بلينكن في إسرائيل.. هل تملك واشنطن خطة لإنقاذ نتنياهو من تيه بلاده في غزة؟
بينما تتعامل الولايات المتحدة مع زعيم إسرائيلي يفقد السيطرة لمنع توسع الحرب ودخول أطراف جديدة، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطالة أمد الحرب، بينما يكافح من أجل تجنّب السجن وإنقاذ إرثه وإرضاء شركائه السياسيين.
بلينكن في إسرائيل.. هل تملك واشنطن خطة لإنقاذ نتنياهو من تيه بلاده في غزة؟ / صورة: AA (AA)

يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إسرائيل مرة أخرى هذا الأسبوع كجزء من جولة خامسة في الشرق الأوسط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل أكثر من ثلاثة شهور. ومن المتوقع أن يجري بلينكن مناقشات صعبة مع السلطات الإسرائيلية، مع تشديده على وجوب الحد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين في غزة.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، زار ما لا يقل عن 10 من كبار المسؤولين في إدارة بايدن –بما في ذلك الرئيس نفسه– إسرائيل لإظهار دعمها العسكري والسياسي والمالي المطلق.

لكن زيارة بلينكن الأخيرة قرأها البعض على أنها محاولة لاحتواء الحرب ومنع اتساعها بدخول أطراف جدد، بينما يرى البعض الآخر أنها محاولة أمريكية جديدة تهدف إلى حماية إسرائيل، إذ أوضح خبراء فلسطينيون أن الزيارة كما مثيلاتها السابقة لا تقدم شيئاً للفلسطينيين والجانب العربي سوى وعود وكلام معسول من دون ضمانات.

محاولة البحث عن مخرج

وصل بلينكن إلى تل أبيب في وقت متأخر من يوم الاثنين لإطلاع المسؤولين الإسرائيليين على محادثاته التي استمرت يومين مع القادة العرب بشأن إنهاء الحرب. وتأتي الزيارة بعد محادثات في تركيا وقطر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في محاولة لرسم طريق للخروج من الفصل الأكثر دموية على الإطلاق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. وهذه هي مهمته الرابعة في المنطقة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

والتقى بلينكن مع القادة الإسرائيليين يوم الثلاثاء في سعيه لمنع الصراع في غزة من أن يتطور إلى حريق إقليمي وتأمين الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة، إذ قال الجيش الإسرائيلي إن قتاله ضد حماس سيستمر طوال العام.

وفي السياق، أكد بلينكن التزام بلاده "تأسيس دولة فلسطين المستقلة" في تدوينة له عبر منصة إكس، الاثنين، عقب لقائه رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، في العاصمة أبو ظبي. وقال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين إن أي خطة يجب أن تتضمن حكومة فلسطينية موحدة للضفة الغربية وغزة، والعمل على دمج إسرائيل في المنطقة في المستقبل وتمهيد الطريق لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

وقال بلينكن بعد لقائه الأمير محمد في المخيم الشتوي للزعيم السعودي بالقرب من مدينة العلا السياحية: "لا أحد يعتقد أن هذا سيحدث بين عشية وضحاها، لكننا اتفقنا على العمل معاً".

من جهته، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي واجه يوم الاثنين متظاهرين يهتفون "وقف إطلاق النار الآن" في أثناء زيارته لكنيسة تاريخية للسود في ولاية كارولينا الجنوبية، إنه يعمل "بهدوء" على تشجيع إسرائيل على تخفيف هجماتها و"الخروج بشكل كبير من غزة".

خطة اليوم التالي

وبعد أن يلتقي بلينكن القادة الإسرائيليين، من المقرر أن يجتمع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم الأربعاء في الضفة الغربية المحتلة.

ويقول الزعماء العرب إنهم يريدون أولاً وقبل كل شيء إنهاء الصراع، وقد ترددوا في مناقشة تفاصيل ما يجب أن يحدث في غزة، بينما يدعمون المسار نحو إقامة دولة فلسطينية.

ويأتي التركيز المتجدّد على ما سيأتي بعد ذلك في غزة -وهي القضية التي تفصل بشدة بين المسؤولين الإسرائيليين والقادة الإقليميين- في الوقت الذي أشار فيه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لصحيفة وول ستريت جورنال إلى أن بعض القوات الإسرائيلية في غزة ستتحول قريباً عما سمّاه "الحملة المكثفة" إلى مرحلة المناورة في الحرب"، في إشارة إلى "أنواع مختلفة من العمليات الخاصة".

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن احتمال بدء النزاع في التراجع في الأسابيع أو الأشهر المقبلة قد وفّر حافزاً لزعماء المنطقة ليصبحوا أكثر انخراطاً في ما سيأتي بعد ذلك. ويأملون أن يؤدي احتمال تجديد المسار أمام المملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل -وهو الجهد الذي اكتسب زخماً العام الماضي قبل بدء الحرب- إلى توفير بعض الزخم للمحادثات الحالية.

بالمقابل، نقلت الأناضول عن خبراء فلسطينيين قولهم إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للشرق الأوسط تهدف إلى حماية إسرائيل، وعدم توسيع الحرب على الجبهات الأخرى. وأوضح الخبراء أن بلينكن لن يقدم للفلسطينيين والجانب العربي سوى وعود وكلام معسول من دون ضمانات.

رئيس وزراء تائه

وبينما تتعامل الولايات المتحدة مع زعيم إسرائيلي يفقد السيطرة لمنع توسع الحرب ودخول أطراف جديدة، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطالة أمد الحرب، بينما يكافح من أجل تجنّب السجن وإنقاذ إرثه وإرضاء شركائه السياسيين، وفقاً لـبوليتيكو.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن نتنياهو الزعيم الإسرائيلي يحاول البقاء في منصبه وتجنّب السجن بتهم الفساد، وهما رغبتان مرتبطتان جعلتاه منذ فترة طويلة عرضة لمطالب أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم. والآن، فإن حكم المحكمة العليا الإسرائيلية ضد جهوده لإصلاح السلطة القضائية قد يجعله أكثر عرضة للخطر.

وقد جعل ذلك نتنياهو متردداً في الأخذ بالنصيحة الأمريكية بشأن الحرب، ويشير إلى أن التوترات الأمريكية الإسرائيلية سوف تتزايد في الوقت الذي يكافح فيه الفلسطينيون من أجل النجاة من القصف الإسرائيلي لقطاع غزة. إذ يتعين على المسؤولين الأمريكيين العمل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أثناء محاولتهم احتواء الحرب بين إسرائيل وحماس، لكن البعض بدأ يتساءل عما إذا كان هو المسؤول حقاً.

وفي هذا السياق، قال مسؤول أمريكي مطّلع على المناقشات الأمريكية الإسرائيلية: "ليس من الواضح دائماً من يقود القطار" في إسرائيل. وأضاف المسؤول: "كانت هناك أوقات ألمح فيها (نتنياهو) أو حتى كان أكثر وضوحاً في قوله لنا، "يداي مقيدتان. كما تعلمون، لدي هذا التحالف. ليس أنا. إنه ائتلاف. إنها الضرورات السياسية التي أواجهها".

وفيما يتعلق بعديدٍ من الذين يتابعون السياسة الإسرائيلية، فإن رغبته في البقاء في السلطة، جعلت نتنياهو يقدم الكثير من التنازلات مع الفصائل الأكثر تطرفاً في إسرائيل، لدرجة أنه قيد نفسه حتى قبل الحرب. والآن، فإن محاولة إرضاء الوزراء بتسلئيل سموتريش وإيتامار بن غفير على يمينه تضعف قدرته على اتخاذ قرارات صعبة خلال لحظة خطر غير عادي لإسرائيل. ويصف آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة نتنياهو بأنه يائس بشكل متزايد.


TRT عربي