بعد النجاحات الهائلة التي حققتها مسيّرات "بيرقدار" التركية فوق أكثر من ساحة صراع دولية وإقليمية، والتي تزامنت مع العقوبات الأمريكية التي نتج عنها إخراج تركيا من برنامج المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس "35-F"، كثفت شركة "بايكار" للصناعات الدفاعية جهودها لتطوير مقاتلة جديدة تنتمي إلى الجيل السادس من المقاتلات الحربية لخوض الحروب والهيمنة على سماء المستقبل.
والثلاثاء كشفت شركة "بايكار" التركية عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر، عن "التصميم المفاهيمي" لمشروع مسيَّرتها الجديدة "ميوس (MİUS)" من الجيل السادس، بعد الفيديو التمهيدي الذي نشرته الشركة في 17 يوليو/تموز الجاري، الذي قالت فيه: "تُحمَّل هدية العيد! انتظروا في 20 يوليو/تموز".
وفي الوقت الذي هيمنت فيه المقاتلات الحربية على ساحات الحروب الحديثة من خلال قدرتها على حسم الصراع دون تدخُّل القوات البرية في كثير من الأحيان، وتطور أنظمة الدفاع الجوي وقدرة راداراتها الخارقة، بات لزاماً على الدول المتقدمة امتلاك مقاتلات حربية حديثة أكثر تقدماً من مقاتلات الجيل الخامس الشبحية التي دخلت الخدمة حديثاً.
بداية الحكاية
بعد إقصاء تركيا من برنامج المقاتلة الشبحية الأمريكية "35-F" بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية "S-400"، فضلاً عن سباق التسلح الذي تشهده المنطقة مؤخراً، وشراء اليونان مقاتلات "رافال" الفرنسية ومحاولاتها لاقتناء مقاتلات "35-F"، أصبحت أنقرة ترى أنه بات من الواجب إيجاد بدائل محلية لسدّ احتياجها الاستراتيجي لهذا النوع من المقاتلات الحديثة.
ولأجل ذلك، وبالتزامن مع مسارعة تركيا الخطى ببرنامجها MMU المتمثل بإنتاج مقاتلة وطنية من الجيل الخامس، لم تكتفِ شركة "بايكار" بتطوير وتحديث مسيّراتها، بل عملت على مشروع واعد جديد تمثل في تصميم وتطوير مقاتلات مسيَّرة من الجيل السادس.
وكان معروفاً للبعض أن شركة "بايكار" تعمل على مشروع مقاتلة الجيل السادس منذ مدة، ففي الفيديو الذي شاركه سلجوق بيرقدار، رائد صناعة المسيَّرات في تركيا والمدير التقني لشركة "بايكار"، قال إنهم "يحلمون بهذا المشروع منذ أكثر من 12 عاماً". وأضاف: "مع نضج مسيّرة (أقينجي) وبدء إنتاجها المتسلسل، ركزنا عملنا على مشروع (ميوس MİUS)". وفي الوقت الذي يعمل فيه بعض البلدان على مشاريع متشابهة، من المتوقع أن تغيّر مسيّرتنا الجديدة مفهوم المقاتلات الحربية، تماماً كما فعلت مسيّراتنا المسلحة".
وأكد أن مشروع مقاتلة الجيل السادس سيكون بموارد محلية خالصة، تماماً كمسيَّرة "بيرقدار TB3" الجديدة.
ولتحقيق التفوق على مقاتلات الجيل الخامس، ستحلّق مسيّرة الجيل السادس MİUS بجانب المقاتلة الوطنية من الجيل الخامس MMU لتنفيذ عمليات قتالية وهجمات إلكترونية مشتركة، كما سيتمكن الطيار في قمرة قيادة مقاتلة MMU من التحكم وإدارة المقاتلات المسيّرة من حوله.
مقاتلة الجيل السادس "ميوس"
رغم أنه لا تتوافر معلومات كثيرة عن المقاتلة المسيّرة التركية الجديدة حتى الآن، فإن مهمتها الرئيسية هي تحقيق التفوق الجوي على مقاتلات العدو خلال حروب المستقبل. وفي البيان الذي أدلى به سلجوق بيرقدار، ذكر أن النماذج الأولية ستطير بسرعة أقلّ من سرعة الصوت، فيما ستتجاوز النماذج الأولية في المستقبل سرعة الصوت. ويُنتظر أن تحلّق المقاتلة في الذكرى المئوية للجمهورية التركية عام 2023.
وفي ضوء المعلومات التي قدّمها بيرقدار، ستتمكن المقاتلة من الإقلاع بحمولة زنتها 1.5 طن من الذخيرة داخل جسمها وعلى جناحيها، والتحليق بسرعة 900 كلم/ساعة لمدة 5 ساعات متواصلة على ارتفاع أقصى يبلغ 12 كلم، بالإضافة إلى قدرتها على التخفّي من الرادارات. والجانب الأكثر أهمية الذي يميّزها من النماذج الأولية الأخرى التي طورتها دول أخرى، هو قدرتها على الهبوط والإقلاع من سفن هجوم من طراز "TCG Anadolu" المحلية.
ومن العناصر المهمة الأخرى في تصميم المقاتلة، امتلاكها ذيولاً أمامية أفقية وذيولاً خلفية عمودية، الأمر الذي سيمتّعها بقدرات قوية على المناورة باستقلالية بفضل أجهزة كمبيوتر الذكاء الصناعي التي طورتها الشركة. وستتمكن "ميوس" من القتال ضد الطائرات الحربية ذات السعة الأعلى، فضلاً عن كونها ستفتح آفاقاً جديدة في القتال الجوي من خلال ما تملكه من مزايا القتال غير المأهول والاستقلالية التي يمنحها لها الذكاء الصناعي والفاعلية من حيث التكلفة.
مقاتلات الجيل السادس
تختلف مقاتلات الجيل السادس بشكل رئيسي عن مقاتلات الجيل الخامس في أنه يمكنها العمل بلا حاجة إلى طيار لقيادتها، إلى جانب امتلاك نفس الخصائص المتطورة التي تملكها المقاتلات الشبحية من الجيل الخامس، إلا أنها أسرع وأكثر قدرة على التخفِّي والمناورة القتالية، فضلاً عن تكلفتها المنخفضة واستهلاكها وقوداً أقلّ في أثناء تحليقها.
ويُتوقع أن تتمكن مقاتلات الجيل السادس من العمل ضمن فريق واحد في أثناء الهجوم أو القتال الجوي، إذ ستمكن تكنولوجيا الذكاء الصناعي التي تشغل هذا النوع من المقاتلات من مشاركة الصور والبيانات مع بقية طائرات السرب، الأمر الذي سيمنحهم القدرة على تكوين صورة كاملة لساحة الصراع لاتباع تكتيك مشترك لاختراق المجال الجوي للعدو وتدمير قدراته الدفاعية بأقلّ الخسائر.
وبالإضافة إلى عملها ضمن أسراب، ستتمكن أيضاً من العمل بتوافقية مع الطائرات المسيَّرة المسلحة الأخرى والتحكم في طائرات الدرونز الانتحارية، فضلاً عن توظيفها أنظمة الحرب الإلكترونية، ليس فقط لحماية نفسها، بل لمهاجمة الطائرات المعادية والتشويش عليها وإسقاطها.