كيف تؤثّر خلافات إسرائيل الداخلية في مسار الحرب في غزة؟
على الرغم من توافقهم على ضرورة استمرار العملية العسكرية في غزة لأطول فترة ممكنة، فإن التوترات تصاعدت بين نتنياهو وغالانت، لدرجة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت تصفها بـ"أزمة ثقة حادة" بين الاثنين.
كيف تؤثّر خلافات إسرائيل الداخلية في مسار الحرب في غزة؟ / صورة: AP (AP)

كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن احتدام الصراع داخل مجلس الحرب الإسرائيلي حول استمرار القتال في قطاع غزة. وقالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، يعتقدان من ناحية أن المرحلة الحالية، التي تعتبر أكثر صعوبة، يجب أن تستمر للأسابيع القليلة المقبلة، ومن ناحية أخرى يرى وزير الدفاع السابق وعضو حكومة الطوارئ بيني غانتس، ورئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، بأن جيش الاحتلال يجب عليه أن ينتقل إلى المرحلة التالية من العمليات العسكرية في القطاع.

ويقول آيزنكوت وغانتس إن "هناك أماكن استنفدناها، ولا يوجد سبب للإبقاء على ألوية كاملة في المنطقة"، ويضيفان: "نحن بحاجة إلى المضي قدماً في المناقشات حول المساحة العازلة والمضي قدماً إلى المرحلة التالية. مشيرَين إلى أنه بمجرد أن نمضي قدماً، سيكون من الممكن حشد السكان من جميع أنواع الأماكن التي كان من الصعب حتى الآن العمل فيها.

وتجدر الإشارة إلى أن فشل جيش الاحتلال في تحقيق أي انتصار حقيقي، دفع إسرائيل للبدء في سحب قواتها من أكثر من محور، بينما ذكرت هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية، الجمعة، أن تل أبيب تستعد لإنهاء عمليتها البرية العسكرية في قطاع غزة ضمن المرحلة الثالثة من حربها خلال الأسابيع المقبلة.

هل فشلت العملية البرية؟

ونقلت الإذاعة عن مصادر، لم تُسمّها، أن "المرحلة الثالثة تشمل إنهاء العملية البرية في قطاع غزة، وتقليص قوات الجيش وتسريح الاحتياطيين، واللجوء إلى الضربات الجوية، وإقامة منطقة عازلة على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة"، وفقاً لما نقلته الأناضول.

الأمر الذي أكده كل من آيزنكوت وغانتس عندما قالا: إن "التكملة يجب أن تكون أقوى وأكثر إثارة للدهشة مما هي عليه الآن". ويضيف آيزنكوت أيضاً في المناقشات: "إن تأخير المرحلة التالية خلافاً لما جرت الموافقة عليه يخلق العديد من نقاط الضعف، في حين أن الانتقال إلى المرحلة التالية يُسهم في المضي إلى تنفيذ أهداف العملية".

وأقر تقرير الإذاعة أن الجيش "يواجه صعوبات كبيرة في التقدم في منطقة جنوب القطاع"، إذ قُتل ما لا يقل عن 472 جندياً إسرائيلياً منذ بدء العملية البرية في القطاع الفلسطيني، وفقاً للأرقام الرسمية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

فيما ذكر موقع "واللا" الإخباري والقناة 12 الإسرائيلية، الخميس، أن إحدى الوحدات في غزة، المعروفة باسم لواء غولاني، فقدت 44 جندياً خلال 70 يوماً من القتال. وذكرت التقارير أن الكتيبة غادرت غزة "لإعادة تنظيم صفوفها".

من جهته، قال المحلل في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع: إن "النتيجة هي أن ما كنا نصفه في الحروب السابقة بأنه توحّل بات في الحرب الحالية تورّطاً، والحرب قاسية وتستدعي قتلى وجرحى إسرائيليين لكن لا توجد فيها بشائر كبيرة".

أزمة ثقة حادة

على الرغم من توافقهم على ضرورة استمرار العملية العسكرية في غزة لأطول فترة ممكنة، فإن التوترات تصاعدت بين نتنياهو وغالانت، لدرجة أن المصادر تصف "أزمة ثقة حادة" بين الاثنين: فقد أصدر رئيس الوزراء مؤخراً تعليماته لرئيس الموساد ديدي بارنيا ورئيس الشاباك رونين بار، عدم المشاركة في المباحثات مع وزير الدفاع بشأن صفقة الأسرى، وهي تعليمات غير مسبوقة-يمنع فيها رئيس الوزراء رئيسي هذه المؤسسات التي يُزعم أنها تابعة له من المشاركة في المباحثات مع وزير الدفاع، وفقاً لما نقله موقع Ynet العبري.

وبحسب الموقع، يفترض نتنياهو أن مثل هذه المناقشات المتعلقة بصفقة الأسرى يجب أن تجري بحضوره وفي المنتدى الوزاري لإدارة الحرب، وليس بشكل منفصل مع وزير الدفاع. ويأتي هذا التوجيه على خلفية التوترات المتصاعدة بشكل متزايد بين نتنياهو وغالانت.

وبينما عادت التوترات إلى السطح بين الاثنين بسبب القضايا القانونية ضد نتنياهو، وقراره إقالة غالانت، لكن الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر قد عززتها بشكل كبير. فخلال الحرب كان لدى غالانت بيان منفصل من رئيس الوزراء. وعندما سئل نتنياهو عن ذلك، قال إنه اقترح على غالانت عقد مؤتمر صحفي مشترك لكنه "قرر ما قرره".

ويتهم مقربون من نتنياهو غالانت ورجاله بتسريب التقارير التي تفيد بأن نتنياهو أوقف هجوماً استباقياً ضد حزب الله في بداية الحرب، وأن غالانت دفع نحو ذلك. وتقول مصادر مطلعة إن هناك أزمة ثقة حادة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع.

هناك من يريدها حرب استنزاف طويلة

جاء في مقال نشرته هآرتس أن المستوى السياسي والعسكري يحلم بحرب طويلة من دون أي خطط لإنهائها، ويتجاهل الأسرى، ويعتقد أن الجمهور بدأ يعتاد الخسائر العسكرية. ومع استمرار الحرب في قطاع غزة، يتزايد القلق بين الجمهور والجيش (وخاصة بين جنود الاحتياط) من أن المعركة يمكن أن تشهد ركوداً وتتحول إلى حرب استنزاف.

ويضيف المقال أنه، رغم أن نتنياهو وغالانت والمؤسسة الأمنية يتحدثون علناً كما لو أن لديهم كل الوقت في العالم، فمن الواضح لهم أن الوقت الذي يتعين على إسرائيل مواصلة الحرب فيه بدأ ينفد. ويرجع ذلك إلى الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن (الإدارة الأكثر تأييداً لإسرائيل على الإطلاق)، والتكلفة التي يتحملها الاقتصاد، والخوف من الركود. الأمر الذي دفع نتنياهو لإصدار تعليماته لهنيغبي بإقامة منتدى لمناقشة "اليوم التالي لحماس".

ومع ذلك، يصرّ الساسة الإسرائيليون على مواصلة إطلاق وعود بشأن حرب غزة لا يستطيع الجيش الوفاء بها. بينما حذر المقال الذي نشرته الصحيفة الإسرائيلية من خطر الغرق في وحل شتاء غزة، بالمعنى الحرفي والمجازي، ولا سيما بعد فشل جيش الاحتلال في الأهداف التي وضعها نتنياهو وحكومته عند بدء العدوان.


TRT عربي