بعد دفعها للخروج من مالي، وتأجيج السخط الناشب ضدها في بوركينا فاسو، لم تقف متاعب فرنسا في الساحل عند هذا الحد، وها هي تواجه أخطر تهديد لنفوذها التاريخي في التشاد من مرتزقة فاغنر الروسية المقربة من الكرملين.
هذا ما كشف عنه تسريب لمحادثة هاتفية لزعيم حركة "اتحاد قوى المقاومة" المتمردة التشادية، تيمان إرديمي، والذي يطلب من خلاله المساعدة من مجموعة فاغنر من أجل إزاحة رئيس المجلس العسكري الحاكم، رجل باريس محمد إدريس ديبي (كاكا).
ويعد هذا أخطر تهديد من فاغنر للنفوذ الفرنسي في نجامينا، بعد مقتل رئيسها إدريس ديبي، على يد متمردي "فاكت" العام الماضي. هؤلاء المتمردون الذين جرى تدريبهم وتسليحهم في ليبيا على يد مجموعة المرتزقة الروسية المقربة من الكريملين.
طلب المساعدة من فاغنر
أعلن متحدث رسمي باسم المجلس العسكري التشادي بأن زعيم حركة "اتحاد قوى المقاومة"، تيمان إرديمي، متهم بطلب المساعدة من مجموعة فاغنر من أجل إسقاط حكومة البلاد. ذلك عبر اتصال هاتفي سربت محادثته، جمع إرديمي بمستشار رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا.
وأردف المتحدث بأن إرديمي طلب في المكالمة الهاتفية من "الروس" القدوم إلى تشاد ومساعدته "لطرد محمد كاكا (ديبي) وفرنسا". فيما رفض زعيم الحركة المتمردة التعليق على كلام المجلس العسكري لوكال فرانس بريس، مرجئاً الأمر إلى حين التشاور مع أعضاء حركته.
في السياق ذاته، قالت حكومة إفريقيا الوسطى بأن "مستشار" الرئيس تواديرا المذكور في المكالمة أقيل من منصبه قبل عام. ورجَّح المتحدث باسمها، يالوكي موكبيم، بأن "هذا الرجل ربما يحاول استغلال منصبه السابق لخدمة مصالحه".
هذا ويعد تيمان إرديمي أحد أشد المعادين للرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي. الرئيس الذي قتل في أبريل/نيسان الماضي عقب اشتباكات مع متمردي حركة فاكت التي كانت تشن هجوماً على البلاد، وتولى نجله محمد كاكا رئاسة البلاد من بعده، حيث أوقف العمل بالدستور وحل الحكومة، متعهداً بإجراء انتخابات في غضون 18 من ذلك. كما يسعى كاكا إلى إجراء مصالحة وطنية مع الجماعات المتمردة، لم تفرج أطوارها لحد الآن عن أي انفراج.
تهديد فرنسا في تشاد
يعتبر طلب المساعدة الذي قدّمه تيمان إرديمي لفاغنر، أخطر تهديد للمجموعة الروسية للنفوذ الفرنسي هناك، لكنه ليس الأول أو الوحيد. فقد عمل المرتزقة الروس على تدريب متمردي حركة "الوفاق من أجل التغيير"، المعروفة اختصاراً بـ"فاكت"، خلال مشاركتها في الحرب الليبية إلى جانب قوات حفتر.
"فاكت" التي تعادي هي الأخرى الوجود الفرنسي في البلاد، الأمر الذي يؤكده الصحافي التشادي محمد طاهر زين في حديثه لـTRT عربي، إذ يقول إن "فاكت (حركة متمردة تشادية) تحالفت مع حفتر وتلقَّت تدريبات عسكرية عالية من فاغنر". مضيفاً: أنها "سبقت أن أعلنت أنها ضد إملاءات فرنسا، الشيء الذي أغضب باريس وتُرجم في قصفها قواعد الحركة (في سبتمبر/أيلول الماضي)".
ويأتي هذا التهديد في وقت أعلنت فيه الحكومة الفرنسية سحب قواتها من مالي، بعد توتر علاقاتها بماكو إثر استعانتها بمرتزقة فاغنر. بالمقابل، لا ترغب فرنسا بإخراج قواتها من الساحل، ما يفرض عليها بحث إعادة نشرها مع قادة الدول الخمسة. واستقبل ماكرون في باريس يوم الأربعاء كلاً من رؤساء تشاد والنيجر وموريتانيا لتباحث هذا الأمر.