عقب إسقاط المنطاد الصيني الذي يشتبه في ممارسته التجسس قرب سواحل ولاية ساوث كارولينا الأمريكية، أسقطت وزارة الدفاع الأمريكية ثلاثة أجسام مجهولة طائرة على التوالي في الولايات المتحدة وكندا. وعلى عكس المنطاد الأول الذي أُرجعت ملكيته إلى الصين، لم يجرِ الإفصاح عن ماهية المناطيد الثلاثة الأخرى ولا مصدر قدومها، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول تلك "الأجسام المجهولة الطائرة".
وتسبب الغموض الذي لا يزال يخيم على ماهية الأجسام المجهولة الطائرة في صب المزيد من الوقود على نار النقاش المحتدم منذ عقود حول الأطباق الطائرة القادمة من مجرات بعيدة وما يصاحبها من نظريات مؤامرة. فيما يرى البعض أن هذه الأحداث ما هي إلا تمهيد أولي للمعلومات اللافتة للنظر التي سيجري الكشف عنها في المستقبل القريب.
وبينما ينسب البعض هذه المعلومات اللافتة إلى "ضيوف من المجرات"، يعزوها البعض الآخر إلى حروب الأقمار الصناعية بين الولايات المتحدة والصين.
تسلسل زمني للأحداث
بدأت الحكاية مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، وذلك عندما رصدت الولايات المتحدة منطاداً يحلق على ارتفاع شاهق في سماء الولايات المتحدة. وبينما قالت واشنطن إنه منطاد صيني يستخدم لأغراض التجسس، نفت بكين هذه المزاعم وقالت إنه منطاد خاص بالدراسات الجوية انحرف عن مساره ودخل بالخطأ إلى المجال الجوي الأمريكي.
وبعد إسقاط المنطاد الصيني يوم 4 فبراير/شباط، شهد يوم 10 فبراير/شباط إسقاط المقاتلات الأمريكية جسماً طائراً آخر فوق آلاسكا، فيما قال مسؤولون في البنتاغون إن الجسم الطائر "لم تكن لديه أية أنظمة سيطرة أو توجيه ظاهرة"، وفقاً لما أورده تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وفي يوم 11 فبراير/شباط، تعاونت الولايات المتحدة مع وزارة الدفاع الكندية بإسقاط "جسم طائر يحلق على ارتفاعات شاهقة" فوق منطقة يوكون الكندية، على بُعد نحو 160 كيلومتراً من الحدود الأمريكية، قال البلدان إنه كان يمثل "خطورة على حركة الطيران المدني في المنطقة"، وإن شكله أسطواني وأصغر من المنطاد الأول.
وفي يوم 12 فبراير/شباط، ولدواعي الحذر، أسقطت الولايات المتحدة جسماً طائراً رابعاً فوق بحيرة هورون في ولاية ميشيغان، حسب ما قاله مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لصحيفة الغارديان.
"لا علاقة لها بالتجسس"
نقلت رويترز في 15 فبراير/شباط الجاري قول البيت الأبيض إنه ليس هناك ما يشير إلى أن الأجسام الثلاثة الطائرة، التي فجرها الجيش الأمريكي في السماء قبل نحو أسبوعين، مرتبطة بتجسس صيني مزعوم. وقال المتحدث جون كيربي إن الأجسام قد تكون "مرتبطة بكيانات تجارية أو بحثية، وبالتالي فهي حميدة". لكنه في الوقت نفسه قد أشار إلى أنه لم تطالب أي شركة أو منظمة أو حكومة بعد باستعادة هذه الأجسام.
ونفت الصين استخدام المنطاد الذي دمرته مقاتلة أمريكية في وقت سابق من هذا الشهر للتجسس، قائلةً إنه كان مجرد منطاد لمراقبة الطقس انحرف عن مساره، متهِمة الولايات المتحدة بـ"المبالغة في رد الفعل".
وبينما لم يحدد المسؤولون الأمريكيون والكنديون بعد أو ينتشلون أي حطام من الأجسام الطائرة الثلاثة التي جرى إسقاطها، قال قائد القيادة الشمالية الأمريكية وقيادة الدفاع الجوي الفضائي لأمريكا الشمالية، الجنرال جليندي فانهيرك، إن الجسم الذي جرى إسقاطه فوق بحيرة هورون "نوع من بالون غازي" أو "نوع من نظام يعمل عن طريق الدفع". وأضاف أنه لا يستبعد أن تكون هذه الأجسام آتية من خارج كوكب الأرض.
"ضيوف من المجرات"
حسب رويترز، قال فانهيرك عند سؤاله عن صلة الأجسام الطائرة الثلاثة التي أسقطتها المقاتلات الأمريكية بالكائنات الفضائية، قال: "لا أستبعد أي شيء.. سأترك الأمر لمجتمع المخابرات للكشف عن حقيقة ذلك" وأضاف: "في هذه المرحلة نواصل تقييم كل تهديد أو أي خطر محتمل غير معروف يقترب من أمريكا الشمالية بمحاولة التعرف عليه".
وأثناء حديثها إلى موقع TRT Haber، قالت مديرة مركز "ASEAN " التابع لجامعة جيديك إسطنبول سيبل كارابيل إن الأجسام المجهولة الطائرة دخلت لأول مرة في جدول أعمال العالم مع الحرب العالمية الثانية. مشيرةً إلى أن وكالة ناسا ووزارة الدفاع الأمريكية قد غيّرتا من مصطلحاتهما المتعلقة بالأجسام المجهولة الطائرة في السنوات الأخيرة لتصبح "ظاهرة مناخية غير معروفة" بدلاً من "جسم طائر غير معروف".
ويذكر أنه في عام 2020، رفع الجيش الأمريكي السرية عن صور لأجسام مجهولة الهوية شاهدها الطيارون الأمريكيون في السنوات السابقة. وبينما أنشأ البنتاغون وحدة تسمى فرقة العمل المعنية بظاهرة مناخية غير معروفة، ثم حولتها إلى مجموعة تحديد وإدارة ومزامنة الأجسام الجوية، أعلنت وكالة ناسا أنها ستشكل فريق دراسة في عام 2022 لدراسة الظواهر الجوية غير المحددة.
ومن المعروف أنه كان هناك قدر كبير من الارتباك بين الأمريكيين منذ الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي حول الأجسام الطائرة المجهولة، والتي يصاحبها الخوف أحياناً، وأحياناً القلق والفضول. وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة المؤمنين بوجود أطباق طائرة في الولايات المتحدة قد ارتفعت من 40% في عام 2019 إلى 50% في عام 2021.