منذ ولادة الحلم التركي ببناء سيارة وطنية في ستينيات القرن الماضي، بُذل عديد من المحاولات المماثلة، لكن النجاح المنشود لم يتحقق حتى جاء عام 2011 عندما أعلن رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان عن مشروع السيارات المحلية.
وبعد 11 عاماً فقط من اتخاذ قرار صناعة سيارة وطنية بإمكانيات وطنية، يفتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت مصنع إنتاج السيارة الكهربائية المحلية "توغ" (TOGG) في منطقة غمليك بولاية بورصة، تزامناً مع الذكرى السنوية التاسعة والتسعين لتأسيس الجمهورية التركية.
مغامرة السيارات في تركيا من "ديفريم" إلى "توغ"
منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة عام 1923، وحلم إنتاج سيارة تركية بإمكانيات محلية يراود السياسيين والمواطنين على حد سواء، وفيما أصبحت فكرة إنتاج السيارات أكثر انتشاراً في تركيا، بدأت رحلة الأتراك لإنتاج سيارتهم المحلية منذ عام 1961، وذلك عندما صدر أمر إلى وزارة النقل لتصنيع سيارة وطنية بإمكانيات محلية، على أن تكون جاهزة بحلول عيد الجمهورية في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1961.
وعلى الرغم من نجاح أولى المحاولات التركية لإنتاج 4 نسخ من سيارتهم المحلية التي أطلقوا عليها اسم "ديفريم"، تمكنوا من إنتاجها بتمويل وعقول تركية خالصة خلال 129 يوماً فقط، فشل في إنتاجها بكميات كبيرة.
فيما شهد عام 1966 إنتاج سيارة "الأناضول" من مصنع "أوتوسان" الذي أنشأه رجل الأعمال التركي وهبي كوج عام 1959، وكانت بمثابة أول سيارة تركية محلية تسير على الطرقات، لكن رغم إنتاج الشركة 93 ألفاً و188 سيارة للسوق، وقف المشروع عام 1984.
وظلت المحاولات التركية مستمرة دون جدوى إلى أن جاء عام 2017، إذ أعلن الرئيس أردوغان أن الخطوة التاريخية التي كانت تنتظرها تركيا منذ 61 عاماً، سيحققها اتحاد الخمسة الكبار، في إشارة إلى الشركات الخمس المشاركة بمشروع السيارة الوطنية الكهربائية "توغ" (TOGG)، التي سيُفتتح مصنعها اليوم تزامناً مع عيد الجمهورية التاسع والتسعين وتستعد للسير على الطرقات التركية في الأشهر الأولى من العام المقبل.
رحلة "توغ" من الورق إلى الطرقات
في أعقاب اجتماع الجمعية العامة لاتحاد الغرف التجارية (TOBB) بالعاصمة أنقرة عام 2017، والذي طلب خلاله أردوغان من رئيس الجمعية رفعت حصار جيكلي أوغلو أن يقود عملية إنتاج أول سيارة تركية محلية الصنع 100%، صبت تركيا جل جهودها وخبراتها من أجل وضع الأسس الصحيحة والواقعية لإطلاق سيارتها الكهربائية الوطنية.
ومباشرةً، بدأت الاستعدادات لتمويل مشروع السيارة التركية (TOGG) التي قدرت قيمته بنحو 3.7 مليار دولار عبر التحالف الذي شكلته أضخم وأقوى خمس شركات تركية، فيما وقع الاختيار على محمد غوركان قره كاش ليكون المدير التنفيذي للمشروع، والذي قبل استقطابه كان يشغل منصب نائب مدير شركة (Bosch) الألمانية وبدأ حياته مهندساً ميكانيكياً بعد التخرج في جامعة الشرق الأوسط.
وفي أكتوبر 2019، انتقل المقر الرئيسي للشركة من إسطنبول إلى منطقة جيبزة في ولاية قوجه ألي، وأعلن حينها الرئيس التنفيذي انتهاء أعمال التصميم.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، قُدمت طرازات سيارات الدفع الرباعي والسيدان لأول مرة بمشاركة الرئيس أردوغان في "اجتماع رحلة الابتكار لمجموعة شركات السيارات التركية" الذي عقد "وادي المعلوماتية" في منطقة جيبزة. وبعد ذلك بـ 7 شهور فقط، افتتح أردوغان مجمعاً يضم المصنع الذي سيشهد إنتاج السيارة في قضاء غمليك بولاية بورصة شمال غربي تركيا.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، بدأت أعمال البنية الفوقية للمنشأة، إذ جرى إنتاج 44 ألف عمود خرساني لتقوية أرضيتها، واستخدام 34 ألف طن حديد و325 ألف متر مربع خرسانة. ووفقاً لوكالة الأناضول، بلغت المساحة المغطاة من المنشأة 230 ألف مربع من أصل مساحة إجمالية 1.2 مليون متر مربع، مع القدرة على تشغيل 250 روبوتاً في خطوط الإنتاج على مسار طوله 1.6 كيلومتر.
والسبت 29 أكتوبر 2022، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصنع إنتاج السيارة الكهربائية المحلية "توغ"، تزامناً مع الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية التركية في 23 أكتوبر1923.
سيارة كهربائية عصرية
اقتربت تركيا من إطلاق سيارتها الكهربائية الأولى، التي وصفها قره قاش قائلاً: "ليست سيارة فحسب، بل ستكون حاسوباً يمشي"، في النصف الأول من عام 2023 للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
وبحلول 20 مارس/آذار 2022 تجاوزت "توغ" جميع الاختبارات بنجاح، وكان آخرها اختبارات الشتاء في ظروف قاسية تصل إلى 40 درجة تحت الصفر في أقرب نقطة من القطب الجنوبي (مركز الاختبار المعتمد في أوشوايا بالأرجنتين).
وجرى تصميم وتطوير "توغ" لتكون سيارة كهربائية بالكامل منذ الولادة، ويصل مداها بالشحنة الواحدة إلى 500 كيلومتر. ما يعني أن "توغ"، التي سيصل شحن بطاريتها إلى 80% في أقل من 30 دقيقة، ما سيتيح لسائقيها السفر مسافات طويلة بسعر مناسب بفضل ميزة الشحن السريع.
ويُنتظر أن تصنع المجموعة 18 ألف سيارة خلال السنة الأولى على أن يرتفع الرقم إلى 174 ألف سيارة سنوياً. وفيما سيكون تركيز البيع في السوق المحلية أولاً بعد طرحها للبيع في مارس2023، سيجرى الانفتاح على السوق الدولي بعد عامين أي في 2025.
ويذكر أنه من المخطط إنتاج ما مجموعه مليون سيارة في 5 نماذج مختلفة من منصة واحدة بحلول عام 2030.
