أثار ظهور حليمة آدن، العارضة الأمريكية من أصل صومالي، على غلاف مجلة "سبورتس أليستريتد" في أبريل/نيسان الماضي مرتدية البوركيني الكثير من الجدل هنا في الولايات المتحدة الأمريكية، بين من أشاد بالخطوة وبين من رأى فيها تهديداً لمجال ظل ولا يزال مغلقاً أمام النساء المسلمات.
وسبق للعارضة المسلمة أن سرقت الأضواء في مسابقة لاختيار ملكة جمال ولاية مينيسوتا (ولاية في وسط غرب الولايات المتحدة) عام 2017، وتصدرت حينها عناوين الصحف والمجلات كأول عارضة ترتدي الحجاب ولباس البحر المحتشم.
وبعيداً عن الجرائد والمجلات، ظل سوق الحجاب والألبسة الموجهة للمحجبات متواضعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ كانت بعض النساء المسلمات يلاقين صعوبة في إيجاد ملابس تتماشى مع معتقداتهن، فعلى الرغم من انفتاح البلاد على المبادرة وسهولة ممارسة الأعمال، لم يسمح كل ذلك بظهور أزياء "إسلامية" موجهة للمسلمات إلا بعد بداية الألفية الثالثة.
وتعد مجموعة "فيرونا" للأزياء الإسلامية واحدة من الشركات التي اقتحمت عالم الموضة الموجهة للمحجبات في أمريكا. ففي عام 2015 قررت ليزا فوغل رفقة صديقتها علاء عموس، تأسيس مجموعتهما الخاصة، التي حاولت في تصاميمها أن تستجيب لحاجيات الأمريكيات المسلمات، بأسلوب جديد ومحتشم في الوقت نفسه.
وتتذكر ليزا في حديثها مع موقع TRT عربي، البدايات الأولى للمشروع، والتي انطلقت منذ زيارتها للمغرب عام 2011، إذ جربت ارتداء الحجاب لأول مرة، وبعدها بأشهر اعتنقت الإسلام، "وكان ذلك أفضل قرار اتخذته على الإطلاق".
وأثناء عودتها إلى الولايات المتحدة، اكتشفت المتحدثة صعوبة إيجاد ملابس خاصة بالمحجبات، وتضيف "استغرق الوقت مني بضعة أشهر قضيتها في البحث عن أزياء محتشمة، وقلت في نفسي؛ هذا يعني أن هناك آلاف النساء المسلمات اللواتي يواجهن المشكل نفسه، وكان ذلك محفزاً لي لتأسيس مجموعة "فيرونا".
بمبلغ لا يزيد عن 7000 دولار وبكثير من العزيمة، افتتحت ليزا وعلاء مجموعة فيرونا للأزياء الإسلامية مشروعاً لقي الكثير من الإشادة والتنويه، خصوصاً بعد تميزه في معرض للأزياء نظمته شركة مايسيز، أكبر شركات الملابس في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن هذا المعرض تشرح المتحدثة "استفدنا كثيراً من تلك الورشة، وهي بمثابة نقطة تحول في مسارنا، إذ بعد مرور سنة على ذلك الحدث، نجحنا في افتتاح أول جناح لنا داخل مايسيز السنة الماضية".
انفتاح على الحجاب
ويلاحظ انفتاح المجتمع الأمريكي على الحجاب مؤخراً،
خصوصاً بعد بروز نجم عدد من الأمريكيات المسلمات، كالبطلة الأولمبية ابتهاج محمد،
وإلهان عمر التي تعتبر أول مسلمة محجبة تصل إلى الكونغرس الأمريكي. وقد ترجم هذا
الانفتاح تعديل مجلس النواب الأمريكي لقانونه الداخلي، بحيث يمكن للمسلمات ارتداء
الحجاب في المؤسسة التشريعية.
وكان القانون الداخلي يمنع وضع أي غطاء على الرأس أثناء مداخلات أعضائه، وبموجب التعديل بات أيضاً في الإمكان الحفاظ على القلنسوة اليهودية وعلى العمامة بالنسبة للسيخ.
ولا تقتصر المنتجات التي تحمل علامة "فيرونا"
على المسلمات، بل تحاول المجموعة أن تطرح ملابس تستجيب لكل الأذواق لكنها في نفس
الوقت لا تخرج على دائرة "المحتشم".
وتوضح ليزا قائلة: "الحمد لله، حقننا الكثير من النجاح، وأعتقد أن هذا راجع إلى تنوع الأزياء التي نصممها، والتي تتنوع بين الحجاب، وسراويل فضفاضة وتنانير محتشمة. أعتقد أن تنوع المجتمع الأمريكي ساهم أيضاً في ابتكار تصاميم جميلة، تعبر عن تنوع الخلفيات الثقافية لمصمميها من المسلمين".
وبعد صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ارتفع منسوب الكراهية في الولايات المتحدة الأمريكية، بخاصة ضد الأقليات المهاجرة بشكل عام والمسلمين بشكل خاص، إذ تعرضت مجموعة من النساء المحجبات لاعتداءات عنصرية بسبب حجابهن، وحدث ذلك في عدد من الولايات الأمريكية، وفق ما أكدته تقارير أمريكية.
في المقابل، تعرب المصممة ليزا فوغل، عن عزمها المضي قدماً في تطوير مشروعها الخاص، متجاهلة كل تلك الأحداث العنصرية، "أعيش في ولاية فلوريدا، ولاحظت تزايد وتيرة الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين بل كنت واحدة من ضحايا تلك الجرائم. أنا وعلاء نرتدي الحجاب عن حب وعن اقتناع، ولن يمنعنا هذا في مواصلة تصميم ملابس تمنح الثقة لمن يرتديها من المحجبات"، تؤكد المصممة لـTRT عربي.
سوق واعد بملايين الدولارات
ولا يعرف السبب حتى الآن وراء اهتمام مجموعة من العلامات
التجارية المعروفة بموضة المحجبات مؤخراً، بين من يقول إنه إنصاف للمسلمات وبين من
يؤكد أن الهدف تجاري محض.
فوفقاً لتقرير "واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي" لعام 2018-2019، الذي تعده مؤسسة رويترز، أنفق المسلمون 270 مليار دولار على الموضة، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 361 مليار دولار بحلول عام 2023.
ووفق نفس التقرير، احتلت تركيا الرتبة الأولى عالمياً من حيث الإنفاق الإسلامي على الأزياء المحافظة، برقم معاملات بلغ 28 مليار دولار أمريكي.
وتتسابق شركات الموضة الرياضية هي الأخرى في تصميم ألبسة مريحة للمحجبات، آخرها إعلان الشركة الأمريكية نايكي، عن أول حجاب رياضي للسيدات، فهل هو انفراج وإنصاف للمحجبات أو استغلال تجاري فقط؟