهال الشديد.
وفيتامين ج يُعتبر هاماً جدا لتنشيط الدورة الدموية ولتقوية الجسم والمناعة ومقاومة الفيروسات، ولكن استهلاكه بكميات كبيرة قد يؤدّي إلى حدوث ترسبات في الكلى.
أما فيتامين د فهو من الفيتامينات الذائبة في الدهون، واستهلاكه دون فحص طبي لمخزون فيتامين د في الجسم يؤدّي إلى مشكلات صحية عديدة جداً ومضاعفات حادة.
على كل شخص قبل استهلاك أي مكمل غذائي أن يحرص على إجراء الفحوصات الطبية حسب نوع المكمل، والحرص على استهلاك الجرعة المناسبة، وفي حال حدوث الإصابة بكورونا فيجب الحذر من استهلاك المكملات بعشوائية، وتحديداً بكميات كبيرة، والتركيز على استهلاك العناصر الغذائية من الغذاء المتوازن والمتكامل ومن المصادر الغذائية.