في ظل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم منذ ما يزيد على 6 شهور ألزمت الإجراءات الصحية التي تم فرضها منعاً لانتشار الفيروس كثيراً من الشركات بتحويل العمل إلى نظام العمل عن بعد من داخل المنزل، ممِّا يجعل تسليط الضوء على السلوك التغذوي والصحي والتأثيرات السلبية والإيجابية المرافقة للعمل عن بعد هاماً جداً.
يرتبط العمل عن بعد بسلوكيات صحية وغذائية عديدة وتعود طبيعتها إلى عوامل متنوعة مثل عدد ساعات العمل، والعوامل البيئية والأسرية المحيطة بالشخص، وطبيعة الشخص نفسه واهتمامه بالجانبين الصحي والتغذوي ونمط حياته، وتنعكس هذه السلوكيات بدورها على صحة الفرد والمجتمع وعلى إنتاجية العمل.
للمزيد يمكنك قراءة:
فيروس كورونا ومناعة جسم الإنسان.. غذاء في محاربة الوباء
للعمل عن بعد فوائد صحية وإيجابيات عديدة، إذ يتيح العمل عن بعد للفرد العامل أن يلتزم نمطاً غذائياً معيناً، على عكس الحال في مقر العمل الذي فيه يشكل التزام نمط وجبات محدد تحدياً كبيراً، وفي ظل العمل عن بعد يزول هذا التحدي فيستطيع الشخص أن يلتزم نمطية معينة للوجبات اليومية، وأن يتمكن من تحضيرها وفقاً لشروط صحية بما يتناسب مع حالته غذائياً وصحياً.
من الفوائد الصحية الأخرى للعمل عن بعد الشعور بالراحة وتخفيف ضغوط العمل ومن ثم زيادة الإنتاجية، ولتحقيق الشعور بالراحة خلال العمل المنزلي يجب على العامل أن يوفر بيئة عمل مناسبة منزلياً، من خلال تحديد مكان هادئ في المنزل وتوفير إمكانية الجلوس الصحي والسليم بعيداً عن الملهيات كالتلفاز، إضافة إلى توفير كل الاحتياجات التي تجعل العمل أسهل وأكثر سلاسة، ويعتبر الجلوس بطريقة سليمة هاماً جداً لتجنب آلام الظهر، ولتجنب تشكلات في الجسم كبروز منطقة البطن وترهلها بما يسمى الكرش، وهو ما يعتبر أبرز المشاكل الصحية شيوعاً.
إن تحديد ساعات العمل وتجنب التفاعل الأسري خلال هذه الساعات يعد ضرورياً جداً لتحصيل الراحة الجسدية والنفسية للفرد والأسرة، إذ يرتبط العمل العشوائي بتأثيرات سلبية عديدة تنعكس على الفرد والأسرة، ويجب أن تكون ساعات العمل محددة وفي مكان يتمتع ببعض الانعزال عن النشاطات الاجتماعية والأسرية، للحصول على التركيز اللازم والإنجاز بشكل أكثر كفاءة.
للمزيد يمكنك قراءة:
الحجر المنزلي.. بدائل لتغذية صحية عند نقص الموارد الأساسية
يشكل الجلوس لساعات طويلة خطراً صحياً قد يؤدي إلى آلام في الظهر وأمراض مثل الديسك وتحورات في شكل العمود الفقري، ولهذا يجب الحرص الدائم على تجنب الجلوس مدةً تفوق ساعة دون حراك، إذ يجب مقابلة كل ساعة عمل بفترة راحة لا تقل عن خمس دقائق للحركة وتغيير وضعية الجلوس، إضافة إلى ذلك فإن الجلوس السليم المعتدل بحيث يكون الظهر مع الأرجل بزاوية 90 درجة هام جداً لتجنب الديسك وآلام الظهر وتشنج العضلات.
يؤثر العمل عن بعد على مستوى النشاط البدني للشخص، وهذا لأن الشخص بطبيعة الحال يبذل جهداً أكبر عند الذهاب لمقر العمل وخلال فترة العمل اليومي، في حين ينعدم هذا النشاط عند العمل من داخل المنزل، ولهذا يجب مقابلة هذا الخمول الحركي ببذل نشاط بدني مكافىء لا يقل عن 45 دقيقة في ثلاثة إلى خمسة أيام من الأسبوع، بهدف الحفاظ على جهد بدني متوسط والحفاظ على شكل الجسم المتناسق.
ينعكس العمل عن بعد على نظام النوم للفرد، وذلك أن ساعات العمل غير محدودة ويمكن للفرد أن ينجز الأعمال في أوقات مختلفة، ممَّا يؤثر على عادات النوم ويؤثر على الصحة تبعاً، وتجنب هذا التأثير يعتبر هاماً جداً للحفاظ على الصحة والإنتاجية، إذ يعتبر النوم لمدة 7-8 ساعات للشخص البالغ خلال فترة الليل جزءاً من النظام الصحي المتكامل.
للعمل عن بعد تأثير كبير على السلوكيات الغذائية إذ يرتبط عادة بزيادة الوزن والسمنة نظراً إلى الخمول الحركي، إضافة إلى عدم السيطرة على كمية السعرات الحرارية المستهلكة يومياً
للعمل عن بعد تأثير كبير على السلوكيات الغذائية إذ يرتبط عادة بزيادة الوزن والسمنة نظراً إلى الخمول الحركي، إضافة إلى عدم السيطرة على كمية السعرات الحرارية المستهلكة يومياً، فمثلاً من الشائع استهلاك المشروبات والكافيين بكميات كبيرة خلال فترة العمل عن بعد، ممَّا ينعكس سلباً على الصحة.
ويجب تجنب استهلاك ما يفوق 3 فناجين يومياً من القهوة، كما ننصح بالتوقف التام عن العصائر الصناعية والمشروبات الغازية، وكذلك مصادر الكافيين المضاف إليها مبيض القهوة نظراً إلى مضارها الصحية.
للمزيد يمكنك قراءة:
التغذية الصحية لزيادة مناعة الجسم في زمن كورونا
وكمثال آخر يتجه بعض الأشخاص إلى تناول المقرمشات بكميات كبيرة خلال فترة العمل عن بعد، ممَّا يؤدي إلى استهلاك السعرات الحرارية بكميات كبيرة أيضاً، وقد يتجه البعض الآخر إلى عدم تناول الطعام نهائياً طوال فترة العمل ممَّا يسبب سوء التغذية على المدى البعيد.
وفي النهاية فإن العمل عن بعد كغيره من الأنظمة له وجهان سلبي وإيجابي، ويعتمد تحديد الوجه الأكثر تأثيراً على الشخص نفسه، ولتسهيل العمل عن بعد وزيادة الإنتاجية ومنع أي مضار صحية مرتبطة به على الفرد العامل أن يبدأ بتبني عادات وسلوكيات صحية وغذائية، تشمل النوم بشكل منتظم بما لا يقل عن سبع ساعات متواصلة ليلاً، والحرص على تحديد نمط معين للوجبات، ويعتبر النظام الأفضل هو نظام الوجبات الصغيرة والمتعددةsmall frequent meals،وهي الوجبات الرئيسية الثلاثة و2-3 وجبات خفيفةsnacks، على أن تكون هذه الوجبات متنوعة وصحية وخالية من الدهون والزيوت والأطعمة الدسمة والوجبات السريعة.
يمكن لتحضير مشروب الديتوكس مثل منقوع الليمون والخيار والنعناع أن يساعد الشخص على تجنب استهلاك كميات كبيرة من الكافيين والمشروبات غير الصحية، وكذلك تحضير مقرمشات صحية للأفراد الذين يفضلون تناول المقرمشات خلال ساعات العمل، ومن الأمثلة للمقرمشات الصحية حبوب الذرة (الفشار) وشرائح الخضراوات والفاكهة.
تعتبر تجربة العمل عن بعد فرصة ممتازة لاتخاذ قرارات صحية وتغذوية تهدف إلى تحسين الصحة للأفراد والمجتمعات، لكنها فرصة ممتازة لمن يستغلها فقط ويتصرف خلالها بوعي صحياً وغذائياً وبيئياً.