“انقلاب صامت“، هكذا وصف الصحفي في القناة 12 الإسرائيلية يائير شيركي ما يجري في المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس على أيدي جماعات يهودية متدينة بدعم من الشرطة الإسرائيلية.
انقلاب صامت وتوراة تتُلى بالعلن.. ماذا يجري بالأقصى ومن يدعم متطرفي اليهود؟
يقول شيركي في تقرير بثته القناة: “منذ شهور تقام صلوات يهودية في الأقصى، الدولة تسمح للمتدينين اليهود بالصلاة في الأقصى لكن بشكل غير رسمي، ما يجري هو انقلاب صامت متدرج وتحت الرادار“.
ويضيف: "في الماضي كان يمنع اليهود من أداء الصلوات في الأقصى خشية تفجُّر الأوضاع، لكن في الأسابيع الأخيرة يبدو الوضع مختلفاً. برعاية الشرطة يمكن سماع تراتيل التوراة تُتلى في ساحات الأقصى بشكل مستمر".
ويقول إن "الوضع القائم الجديد في الأقصى كان نتيجة مخططين، الأول هو زياردة عدد اليهود الذين يقتحمون المكان سنوياً حتى بلغ العام الماضي 35 ألف يهودي متدين، والثاني هو الدعم الذي يتلقونه من قبل الشرطة الإسرائيلية التي بموجب تفاهمات صارت تستقبل المقتحمين في أماكن مظللة قبل الاقتحام فيها تُقدم لهم صنوف من الطعام والمشروبات المختلفة".
من جانبه يقول خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري في تصريحات خاصة لـTRT عربي إن "الاحتلال الإسرائيلي يسعى لفرض سيطرته على المسجد الأقصى المبارك"، مشيراً إلى أن "قوات الاحتلال أغلقت مداخل البلدة القديمة والمسجد ومنعت المسلمين من دخولها".
ويضيف أن "قوات الاحتلال أخرجت المصلين المسلمين بالقوة من المسجد وسحلت الشباب والنساء في ساحاته"، مشيراً إلى وجود "مساعي لتقليل عدد المسلمين والسماح لليهود باقتحامه".
ويرى صبري أن "الاحتلال بات يعتقد أن الفترة صارت مواتية لفرض سيادته على المسجد الأقصى في ظل انشغال الدول العربية والإسلامية بمشكلاتها الداخلية، بالإضافة إلى انبطاح بعض الدول من خلال التطبيع".
ويقول: "الوضع في الأقصى خطير جداً، الاحتلال أعلن مسبقاً نيته اقتحام المسجد لكننا لم نجد أي رد فعل من الدول العربية والإسلامية، ما يجعل الاحتلال ماضياً في تجاوزاته".
تصعيد مستمر
منذ أيام بدأت دعوات يهودية تنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل التحضير لاقتحام واسع للمسجد الأقصى صباح يوم الأحد في ذكرى ما يطلقون عليه "خراب الهيكل".
وأدت ما تسمى "حركة السيادة في إسرائيل" مسيرة حول أسوار البلدة القديمة في القدس مساء السبت تحضيراً لاقتحامات الأحد.
وصباحاً اقتحم نحو ألف يهودي متدين ساحات المسجد الأقصى، بعدما سعت قوات الاحتلال لإخلاء المسجد من المصلين المسلمين، فسحلت الرجال والنساء في ساحاته وأطلق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق جموع المراطبين الذين نجحوا بدخوله.
واقتحم المتدينون اليهود المسجد من باب المغاربة على شكل مجموعات كبيرة ونفذوا جولة استفزازية في باحاته وأدوا شعائر تلمودية قبالة قبة الصخرة.
وحسب شهود عيان، حاولت مجموعات من المستوطنين اقتحام المسجد انطلاقاً من بابي حطة والملك فيصل قبل أن يتصدى لهم المقدسيون.
وسبق أن اقتحمت الشرطة الإسرائيلية في وقت مبكر الأحد، باحات المسجد الأقصى واعتدت على الشبان المرابطين داخله وخربت المصلى القبلي، حسب شهود عيان
وقال شهود عيان إن حافلات من داخل المدن العربية بإسرائيل تقل عشرات الفلسطينيين بدأت في التوافد على المسجد بالتزامن للمشاركة في صد اقتحامات المستوطنين.
وأظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل عدداً من فلسطينيي الداخل وهم يرددون تكبيرات العيد في شوارع البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة في طريقهم إلى المسجد الأقصى.
دعم إسرائيلي رسمي
قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وجَّه باستمرار تأمين اقتحامات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى بالتزامن مع ما تسمى ذكرى "خراب الهيكل".
وقال بيان لمكتب بينيت نشره بحسابه الرسمي على تويتر إن رئيس الوزراء أجرى "تقييماً للموقف" بمشاركة وزير الأمن الداخلي عومر بارليف وقائد الشرطة يعكوف شفتاي فيما يتعلق بالأحداث في الحرم القدسي.
ووجَّه بينيت باستمرار اقتحامات المستوطنين للأقصى بشكل "منظم وآمن مع الحفاظ على النظام في المكان"، حسب المصدر ذاته.
وأضاف البيان أن بينيت يتلقى تقارير متواصلة لما يحدث وسيجري تقييمات جديدة للوضع خلال الساعات المقبلة.
فكر صهيوني خطير
بدوره قال المدير العام لأوقاف القدس ناجح بكيرات إن سياسة نفتالي بينيت لها ثلاثة أبعاد، أولها أنه ينطلق نحو الأقصى من منطلق عقائدي صهيوني خطير، إذ لا يعترف بوجود الأقصى ولا الفلسطينيين ولا أي جذور عربية للقدس، ويسعى لإنهاء الوجود العربي والإسلامي".
ويضيف لـTRT عربي: "البعد الثاني هو عبارة عن محاولة لتبرير الهزيمة التي تعرض لها الجيش والشرطة والمجتمع الإسرائيلي بعد معركة سيف القدس أمام المقاومة بغزة، وما يجري عملية استرداد للهيبة على حساب المصلين والناس العزل، ويتضح ذلك من خلال عمليات الثأر اليومي التي تنفذها الشرطة الإسرائيلية".
ويشير إلى أن البعد الثالث هو "مسعى للقفز من التقسيم الزماني للأقصى بين اليهود والمسلمين إلى التقسيم المكاني، إذ إن إدخال مئات اليهود للمسجد خلال فترة بسيطة جداً يعني أنهم قفزوا إلى التقسيم المكاني وهي محاولة لإثبات الحق اليهودي المزعوم".
ويقول إن "التعويل في هذه الأثناء هو على المرابطين على أبواب المسجد الأقصى وعلى الذين يقاومون الاحتلال، لأنه ما دام الاحتلال موجوداً فسيبقى الأقصى في خطر، نعوّل على الرباط وعلى الحاضنة العربية التي يجب أن تحاصر الاحتلال لا أن يحاصرها".