في ذكرى وفاته.. ماذا تعرف عن شاعر النشيد الوطني التركي محمد عاكف أرصوي؟
تحلّ اليوم الذكرى السنوية الـ88 لوفاة محمد عاكف أرصوي أحد أشهر الشخصيات في الأدب التركي. وأرصوي شاعر تركي موقّر ومؤلف النشيد الوطني، عايش انهيار الدولة العثمانية وألهب مشاعر الأتراك أثناء حرب الاستقلال.
محمد عاكف أرصوي.. تعرف شاعر النشيد الوطني التركي وأحد أعلام العالم الإسلامي / صورة: مواقع تواصل (مواقع تواصل)

لا يزال محمد عاكف أرصوي، الشاعر التركي الموقّر ومؤلف النشيد الوطني، شعلة لا تنطفئ وترمز للعالم الإسلامي أجمع، حتى مع حلول ذكرى وفاته الثامنة والثمانين في السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وأصبح أرصوي واحداً من أكثر الشخصيات شهرة في الأدب التركي وفي جميع أنحاء العالم في أوائل القرن العشرين، حسبما أكد نجم الدين توريناي، الخبير في أعمال أرصوي الأدبية، والأستاذ في جامعة الاقتصاد والتكنولوجيا في العاصمة التركية أنقرة.

وتوريناي، الذي يعمل حالياً على النسخة الأحدث من "صفحات" (من أعمال أرصوي)، تحدّث للأناضول في مقابلة من داخل متحف محمد عاكف أرصوي، المقام بمنزله في أنقرة. و"صفحات" هي أحد أعمال أرصوي الشهيرة، وعبارة عن 44 قصيدة وعمل أدبي، بينها قصيدة المراحل (1911)، ومحاضرة في السليمانية (1912)، وأصوات الحق (1913)، ومحاضرة في الفاتح (1914)، ومذكرات (1917)، وعاصم (1924)، والظلال (1933).

وكانت تتناول قصائد أرصوي المشكلات الاجتماعية، والقضايا الفلسفية والدينية، والسياسية والأخلاقية. ويقع منزل أرصوي في حي "ألتينداغ" أحد أقدم أحياء أنقرة، وانتقل إليه قادماً من إسطنبول في عشرينيات القرن الماضي.

الزعيم الروحي للنضال الوطني

وقال توريناي إن أرصوي انتقل إلى أنقرة خلال أكثر سنوات الاحتلال الأجنبي صعوبة في البلاد.

وأضاف: "عندما جاء أرصوي إلى أنقرة، كان على الشعب التركي أن يُحقق شيئين أساسيين للفوز في حرب الاستقلال، الأول هو تشكيل جيش جديد إثر حلّ الجيوش التركية بموجب اتفاقيات الحرب العالمية الأولى، والثاني هو تشجيع الناس على الانضمام إلى النضال الوطني أملاً في الاستقلال". وتابع توريناي: "خلال خطبه في مختلف مساجد مدن الأناضول، ألهب أرصوي مشاعر الإيمان والروح اللازمة للنضال الوطني". وفي 1920، انتُخب أرصوي أيضاً نائباً في البرلمان عن مقاطعة "بوردور" شمال غربي تركيا.

النشيد الوطني التركي

وكتب أرصوي النشيد الوطني التركي المعروف باسم "نشيد الاستقلال" في منزله بأنقرة، والذي كان يسكنه من قبله رجال صوفيّون (دراويش). وأُعلنت قصيدة "نشيد الاستقلال" لأرصوي، رسمياً، نشيداً وطنياً لتركيا من الجمعية الوطنية التركية الكبرى في 12 مارس/آذار 1921. وفي نشيد الاستقلال، خلّد أرصوي معركة أمته من أجل البقاء، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، والتي تُوّجت بالتحرير عام 1921 إثر حرب الاستقلال التركية ضد الاحتلال الأجنبي. وبعد الحرب العالمية الأولى، انهارت الإمبراطورية العثمانية، التي كانت واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ، على يد القوات البريطانية والفرنسية. وفي ظلّ هذه الظروف، استهلّ أرصوي "نشيد الاستقلال" بكلمة "لا تخف". وقال توريناي: "بدأ أرصوي قصيدته بدعوةٍ لإعطاء الأمل للشعب التركي والإسلامي ضد الاحتلال الأجنبي حتى يتمكنوا من استعادة استقلالهم". وبالحديث عن مقاطع النشيد التركي، أوضح توريناي أن عبارة "منذ البداية" في نشيد الاستقلال لها أهمية خاصة، كونها تؤكد أن الشعب التركي عاش دائماً مستقلاً ومؤسساً لإمبراطوريات عظيمة. وتابع: "من خلال الكلمات (الخاصة بالنشيد) حذر أرصوي الشعب التركي من أن الظروف السلبية كانت مؤقتة وحثه على الكفاح والتغلب على القيود".

نشيد عالمي

أكد توريناي أن نشيد الاستقلال "سرعان ما بدأ يثير تداعيات كبيرة في العالمين الإسلامي والتركي في أعقاب اعتراف البرلمان به رسميا نشيدا وطنيا للبلاد".

وقال: "النشيد الوطني رمز الأمة التركية"، لافتا إلى الطابع العالمي الذي يتمتع به هذا النشيد على صعيد العالمين الإسلامي والتركي.

وتُرجم "نشيد الاستقلال" إلى لغات عدة دول، بما في ذلك باكستان، وسوريا، والعراق، رغم أن سكان هذه البلدان كانوا يعيشون تحت احتلال الفرنسيين والبريطانيين.

كما شدد توريناي على أنّ أرصوي، الذي عبّر عن أكثر الأعوام إيلاماً في تركيا خلال الحرب العالمية الأولى وحروب البلقان في أعماله، اكتسب سمعة طيبة داخل الإمبراطورية العثمانية وخارجها.

وأضاف: "كان شاعراً ومؤلفاً معروفاً في مجموعة واسعة من البلدان التي تمتدّ من أذربيجان وباكستان والهند إلى مصر وسوريا والعراق وشمال إفريقيا ومن شبه جزيرة القرم إلى البلقان".

كما أشار توريناي أن فهم أرصوي للشعر "لم يقتصر على حدود تركيا الوطنية، بل امتد خطابه إلى العالم الإسلامي بأسره".

الأدب والفن مرآة التاريخ

وصف توريناي، أرصوي بأنه "أحد عباقرة الشعر التركي". وقال: "إذا كان هناك وعي في تركيا اليوم بالحرب العالمية الأولى ومعركة جناق قلعة (جاليبولي)، فهذا بفضل قصيدة أرصوي لشهداء هذه المعركة".

وأضاف: "يتذكر الشعب التركي ألم وحزن ودمار هذه السنوات من خلال قصيدة أرصوي". وأوضح توريناي أن أرصوي لا يروي فقط ألم وذكريات شهداء "جاليبولي" في القصيدة، ولكنه يصف أيضاً انسحاب إمبراطورية من مرحلة التاريخ ونهاية حقبة بأكملها. وكانت معركة جناق قلعة، التي وقعت في مقاطعة تحمل الاسم ذاته، شمال غربي تركيا في العام 1915، بمثابة تحول لصالح الأتراك ضد قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى.

TRT عربي - وكالات