على الرغم من المحاولات الإسرائيلية للتوسط بين موسكو وكييف، وتبنِّي رئيس الوزراء الإسرائيلي موقفاً محايداً، فإن انحياز إسرائيل الأخير إلى جانب أمريكا في الأزمة الأوكرانية أثار غضب موسكو التي استدعت السفير الإسرائيلي لديها.
وقبل يوم واحد من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها تدعم وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا، معربةً عن قلقها بشأن رفاهية آلاف المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في أوكرانيا، ورفاهية الجالية اليهودية الكبيرة المقيمة فيها.
وبعد وقت قصير من صدور التصريحات الإسرائيلية التي تدعم وحدة الأراضي الأوكرانية، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن فحوى الرسالة "غير المباشرة" التي بعثت بها روسيا إلى إسرائيل معلنةً فيها عدم اعترافها بالاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية.
إدانة إسرائيلية وغضب روسي
منذ اندلاع الحرب يوم 24 فبراير/شباط الماضي، ندّد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في أكثر من مناسبة بالتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، خلافاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي يحاول التوسط بين موسكو وكييف ويتبنى موقفاً أكثر تحفظاً.
وردّاً على التنديد الإسرائيلي، استدعت الخارجية الروسية الأحد 17 أبريل/نيسان الجاري، السفير الإسرائيلي أليكس بن تسيفي للمثول أمامها، حسب إذاعة الجيش الإسرائيلي.
وفي منتصف الشهر الجاري وجّهَت روسيا انتقادات شديدة اللهجة إلى إسرائيل، على خلفية تصويت الأخيرة لصالح قرار تعليق عضوية موسكو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقالت في بيان نشرته إن "إسرائيل تخالف قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال مواصلة الاحتلال غير القانوني والضمّ الزاحف لأراضي الفلسطينيين".
العلاقات الروسية الإسرائيلية
في أعقاب تفكُّك الإمبراطوريات الاستعمارية العظيمة في القرن التاسع عشر، ظهر هيكل سياسي دولي ثنائي القطب بقيادة الاتحاد السوفييتي من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى. دفع هذا النظام الجديد الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، العرب وإسرائيل المنشأة حديثاً على الأراضي الفلسطينية، إلى طلب المساعدة من مختلف أطراف الحرب الباردة.
وبعد النكبة الفلسطينية وهزيمة العرب على يد إسرائيل في حرب عام 1948، طرقت الدول العربية، وبالأخص مصر، باب الاتحاد السوفييتي وطلبت المساعدة ضد فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، التي دعمت إسرائيل بلا قيد أو شرط. واستمرّ الدعم السوفييتي للعرب خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما أعلن الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.
ومع نهاية الحرب الباردة بدأت العلاقات بين إسرائيل وروسيا في التطبيع بسرعة. بالنسبة إلى إسرائيل، كانت روسيا دولة بعيدة جغرافياً، رغم أنها دعمت جيرانها العرب الذين كانت تقاتل معهم. وفي ما يخصّ القضية الفلسطينية، اتبعت روسيا سياسة متوازنة ورجحت عدم الانخراط في أنشطة من شأنها الإساءة لإسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
روسيا: الجار الجديد لإسرائيل
تخشى إسرائيل أن تنضمّ إلى العقوبات الغربية على روسيا أو اتخاذ مواقف حقيقة في الأزمة الأوكرانية قد تُغضِب موسكو وتؤثّر في تعاونهما غير المباشر في سوريا، خصوصاً أن الوجود الروسي في سوريا لطالما سمح لسلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ طلعات في المجال الجوي السوري وضرب أهداف إيرانية فوق الأراضي السورية.
ووسط توتُّر العلاقات الروسية الإسرائيلية خلال الأيام الأولى للغزو الروسي، وبعد إعلان روسيا عدم اعترافها بالاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، بدأت روسيا مناورات عسكرية جوية مشتركة مع القوات السورية فوق هضبة الجولان، ونشرت روسيا قواتها في ميناء اللاذقية لقطع الطريق على إسرائيل من الإقدام على قصف الميناء، خوفاً من تعريض الجنود الروس للخطر.
فيما يرى خبراء أن الأمور قد تتجاوز حدود التحذيرات في حال أقدمت إسرائيل على خطوات جديدة تُغضِب الكرملين، إذ يُتوقع أن تسمح روسيا للجيش السوري باستخدام منظومة الدفاع الجوية الروسية "S-300" للتصدي للطائرات والصواريخ الإسرائيلية التي تستهدف أهدافاً في العمق السوري.