تُواصِل البنوك الأمريكية انهياراتها المتتالية لتصبح ثلاثة في أقل من شهرين، بعد أن أضيف بنك "فيرست ريبابلك" إلى اللائحة، وهو ما دفع المنظمين الفيدراليين الأمريكيين إلى عرض البنك للبيع، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على أموال المودِعين المهددة بانهيار البنك.
هذا وأصبح الخبراء يتحدّثون عن أزمة بنكية يتأرجح تحت ثقلها الاقتصاد الأمريكي، من المرجح أن تطال بنوكاً أخرى، ويتوقعون أن تتسبب في ركود اقتصادي يضرب الولايات المتحدة خلال هذا العام.
بنك أمريكي ثالث يتهاوى
أعلنت الشركة المالية الأمريكية "جي بي مورغان" يوم الاثنين استحواذها على بنك "فيرست ريبابلك" الآيل للانهيار، فيما وصفت هذه الخطوة بأنها تأتي للحفاظ على أموال المودِعين المهددة بذلك الانهيار.
هذا بعد أن كانت إدارة الحماية المالية والابتكار في ولاية كاليفورنيا وضّحت أن الجهات الحكومية استولت على بنك "فيرست ريبابلك"، الذي يُعَدّ ثالث بنك أمريكي كبير ينهار خلال شهرين.
وكانت وكالة "رويترز" قد كشفت يوم الأحد أن مجموعة من البنوك والشركات المالية قدمت عروضاً نهائية لشراء بنك "فيرست ريبابلك". وأضافت نقلاً عن مصادر مطلعة أن مجموعات "بي إن سي" للخدمات المالية و"جي بي مورغان" وشركة "تشيس" كانت من بين المصارف التي قدمت هذه العروض في مزاد يديره المنظمون الأمريكيون.
وقالت "جي بي مورغان" في بيانٍ إنه "لحماية المودِعين تدخُل المؤسَّسة في اتفاقية شراء واستحواذ مع (جي بي مورغان-تشيس) لتولي جميع الودائع وجميع أصول بنك (فيرست ريبابلك)"، مضيفة أن هذا الاستحواذ سيشمل 173 مليار دولار من القروض ونحو 30 مليار دولار من الأوراق المالية، بما في ذلك 92 مليار دولار من الودائع.
وعيَّنت إدارةُ الحماية المالية المؤسَّسةَ الفيدرالية للتأمين على الودائع "إف دي آي سي" لتسلُّم بنك "فيرست ريبابلك". وقالت المؤسَّسة في بيان لها: "لحماية المودِعين، تدخُل المؤسَّسة في اتفاقية شراء واستحواذ مع (جي بي مورغان-تشيس) لتولي جميع الودائع وجميع أصول بنك (فيرست ريبابلك)".
ويُعَدّ بنك "فيرست ريبابلك" ثالث بنك أمريكي ينهار في ظرف أقل من شهرين، وكان لدى البنك معدَّل عالٍ من الودائع غير المؤمَّن عليها، التي بلغت 68% من الودائع. وهوَت أسهم البنك بنسبة 36% في تعاملات أسوق الأسهم، وفقدَ السهم 97% من قيمته هذا العام، فيما ارتفعت أسهم "جي بي مورغان" بعد الصفقة بنسبة 2.6%.
ركود متوقع
في شهر مارس/آذار المنصرم أعلنت مخرجات اجتماع سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مارس أنه من المرجح أن تدفع تداعيات الأزمة المصرفية الأخيرة الاقتصاد الأمريكي إلى ركود في وقت لاحق من هذا العام.
وتوقَّع اقتصاديو مجلس الاحتياطي الفيدرالي منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وقوع ضَعف في النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، وذلك خلال اجتماعات اتخاذ القرارات السياسية للمجلس. وفي مارس/آذار قالوا إنّ الأزمة المصرفية زادت ترجيح وقوع تلك التوقعات،
هذه هي المرة الأولى التي يربط فيها اقتصاديو الاحتياطي بين هذا الركود والأزمة البنكية. وقالت نانسي ديفيس، مؤسِّسة إدارة رأس المال التربيعية، في مذكرة: "إنّ الخلاصة الرئيسية من محضر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء هي أن البنك المركزي يتوقع ركوداً خفيفاً في أواخر عام 2023، وأن نافذة الهبوط الناعمة يبدو أنها تغلق بسرعة".
وحسب استطلاع لشركة "Bankrate" المالية، أجْرته في أوساط الاقتصاديين الأمريكيين، فإنّ 95% من خبراء الولايات المتحدة يتوقعون حدوث الركود الاقتصادي بنسبة 64% بنهاية العام الجاري، و50% منهم قالوا إنّ احتمالية الركود تتخطى 70%.
يُضاف إلى هذا ضَعف الإجماع داخل الفيدرالي الأمريكي حول سياسات كبح التضخم الجارية، وهو ما يؤكده تقرير لوكالة "بلومبرغ"، إذ يقول إنه مع توقع زيادة أخرى على الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، التي قد تكون الزيادةَ النهائية، فإنّ هذا الإجماع بين الأعضاء بات هشاً، إذ تظهر علامات الانقسام بين الأعضاء.
وحسب التقرير، أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة سترفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى في اجتماعها خلال 2-3 مايو/أيار إلى نطاق من 5 إلى 5.25 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007.
وفي ذات السياق أشار التقرير إلى الاتجاه لتغيير هذا الوضع في ظل تزايد احتمالية توسُّع المعارضة بوجه سياسات رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، وذلك لأن أدوات محاربة التضخم أو ارتفاع نسبة البطالة أصبحت أكثر إثارة للقلق في أوساط الأمريكيين، سواء كانوا سياسيين أو خبراء اقتصاديين.