منذ آلاف السنين اعتمدت البشرية على الشمس والقمر وبعض الأجرام السماوية الأخرى لحساب الأيام والأشهر والسنين، فضلاً عن إنشاء التقويمات السنوية والموسمية الخاصة بالزراعة والعبادة وحتى الحروب. وكان التقويم بالنسبة للبشرية بمثابة النظام الذي تقيم من خلاله ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
ومنذ اختراع نسخته البدائية الأولى قبل آلاف السنين، استخدمت الأمة التركية طوال تاريخها الممتد لآلاف السنين التقويمات المختلفة للحفاظ على تاريخها وبناء حاضرها ومستقبلها، إلى جانب الحفاظ على ثقافتها بنشاط رغم تغيير أسماء المجتمعات والدول التي أسستها.
فعلى مر العصور استخدم الأتراك أكثر من 5 تقويمات مختلفة بدءاً من التقويم الحيواني الاثني عشر مروراً بالتقويم الإسلامي الهجري ووصولاً إلى التقويم الميلادي "الغريغوري" الذي ما زال مستخدماً حتى يومنا هذا.
في هذا التقرير نستعرض أبرز التقويمات التي استخدمها الأتراك منذ بداية التاريخ وحتى يومنا الحالي.
1- التقويم الحيواني الاثني عشري

يُعرف بأنه أول تقويم يستخدمه الأتراك، ويستند التقويم التركي المكون من اثني عشر حيواناً إلى السنة الشمسية. بمعنى آخر، حددوا الوقت باليوم والشهر والسنة وفقاً للدوران الكامل للشمس وهلال القمر. جرى تقسيم اليوم إلى جزأين على هيئة 12 + 12 وجرى تقييمه على أنه 24 ساعة كما هو اليوم.
لا يوجد مفهوم الأسبوع في هذا التقويم، فقد تشكل مفهوم الأسبوع عند الأتراك بعد الإسلام. يستمر العام ما بين 354 و384 يوماً. والشهر في هذا التقويم أما أن تكون 29 أو 30 يوماً. كما كانت تُدرج أسماء الأشهر بالشهر الأول والشهر الثاني وتنتهي بالشهر الثاني عشر.
وفي هذا التقويم، كان يجري تسمية الأعوام الـ 12 باسماء الحيوانات، بدءاً من عام الفأر، مروراً بأعوام: البقر والنمر والأرنب والحوت والأفعى والحصان والغنم والقرد والدجاج والكلب، وانتهاء بعام الخنزير. وكان يعتقد أن العام سيحمل خصائص الحيوان الذي يحمل اسمه، فعام القرد على سبيل المثال سيزداد به الفرح والخداع.
وتجدر الإشارة إلى أن التقويم الحيواني ظهر في آسيا الوسطى لأول مرة وقت اعتلاء الحاكم التركي الشهير ميت هان العرش عام 209 قبل الميلاد، واستخدم على نطاق واسع من قبل الصينيين قبل أن يستخدم اليابانيون والكوريون والفيتناميون والمغول والمانشو إصدارات مختلفة من.
2- التقويم الهجري

التقويم الهجري هو نظام تقويم أنشأه العرب يعتمد على السنة القمرية، وبدأ الأتراك في استخدامه بعد اعتناقهم الإسلام. يعتبر يوم هجرة الرسول محمد من مكة إلى المدينة بداية العمل بهذا التقويم، والذي يصادف يوم 16يوليو/تموز 622، فيما تحل رأس السنة في هذا التقويم في الأول من محرم كل عام.
ويتكون التقويم الهجري من 12 شهراً قمرياً، أي أن السنة الهجرية تساوي 354 يوماً تقريباً. والشهر في التقويم الهجري إما أن يكون 29 أو 30 يوماً. وبما أن هناك فارق 11.2 يوم تقريباً بين التقويم الميلادي الشائع والتقويم الهجري فإن التقويمين لا يتزامنان، مما يجعل التحويل بين التقويمين أكثر صعوبة.
3- التقويم الجلالي

لطالما حلم علماء الفلك أن يصادف رأس السنة الجديدة في يوم معين من كل عام وتبقى على هذا النحو إلى الأبد. ومع ذلك بدا من غير المرجح أن يتحقق هذا الحلم، حيث كانت هناك اضطرابات مستمرة في التقويم الإيراني القديم وتقويم الإسكندر، اللذين كانا شائعين في ذلك الوقت. لهذا السبب، أصدر السلطان السلجوقي جلال الدين مليكشا أمراً بإعداد تقويم جديد من قبل لجنة من العلماء برئاسة الفلكي والشاعر الشهير عمر الخيام.
وفي هذا التقويم، الذي دخل حيز التنفيذ في 15 مارس/آذار 1079 ميلادي، اعتمد الفلكيون على السنة الشمسية التي تساوي 365 يوماً و6 ساعات. كما جرى تحديد رأس السنة الجديدة بالتزامن مع 21 مارس/آذار، بداية الربيع. وإلى جانب السلاجقة، استخدمت الإمبراطورية المغولية أيضاً التقويم الجلالي لفترة من الزمن.
4- التقويم الرومي

بدأت الدولة العثمانية، التي رتبت شؤونها اليومية وفقاً للتقويم الهجري، في استخدام هذا التقويم أيضاً اعتباراً من 13 مارس/آذار 1840 لتنظيم شؤونها الاقتصادية، وجرى تحديد الأول من مارس/آذار من كل عام باعتباره العام المالي الجديد.
واعتمد التقويم الرومي، الذي يقبل الهجرة كنقطة انطلاق، على السنة الشمسية. وكانت فيه السنة الواحدة تساوي 365 يوماً و5 ساعات.
5- التقويم الميلادي (الغريغوري)

بدأ استخدام هذا التقويم والمعرف أيضاً باسم التقويم الغربي أو المسيحي في تركيا عام 1925، وهو التقويم المستعمل مدنياً في أكثر دول العالم اليوم. كما يسمى هذا التقويم في أغلب الدول العربية بالتقويم الميلادي لأن عدد السنين فيه يبدأ من سنة ميلاد المسيح كما كان يعتقد مطور التقويم الراهب الأرمني دنيسيوس الصغير.
ويعود سبب تسميته بالتقويم الغريغوري إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر، بابا روما في القرن السادس عشر، والذي عدّل نظام الكبس في التقويم اليولياني ليصبح على النظام المتعارف عليه حالياً.
السنة الميلادية هي سنة شمسية مدتها 365.2425 يوماً، ولذلك فالسنة الميلادية تساوي 365 يوماً في السنة البسيطة و366 في السنة الكبيسة، وهي تتألف من 12 شهراً مقسمين على 52 أسبوعاً.