تركيا بلد ذو تاريخ غني وثقافة متنوعة، شهدت منذ عامِ انتهاءِ الإمبراطورية العثمانية في 1923 تولي عدة رؤساء للجمهورية الذين قادوا البلاد في فترات مختلفة. تمتَّع رؤساء الجمهورية التركية بسلطات ومسؤوليات هامة في توجيه مسيرة الدولة وصيانة الدستور وحماية حقوق المواطنين. في هذا المقال نستعرض بعض تفاصيل وإنجازات رؤساء الجمهورية التركية البارزين.
1- مصطفى كمال أتاتورك (1923-1938):
مصطفى كمال أتاتورك، المعروف أيضاً بأبي الأتراك (Mustafa Kemal Atatürk)، كان قائداً عسكرياً للجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى. أتاتورك هو مؤسس تركيا الحديثة وأول رئيس للجمهورية التركية. قاد ثورة الاستقلال التركية وأدى دوراً حاسماً في تحويل تركيا من إمبراطورية عثمانية إلى دولة جمهورية علمانية.
أدخل أتاتورك مؤسِّس حزب الشعب الجمهوري عديداً من التغييرات الجذرية في البلاد، بما في ذلك تبني الحروف اللاتينية وفرض قانون الأسرة والتغيرات في حقوق المرأة. حكم أتاتورك البلاد 15 عاماً و12 يوماً.
2- عصمت إينونو (1938-1950):
عصمت إينونو (İsmet İnönü) هو الرئيس الثاني للجمهورية التركية، تولى الرئاسة بعد وفاة أتاتورك، قاد إينونو المنتمي أيضاً إلى حزب الشعب الجمهوري البلاد خلال فترة حرجة من التاريخ، بما في ذلك الحرب العالمية الثانية.
ركز على استقرار البلاد وتعزيز الديمقراطية والاقتصاد. أحد أبرز إنجازاته كان توسيع حقوق النساء وإجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية هامة. شهدت فترة حكمه تحولاً من النظام الحزبي إلى النظام الديمقراطي متعدد الأحزاب في تركيا. ولُقِّب بـ"الرئيس الوطني".
3- محمود جلال بايار (22/5/1950 - 27/5/1960):
محمود جلال بايار (Mahmut Celal Bayar) كان سياسياً تركياً ورجل دولة ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، وهو الرئيس الثالث للجمهورية التركية.
بدأ حياته السياسية نائباً في البرلمان العثماني في عام 1919، ثم انتقل ليصبح نائباً في البرلمان التركي عام 1923. عُيِّن وزيراً للاقتصاد، ثم رئيساً للوزراء في عهد مصطفى كمال أتاتورك، واستمر في منصب رئيس الوزراء في أثناء فترة رئاسة عصمت إينونو.
انتهت رئاسته للجمهورية بانقلاب عسكري في عام 1960. حُكِم عليه بالإعدام من قِبل الانقلابيين، ولكن جرى تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة، ثم جرى الإفراج عنه في عام 1964 بسبب حالته الصحية.
4- جمال جورسال (27/5/1960 - 28/3/1966):
جمال جورسال (Cemal Gürsel) كان رابع رؤساء الجمهورية التركية، وكان ضابطاً قديماً في الجيش التركي ورئيس الأركان. نفَّذ انقلاباً عسكرياً ضد حكم محمود جلال بايار ورئيس الوزراء عدنان مندريس في 27 مايو/أيار 1960.
5- جودت صوناي (28/3/1966 - 28/3/1973):
جودت صوناي (Cevdet Sunay) قبل توليه رئاسة تركيا شغَل مناصب عسكرية متعددة، فكان مديراً للكلية العسكرية في عام 1941، وتقدم في الرتبة حتى أصبح لواءً في عام 1958، وتولى منصب رئيس الأركان العامة بعد انقلاب الجنرال جمال جورسال في عام 1960. في عام 1966 استقال من الجيش ليصبح عضواً في مجلس الشيوخ الذي جرى إلغاؤه في عام 1982.
6- فخري كوروتورك (6/4/1973 - 6/4/1980):
فخري كوروتورك (Fahri Korutürk) هو ضابط متقاعد والرئيس السادس للجمهورية التركية. كان أيضاً طالباً في المدرسة الحربية.
7- كنان إفران (7/12/1982 - 9/11/1989):
كان كنان إفران (Kenan Evren) ثامن رئيس للجمهورية التركية. تولى الرئاسة بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في عام 1980، وانتهت فترة حكمه بتنحيه في عام 1989.
امتلأت فترة حكم إفران بالتناحر الحاد بين العسكر بقيادته والمدنيين ممثلين بالأحزاب السياسية، إذ كان يسعى كل طرف لفرض سيطرته على المؤسسات الحكومية التابعة للدولة.
8- تورغوت أوزال (9/11/1989 - 16/5/1993):
تورغوت أوزال (Turgut Özal) كان تاسع رئيس للجمهورية التركية. تولى الرئاسة بعد كنان إفران في عام 1989 واستمر في المنصب حتى عام 1993 بسبب موته المفاجئ بالأزمة القلبية.
وكان أوزال المنتمي إلى حزب الوطن الأم صاحب نزعة إصلاحية، مما جعله محبوباً من قِبل الشعب التركي.
9- سليمان ديميريل (16/5/1993 - 16/5/2000):
سليمان ديميريل (Süleyman Demirel) كان تاسع رئيس للجمهورية التركية. تولى ديميريل، المنحدر من أصول سياسية تعود إلى حزب الطريق القويم، الرئاسة بعد انتهاء ولاية تورغوت أوزال في عام 1993، واستمر في المنصب حتى عام 2000.
ديميريل صاحب أطول فترة عمل سياسي في تاريخ السياسة التركية، إذ بدأ العمل في السياسة عام 1965 رئيسَ وزراء، وانتهى من العمل السياسي عام 2000.
10- أحمد نجدت سيزر (16/5/2000 - 28/8/2007):
أحمد نجدت سيزر (Ahmet Necdet Sezer) سياسي مستقلّ وُلد عام 1941، وكان الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية. تولى الرئاسة بعد انتهاء ولاية سليمان ديميريل في عام 2000 واستمر في المنصب حتى عام 2007 بتنحيه.
11- عبد الله غول (28/8/2007 - 28/8/2014):
عبد الله غول (Abdullah Gül) كان الرئيس الحادي العشر للجمهورية التركية، وكان أول رئيس ينحدر من تيار إسلامي، وآخر رئيس يُنتخب بالاقتراع غير المباشر.
غول بدأ حياته السياسية في حزب الرفاه، ثم الفضيلة، وكان من مؤسِّسي حزب العدالة والتنمية، وكان الرجل الثاني في الحزب بعد رجب طيب أردوغان.
تولى غول الرئاسة بعد انتهاء ولاية أحمد نجدت سيزر في عام 2007، واستمر في المنصب حتى عام 2014.
تميزت فترة رئاسة عبد الله غول بترسيخ دعائم الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان في تركيا. قاد غول عملية إصلاحات واسعة في النظام القضائي والقوانين، مما أدى إلى تحقيق تحسينات في حرية التعبير وحقوق الإنسان. أيضاً شهدت فترة حكمه تحسيناً في الاقتصاد التركي، إذ جرى تعزيز التجارة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
12- رجب طيب أردوغان ( 28/8/2014 حتى الآن)
رجب طيب أردوغان (Recep Tayyip Erdoğan) هو سياسي تركي وزعيم حزب العدالة والتنمية، وقد تولى رئاسة تركيا في عام 2014 وما زال في المنصب حتى الوقت الحالي. وُلد أردوغان في عام 1954 في مدينة إسطنبول. قبل توليه رئاسة تركيا شغَل منصب رئيس الوزراء لمدة 11 سنة من عام 2003 إلى 2014.
فترة رئاسة أردوغان شهدت تحولات هامة في السياسة التركية والمجتمعية. اتخذ أردوغان سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز مكانة تركيا على الصعيد الدولي.
عزَّز أردوغان دور الرئاسة ووسَّع صلاحياتها من خلال إجراء تعديلات دستورية في عام 2017، مما أدى إلى تحويل النظام السياسي في تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.
خلال فترة رئاسة رجب طيب أردوغان لتركيا جرى تحقيق عديد من الإنجازات في مختلِف المجالات.
من الإنجازات الرئيسية التي جرى تحقيقها في حكم الرئيس رجب طيب أردوغان:
النمو الاقتصادي: شهدت تركيا نمواً اقتصادياً قوياً خلال فترة رئاسة أردوغان. جرى تعزيز الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص، مما أدى إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحسين مستوى المعيشة لعديد من الأتراك.
تحسين البنية التحتية: جرى الاستثمار بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للبلاد، بما في ذلك الطرق والجسور والمطارات والمواني. وجرى تحسين وتوسيع الشبكة النقلية وتوفير وسائل النقل الحديثة.
التحسينات في النظام الصحي: جرى تعزيز الرعاية الصحية في تركيا، إذ جرى بناء مستشفيات حديثة وتحديث المعدّات الطبية. كما جرى توسيع نطاق التأمين الصحي وتحسين الخدمات الطبية المتاحة للمواطنين.
تعزيز التعليم: جرى تحسين نظام التعليم وتعزيز جودة التعليم في تركيا، وجرى توسيع الفرص التعليمية وتحديث المناهج الدراسية لتتناسب مع احتياجات العصر الحديث.
الدور الإقليمي والدولي: اكتسبت تركيا تأثيراً إقليمياً ودولياً أكبر تحت قيادة أردوغان، ولعبت تركيا دوراً هاماً في الشؤون الإقليمية والدولية، وتوسعت علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول الأخرى.
تعزيز حقوق الأقليات: جرى اتخاذ إجراءات لتعزيز حقوق الأقليات في تركيا، بما في ذلك الأقلية الكردية. وجرى تحسين الحقوق اللغوية والثقافية والسياسية للأقليات.
