حوادث سقوط متعددة لـF35.. هل فشلت "أقوى مقاتلة في العالم"؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

وأظهر مقطع فيديو من موقع الحادث بقايا الطائرة محترقة فوق تل على جانب الطريق بالقرب من قاعدة جوية في مدينة ألباكركي بولاية نيو مكسيكو.

وأكد مسؤولون أمريكيون إصابة طيار القوات الجوية الذي كان يقودها، بعد قفزه من طائرة "إف-35 بي" التي تحطمت بعد التزود بالوقود في قاعدة كيرتلاند الجوية.

ويعد حادث تحطم طائرة عسكرية هو الثاني في نيو مكسيكو خلال شهرين، إذ سقطت طائرة من طراز "إف-16 فالكون" التي تبلغ تكلفتها نحو 63 مليون دولار في أبريل/نيسان الماضي، وأصيب الطيار بجروح طفيفة بعد أن قفز أيضاً من الطائرة.

ما يقرب من حادثين سنوياّ

بدأت طائرة "إف-35" الطيران في عام 2006، وخلال تلك الأعوام وقعت 30 حادثة تحطم لها٬ حسب شبكة سلامة الطيران الأمريكية أولها في فبراير/شباط عام 2013 وآخرها في سبتمبر/أيلول عام 2023.

وسجلت مختلف الأنواع الثلاثة للمقاتلة (F-35A وF-35B وF-35C)، حوادث تحطم على مدى 18 عاماً٫ ففي يونيو/حزيران 2014 تحطمت طائرة F-35A تابعة لسلاح الجو الأمريكي بسبب حريق في المحرك في أثناء الإقلاع في قاعدة إيغلين الجوية في فلوريدا ونجح الطيار في النجاة دون إصابات.

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2018 تحطمت طائرة F-35B تابعة لسلاح مشاة البحرية الأمريكية في مقاطعة بوفورت في ساوث كارولينا بسبب خلل فني ونجح الطيار في القفز بالمظلة بأمان.

أما في 9 أبريل/نيسان 2019 تحطمت F-35A تابعة لقوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية في المحيط الهادئ وقُتل الطيار في الحادث.

وفي 19 مايو/أيار 2020 تحطمت طائرة F-35A تابعة لسلاح الجو الأمريكي في أثناء الهبوط في قاعدة إيغلين الجوية في فلوريدا ونجا الطيار، ولكن الطائرة تعرضت لأضرار جسيمة.

وفي تاريخ 17نوفمبر/تشرين الأول 2021 تحطمت طائرة F-35B تابعة لسلاح الجو البريطاني على متن حاملة الطائرات HMS Queen Elizabeth في البحر الأبيض المتوسط، ونجا الطيار.

كذلك في 15 مارس/آذار 2022 تحطمت F-35A تابعة لسلاح الجو الكوري الجنوبي بسبب عطل فني في أثناء الهبوط ونجا الطيار.

وفي 19 يناير/كانون الثاني من العام الماضي تحطمت طائرة F-35C تابعة لسلاح البحرية الأمريكي ونجا الطيار، في أثناء الهبوط على حاملة الطائرات USS Carl Vinson في بحر الصين الجنوبي

عيوب ضخمة رغم تكلفتها العالية

ومنذ دخول المقاتلة عالم الطيران جرى تصنيع نحو ألف طائرة من إف 35 حسب موقع ديفنس وان الأمريكي، وحققت أكثر من 721 ألف ساعة طيران تراكمية مع إكمال أكثر من 430 ألف طلعة جوية، وكان الهدف من تصميمها هو أن تكون طائرة واحدة تستخدم في أنواع متعددة من المهام، لتجمع بين طائرة مقاتلة صغيرة وذكية وطائرة بعيدة المدى.

لكن يبدو أن الطائرة لم تحقق إلا نصف الهدف الذي صُنعت لأجله٫ ففي نهاية يناير/كانون الثاني 2023 بعد حادثة اختفاء واحدة من طائرات إف 35 لمدة يوم قبل تحديد موقع حطامها كشف تحقيق لمكتب الرقابة الحكومية الأمريكي (هيئة رقابية مستقلة تابعة للكونغرس) عن مشكلات وعيوب ضخمة في الطائرة الأقوى في العالم.

وأشار التحقيق إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تستطيع استخدام أسطول الطائرات المقاتلة من طراز "إف-35" إلا بنسبة 51% إذ إنها تعاني من مشكلات كبيرة في الصيانة، وتعد النسبة صادمة للبنتاغون الذي كان يهدف إلى استخدامها بنسبة 85% إلى 90% من الوقت.

وكشف التقرير عن أن معظم المخصصات المالية تذهب لتشغيل وصيانة وإصلاح الطائرات، وتطلبت أوقات الإصلاح "للأعطال الجسيمة" ضعف المتطلبات التشغيلية للقوات الجوية، وما يقرب من ثلاث مرات لقوات مشاة البحرية، مشيراً إلى أن نسبة الطائرات المعطلة التي كانت تنتظر الصيانة بلغت 15٪ في عام 2023

وكان من المفترض أن يحقق أسطول طائرات F-35A متوسط ​​20 ساعة طيران بسبب الأعطال الحرجة بعد 75000 ساعة ولكن في عام 2023 حققت متوسط 10.5 ساعة فقط، وفق نفس التقرير.

هل فشل مشروع "أقوى طائرة في العالم"؟

تبلغ تكلفة الطائرة إف 35 حالياً نحو 135 مليون دولار، ورغم تلك التكلفة لم تصل أبداً إلى قدرتها الكاملة، ومع ذلك لا تزال حكومة الولايات المتحدة متمسكة بالبرنامج المُشغل البالغة تكلفته 1.7 مليار دولار بشكل أساسي، وذلك التمسك بسبب ارتفاع الطلب عليها عالمياً من 13 دولة.

وحسب مواقع متخصصة في الصناعات الدفاعية فإن إف 35 تعاني من بعض المشكلات التي تؤثر في أدائها، ومن ثم تتعرض للحوادث المتكررة.

وأولى تلك المشكلات هي تكنولوجيتها المعقدة، فالطائرة مزودة بأنظمة تكنولوجية متقدمة ومعقدة تشمل الاستشعار والتخفي والحرب الإلكترونية، وهذا التعقيد يمكن أن يؤدي إلى مشكلات فنية وأعطال غير متوقعة.

كذلك تعتمد F-35 بشكل كبير على البرمجيات لإدارة وظائف الطيران والقتال، ويمكن أن تودي الأخطاء في البرمجيات أو التحديثات البرمجية إلى مشكلات في أثناء الطيران.

من ناحية أخرى يتطلب التصميم المتقدم للطائرة تكاملاً سلساً مع أنظمة أخرى، فيما يسمى التكامل الشبكي وهذا يشكل تحدياً تقنياً يؤدي إلى مشكلات في الأداء في حال وجود تعقيدات أو عدم توافق.

وتؤدي مشكلات أنظمة الاتصالات في إف 35 إلى التشويش على قدرة الطائرة على تبادل المعلومات مع الطائرات الأخرى والقيادة الأرضية.

كذلك متطلبات صيانتها العالية والدقيقة للحفاظ عليها لو حدث أي خطأ في إجراءاتها يمكن أن يؤدي إلى حوادث.

كما أن تصميم الطائرة المعقد والاستخدام المكثف يؤدي إلى أعطال ميكانيكية في المحرك، وكذلك قد يتسرب منه الوقود، إذ جرى الإبلاغ عن حالات تسرب الوقود في بعض الطائرات، ما شكل خطراً كبيراً على سلامة الطائرة.

ويذكر أن بعض الحوادث للطائرة المعروفة كانت نتيجة لفشل في المحرك، أو مشكلات في الهيكل، إذ إن الطائرة مصنوعة من مواد مركبة وسبائك معدنية خفيفة الوزن، ومع الاستخدام المكثف قد تتعرض لأعطال وشروخ وصدع بسبب التعب المعدني.

وقد تعاني إف 35 من مشكلات في ارتفاع درجة الحرارة بسبب الأنظمة الإلكترونية المتقدمة والمحرك القوي، ما يتسبب في حرارة زائدة تؤثر في أدائها، ويتطلب ذلك أنظمة تبريد فعالة لمنع ارتفاع درجة الحرارة.

من ناحية أخرى تواجه الطائرة بعض المشكلات في القدرات القتالية، إذ إن تقدم التكنولوجيا بها وزيادة التعقيد قد يرهقان الطيارين في التعامل مع جميع الأنظمة المتقدمة بشكل فعال، وكذلك المشكلات في تكامل بعض أنواع الأسلحة مع أنظمة الطائرة قد تؤدي إلى قيود في الاستخدام القتالي.

وفي 7 أيلول/سبتمبر 2022، أعلن مسؤول أمريكي، أن البنتاغون توقف عن قبول طائرات "إف-35" الجديدة، بعد اكتشاف أن "مغناطيساً مستخدماً في محرك المقاتلة الشبح مصنوع من مواد غير مصرح عنها".

ونتيجة لكل تلك العيوب علقت إسرائيل في يوليو/تموز 2022 التدريب على طائرات "إف-35" الأمريكية "على نحو مؤقت"، بعد اكتشاف خلل فني فيها.

وقبل ذلك بعام، قال رئيس هيئة أركان سلاح الجو الأمريكي، تشارلز براون جونيور، في فبراير/شباط 2021، إن برنامج الطائرة الأحدث في الترسانة الحربية "إف-35" فشل للمقاتلة الشبحية، إذ زادت حمولتها إلى 25 طناً، ما أصبح عقبة في الحفاظ على مكانتها وسط مقاتلات الجيل الخامس.

وبدورها نقلت مجلة "فوربس" الأمريكية أن من عيوب الطائرة الشائعة، أنها تتطلب برامج صيانة عالية ومتواصلة، وبالإضافة إلى تكلفتها العالية، فإنها فشلت أيضاً في تحقيق الأهداف المنتظرة منها، وبات واجباً على سلاح الجو التفكير في بديل لها، مع الحفاظ على خاصية الشبح.

TRT عربي
الأكثر تداولاً