وأشار الإعلان إلى ثلاث نقاط أساسية، تمثلت الأولى في الإجراء التنظيمي والمتمثل في تقديم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا أدماسو أليلي أوراق الاعتماد إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب، أما النقطة الثانية فتضمنت رسالة شكر إلى المؤسسات الإسرائيلية التي لعبت دوراً كبيراً في إنجاح مسار الانضمام، أهمها السفارات الإسرائيلية في إفريقيا وقسم العلاقات الإفريقية على مستوى وزارة الخارجية الإسرائيلية.
أما الجزء الأخير من البيان فركز على مجالات التعاون المستقبلية والمتمثلة في جهود مكافحة جائحة كورونا ومنع انتشار الإرهاب في القارة الإفريقية.
من ناحية أخرى، نشر الإتحاد الإفريقي بياناً حول الاجتماع الذي جمع كلاً من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي، وسفير إسرائيل لدى إثيوبيا، وجاء في البيان أن "صفة المراقب التي حصلت عليها إسرائيل تمثل بداية لمرحلة جديدة في بناء علاقة إسرائيل بالمنطقة على المستوى القاري، وهي خطوة أساسية لتعزيز المبادرات القارية ضمن جدول أعمال إفريقيا 2063".
تاريخياً، حظيت القضية الفلسطينية بالدعم الكبير على مستوى هياكل وأجهزة الاتحاد الإفريقي، حيث منحت فلسطين صفة العضو المراقب سنة 2013، كما تشارك فلسطين في الاجتماعات الدورية للاتحاد الإفريقي. في حين لم تنجح دولة الاحتلال الإسرائيلي في الحصول على صفة المراقب بالاتحاد الإفريقي منذ 2002 لعدة أسباب، أهمها تأثير الزعامة والقيادة السياسية من خلال الدور الذي لعبه بعض القادة الأفارقة منهم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، بالإضافة إلى سيطرة بعض الدول المحورية المناهضة لإسرائيل على مناصب مفتاحية داخل الاتحاد الإفريقي مثل مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي، بالإضافة إلى تأثير قوى إقليمية على دول تقع ضمن مجال نفوذها، حاججت هذه الدول، خاصة الجزائر وجنوب إفريقيا والسودان سابقاً، أن هناك تعارضاً قيمياً ومبدئياً بين ميثاق الاتحاد وقبول انضمام إسرائيل المصنفة كدولة احتلال عنصري.
أقرأ أيضا:
شكل هذا الموقف السياسي داخل أكبر كتلة تكاملية إفريقية عائقاً أمام التصور الاستراتيجي الإسرائيلي اتجاه إفريقيا، لذلك عملت إسرائيل خلال العقدين الماضيين على تفكيك هذا التصور والتخفيف من حدة المواقف السياسية عبر الأدوات الاقتصادية، مع التركيز على تحسين العلاقات الثنائية مع الدول الإفريقية والمنظمات الإقليمية الفرعية كالأكواس ECOWAS بدلاً من التعامل مع الكتلة الإفريقية التكاملية الكبرى، ونجحت إسرائيل عبر هذه السياسة في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع 46 من 55 دولة في الاتحاد الإفريقي، وهو ما سهل عليها تحقيق الطموح السياسي الأكبر المتمثل في الولوج إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب.
يحدد الميثاق المؤسِّس للاتحاد الإفريقي الأطر التنظيمية لمنح صفة المراقب لكل من المنظمات غير الحكومية، ومنظمات التكامل الإقليمي/المنظمات الدولية، والدول غير الإفريقية. تعتبر صفة مراقب داخل المنظمات الدولية الحكومية امتيازاً تحظى به الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية التي تتقاسم نفس المبادئ ومجالات الاهتمام مع الاتحاد، وقد حدد ميثاق الاتحاد الإفريقي حقوق الدول غير الإفريقية التي تحظى بصفة العضو المراقب والمتمثلة في حضور رؤساء البعثات الدبلوماسية مؤتمرات الاتحاد، والاطلاع على وثائق الاتحاد، والمشاركة في اجتماعات الأجهزة والهياكل التابعة للاتحاد الإفريقي، والمشاركة في المداولات، وإلقاء كلمة خلال الاجتماعات العلنية للاتحاد الإفريقي، لكن لا تتمتع الدولة المراقب بحق اقتراح قرارات أو حق التصويت.
على الرغم من محدودية دور الدولة المراقب في صناعة واتخاذ القرار على مستوى المنظمات الدولية الحكومية، فإن تمكن إسرائيل من دخول الاتحاد الإفريقي هو مكسب سياسي، يقع ضمن تصورها العام حول أهمية حضور السردية والمصلحة الإسرائيلية داخل المنظمات الدولية الحكومية وملء أي فراغ قد يكون حتمياً لصالح القضية الفلسطينية.
وعليه فإن وجود إسرائيل كعضو مراقب سيسهل استفادتها من الكتلة الإفريقية "المهمة سياسياً" على المستوى العالمي، حيث ستضفي العلاقات البينية مع أكبر عدد من الدول الإفريقية مزيداً من الشرعية على الوجود والسلوك الإسرائيليين، كما ستحاول إسرائيل الضغط على الكتلة الإفريقية "المهمة عددياً" لترجيح كفة التصويت على القرارات المتخذة على مستوى المنظمات العالمية، حيث تحظى الكتلة التصويتية الإفريقية بـ54 مقعداً من أصل 193 على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، و3 مقاعد من أصل 15 على مستوى مجلس الأمن، و14 مقعداً من أصل 54 على مستوى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، و13 مقعداً من أصل 47 على مستوى مجلس حقوق الإنسان. وقد لوحظ مؤخراً تغير اتجاهات التصويت في الكتلة الإفريقية لصالح إسرائيل، كما امتنعت بعض الدول الإفريقية عن التصويت على قرارات لصالح فلسطين.
على المستوى الإقليمي يتيح وجود إسرائيل كعضو مراقب في هذه المنظمة فرصة لتحقيق أهداف مختلفة على مستويات متعددة، أبرزها العمل على تعميق العلاقات مع الدول الإفريقية والاستفادة مَّما تنتجه هياكل ومؤسسات الاتحاد الإفريقي من مبادرات ومشاريع مختلفة خاصة ضمن لجنة الزراعة والتنمية الريفية والمياه، ولجنة الهجرة واللاجئين، ولجنة النقل والبنية التحتية والبنية التحتية العابرة للقارات والأقاليم والطاقة والسياحة، وهي القطاعات التي تمتلك فيها إسرائيل ميزة نسبية.
سياسياً، سيزيد الوجود الإسرائيلي داخل الاتحاد الإفريقي من تحييد الأصوات الإفريقية المناهضة لوجودها أو سياساتها لا سيما تجاه القضية الفلسطينية، كما ستعمل هذه الأخيرة على الترويج للسردية التاريخية الإسرائيلية وصورتها في إفريقيا، وهذا ما يتيحه ميثاق الاتحاد الإفريقي بالسماح للعضو المراقب بإلقاء خطابات وإسماع صوته وموقفه.
اقتصادياً وعسكرياً، ولوج السوق الإفريقية بشكل أعمق وتعزيز القدرة التنافسية الإسرائيلية في إفريقيا في مواجهة القوى الإقليمية أو الدولية التقليدية أو الجديدة، فرنسا وروسيا والصين وتركيا، والتأثير على ميزان القوى في بعض الأقاليم والنزاعات الحساسة بشكل يتوافق مع مصالحها الكبرى مثال النزاع في تيغراي، ونزاع سد النهضة، ونزاع الصحراء الغربية وغيرها من القضايا النزاعية المعقدة.
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كُتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن TRT عربي.