في المدينة التي تعج بالعرب والمسلمين، وخارج أحد مراكز الاقتراع، توقفت مجموعة من الشباب بسترات الخريف لاحتساء القهوة، وتبادلوا التوقعات حول ما سيحدث اليوم.
يقول أحمد دبوس، وهو لبناني أمريكي من الجيل الثاني في الولايات المتحدة، يبلغ من العمر 28 عاماً: "سأصوّت، لكنني لا أعرف حتى ما السبب".
دعم الشاب اللبناني في انتخابات 2020 الرئيس بايدن، لكن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بغطاء ودعم أمريكي أصابه بخيبة أمل.
يعيش أكثر من 200 ألف أمريكي من أصول عربية في مختلف أنحاء ميشيغان، ويتركز معظمهم في هذه الضاحية الصغيرة في ديترويت، الواقعة في مقاطعة واين.
في الماضي كان هذا المجتمع محسوباً بشكل كبير على الحزب الديمقراطي، لكن الكثير منهم يشعر الآن بأن الحزب تخلى عنهم بسبب مواقف إدارة بايدن من الحرب على غزة.
ورغم أن هذا المجتمع كان تقليدياً ركيزة أساسية للمرشحين الديمقراطيين، فإن هذه الانتخابات قلبت هذه الولاءات بشكل كبير.
تصويت احتجاجي
أثار موقف إدارة بايدن من حرب إسرائيل على غزة ودعمها لتل أبيب بالسلاح والعتاد، والصور التي تملأ نشرات الأخبار ومواقع التواصل للمنازل والمستشفيات التي تعرضت للقصف ولعشرات آلاف الضحايا، شعوراً عميقاً من الناخبين العرب بالخيانة.
وبالنسبة إلى البعض، فإن التصويت لصالح مرشحة حزب الخضر جيل ستاين أصبح بمثابة شكل من أشكال الاحتجاج، ضد سياسات الحزب الديمقراطي الخارجية وموقفه من الأوضاع في الشرق الأوسط.
قد يبدو تأثير ستاين للوهلة الأولى ضئيلاً، ولكن في ولاية ميشيغان حيث الهوامش في الأصوات بين المرشحين ضئيلة للغاية، فإن خسارة هاريس بضعة آلاف من الأصوات قد يؤدي إلى ضياع ميشيغان من المرشحة الديمقراطية، وبالتالي الانتخابات الأمريكية، وفوز ترمب.
هذا الأمر لم يغب عن أميرة حسن، وهي ناخبة في مدينة ديربورن صوتت لصالح ستاين. تقول أميرة: "بالنسبة إلى العديد منا، فإن ستاين تمثل احتجاجاً، وطريقة للقول: لا تستهينوا بنا. أعلم أن هذا قد يعني فوز ترمب".
وبالنسبة إلى ترمب، كان التوقيت مثالياً جداً، فقد قدم مبادرات استراتيجية في ميشيغان، واختتم حملته بتجمع انتخابي في مدينة جراند رابيدز بالولاية.
معركة بين الإحباط والخوف من البديل
وقرب بلدة برادي في ولاية ميشيغان صوتت مريم خوري، وهي أم لثلاثة أطفال، لصالح هاريس في وقت مبكر، لكنها تتساءل عما إذا كانت قد اتخذت الاختيار الصحيح.
وتقول: "إذا لم نصوت، فإننا نفقد صوتنا بالكامل". وبالنسبة إليها، فإن الأمر أشبه بمعركة بين الإحباط والخوف من البديل.
تعود أصول أكثر من نصف السكان هنا إلى الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، ولا يعد التصويت العربي الأمريكي هنا أمراً عرضياً على الإطلاق.
ففي انتخابات عام 2016، انتزع ترمب ولاية ميشيغان بفارق ضئيل بلغ 10 آلاف صوت، متفوقاً على هيلاري كلينتون. ثم في عام 2020، استعاد بايدن الصدارة بفارق 150 ألف صوت.
وفي هذا العام، وبينما يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم، يبدو مزاجهم مختلطاً، وهم يدركون أن خياراتهم هذه المرة قد تشكل مستقبل المنطقة في الشرق الأوسط.
تقول أميرة، وهي تشاهد الناخبين وهم يتدفقون على مراكز الاقتراع: "إنه أمر غريب. إنه مثل الهدوء الذي يسبق العاصفة. ولكن هذه ليست النهاية. فمهما حدث اليوم فإن الحساب الحقيقي لمجتمعنا قد بدأ للتو".