ما تأثير هجمات الحوثيين في التجارة البحرية؟ وهل تخنق اقتصاد إسرائيل؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

منذ أن بدأت جماعة الحوثي اليمنية تنفيذ وعودها عمليّاً باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ردّاً على العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، عادت المخاطر الجيو-سياسية التي تهدد التجارة والاقتصاد العالميين إلى الواجهة من جديد.

ورغم عدم توسع رقعة الحرب إلى المستوى الإقليمي، أسهم دخول الحوثيين على خط المواجهة مع إسرائيل بإطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو أهداف إسرائيلية، وما تلاها من احتجاز ثلاث سفن تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، في زيادة المخاطر المحتملة التي من شأنها أن تترك آثاراً تجارية واقتصادية عالمية، لا تقتصر بالضرورة على إسرائيل التي تعتمد بشكل أساسي على النقل البحري.

وحسب الخبراء، لا تهدد عمليات الاستيلاء المتتالية الشحن الإسرائيلي فحسب، بل تهدد حركة المرور بأكملها في البحر الأحمر، الذي يعد أحد أكثر طرق الشحن ازدحاماً في العالم. ويخشى الخبراء أن تكون هذه التحركات بداية سلسلة من الهجمات البحرية في ممر باب المندب ومنطقة جنوب البحر الأحمر المهمة للتجارة العالمية، خصوصاً التجارة بين آسيا وأوروبا، وتحديداً المختصة بتجارة النفط العالمية.

التجارة البحرية عصب الاقتصاد الإسرائيلي

أدت التغيرات الجيو-سياسية في السنوات الأخيرة إلى زيادة أهمية البحر الأحمر، الذي يعد ممرّاً للبضائع القادمة من شرق آسيا. ومن خلال المرور عبر قناة السويس، يجري تفريغ البضائع المتجهة إلى إسرائيل في ميناءي أسدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن تلك التي تصل مباشرة إلى ميناء إيلات المُطل على خليج العقبة.

ولأن إسرائيل لا تمارس أي تجارة عن طريق البر، كما تفعل أوروبا على سبيل المثال، فإنها تعتمد بشكل كبير على موانيها البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98% من تجارة البضائع الإسرائيلية، حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

وبالنظر إلى البيانات، نرى أن تجارة إسرائيل قد تحولت هي الأخرى إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا في السنوات الأخيرة. مما يعني أن تجارتها باتت تعتمد أكثر على الخطوط البحرية التي تمر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس.

ففي عام 2006، وصل نحو 191 ألف حاوية بضائع إلى الشواطئ الإسرائيلية من شرق آسيا، بينما جاءت 268 ألف حاوية من أوروبا الغربية. ولكن بحلول عام 2019، جرى تفريغ ما يقرب من 278 ألف حاوية قادمة من آسيا في مواني أسدود وحيفا، بينما انخفض العدد من أوروبا الغربية إلى نحو 260 ألف حاوية، وفقاً لما نقلته هآرتس.

ارتفاع أسعار النقل البحري

وفقاً لموقع Globes الإسرائيلي، تسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النقل من الصين إلى إسرائيل خلال أسبوع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من أكتوبر/تشرين الأول.

واعترف يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن باستخدام سفن الشحن والطائرات والشاحنات التي تسمح للمستوردين والمصدّرين بمقارنة أسعار الشحن في الوقت الفعلي، بزيادة أسعار الشحن للسفن المغادرة والداخلة مواني إسرائيل من الصين بعد الحرب.

وقال ليفين لـGlobes: "هذا يؤثر بالفعل في جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل من الصين إلى ميناء أشدود، التي بدأ سعرها في الارتفاع خلال الأسابيع الأخيرة". وأضاف: "هذا انحراف بالنسبة للاتجاه العام للتجارة بين آسيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، إذ شهدنا بالفعل انخفاضاً طفيفاً في الأسعار خلال تلك الفترة".

تهديدات حقيقية

لا يقتصر الأمر على ارتفاع أسعار الشحن والتأمين وتغيير السفن الإسرائيلية لمسارها، بل يصاحبه أيضاً تأخيرات واختناقات مرورية بأعداد أكبر من المعتاد، إذ أبلغت شركة الشحن MSC عن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أشدود، كما حوّلت شركة Evergreen السفن إلى حيفا البعيدة نسبيّاً عن صواريخ المقاومة الفلسطينية.

من جانبه، أوضح البروفيسور شاؤول تشوريف، الأميرال المتقاعد وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة حيفا، أنه قلِق من شيئين: الأول هو التهديد الذي يواجه الملاحة في البحر الأحمر، على سبيل المثال، ماذا سيحدث إذا بدأ الحوثيون بمهاجمة ليس فقط السفن المملوكة للإسرائيليين ولكن أيضاً تلك التي تتجه إلى أو من إسرائيل. والثاني يتعلق بالمواني نفسها في أثناء الحرب، حسبما قال موقع TheMarker الإسرائيلي.

وأضاف تشوريف قائلاً: "إن العالم البحري حساس والبيئة الأمنية غير المستقرة لها تأثير فوري. خلال الأيام الأولى من الحرب في الجنوب، كانت توجد سفن أعلنت أنها لن ترسو في ميناء عسقلان النفطي". وتابع: "في بداية الحرب، وُجد انخفاض بنسبة 40% في حركة المرور في أشدود، وما يحميها هو القبة الحديدية"، في إشارة إلى أحد أنظمة إسرائيل المضادة للصواريخ.

وقال شوريف: "إذا تطورت جبهة ثانية في الشمال وتعرض ميناء حيفا للخطر، فإن المشكلة ستكون أكثر خطورة، لذا فإن الطرق البحرية ليست سوى جزء من المشكلة. ويجب أيضاً أن تؤخذ المواني بعين الاعتبار".


TRT عربي
الأكثر تداولاً