بعد تحليق مقاتلتها الوطنية "قآن" (KAAN) بنجاح لأول مرة في سماء العاصمة أنقرة الأسبوع الماضي، أصبحت تركيا واحدة من 5 دول يمكنها إنتاج طائرات الجيل الخامس، القادرة على العمل المشترك مع المسيّرات ومنصات التحذير الجوي والتحكم.
وفي حديث له مع TRT Haber، قال المدير العامّ لشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" تمل كوتيل، إن مشروع المقاتلة الوطنية "قآن" يُعَدّ المشروع الأكثر نجاحاً في العالم في مثل هذا الوقت القصير.
وأردف كوتيل: "تركيا تركت وراءها عتبة حرجة للغاية نحو إنتاج طائراتها الحربية من الجيل الخامس"، مشيراً إلى أن "قآن"، التي أحدثت سرعة إنجازها ضجة كبيرة في العالم، قادرة على محاربة جميع الطائرات الموجودة.
دعونا في هذا التقرير نتعرّف الطريق الذي سلكته تركيا لإنجاز مثل هذا المشروع الضخم غير المسبوق في مشاريع المقاتلات الحربية.
وقت قياسي
في عام 2010، وقبل عقد من فرض العقوبات عليها في مشروع مقاتلة "F-35"، قررت أنقرة تعزيز استقلاليتها في مجال الصناعات الدفاعية والطيران والتوجه نحو المنافسة الدولية. وعليه باشرت توساش العمل على التصاميم النظرية للمقاتلة "قآن" عام 2011، واستمرت حتى سبتمبر/أيلول 2013.
وعندما أُطلقَ البرنامج رسمياً عام 2018، كان من المخطط أن تكون الرحلة التجريبية الأولى عام 2026 لتدخل المقاتلة الخدمة عام 2032، لكن حماس فريق المهندسين والدعم الهائل الذي تلقّوه من الرئاسة التركية سرّع عمليات التطوير والبناء إلى تنفيذ اختبارات التشغيل الأرضي الأولى للطائرة بنجاح في شهر مارس/آذار 2023.
فيما شكّل يوم 21 فبراير/شباط 2024 منعطفاً مُهمّاً وعلامة فارقة في تاريخ صناعة الطيران التركية بتنفيذ أول عملية إقلاع ناجحة للمقاتلة "قآن"، ومن المقرر أن يتلوها تصنيع 7 طائرات أخرى، بالإضافة إلى الطائرة الأولى المخصصة للاختبار والتجريب، فيما يُخطَّط لتسليم أول 20 طائرة عام 2028، لتنضمّ إلى أسطول القوات الجوية التركية، على أن تُصنَّع طائرتان كل شهر لتحلّ محل طائرات F-16 الأمريكية، كما يُعمَل في المستقبل على تصميم وإنتاج محرك محلي للطائرة.
تجدر الإشارة إلى أنه عند المقارنة الأولية بين مشروع الطائرة المقاتلة "قآن" وطائرة F-35 الأمريكية، نجد أن الأخيرة صُمّمَت بتقنية طُوّرت قبل عقدين من الزمن تقريباً، أما الطائرة التركية "قآن" فصُمّمَت وتُبنى وتُطوَّر بتقنية الوقت الحالي.
خلطة النجاح
حسب كوتيل، فـ"عند العمل على المشاريع الكبيرة جداً فإن الشك والتساؤل هو العدو الأكبر للنجاح. يجب منع (ماذا لو؟) في المشاريع الكبيرة. يمكننا أن نفعل ذلك إذا أردنا. ما شاء الله، لقد فعل ذلك".
وأضاف كوتيل: "بذل 17 ألف موظف في شركة توساش جهوداً كبيرة. أنا شخص كان في هذا العمل لسنوات. النجاحات العظيمة تأتي من القلب لا العقل. لقد جاء نجاحنا هذا من القلب".
وأشار المدير العامّ إلى نقطة غاية في الأهمية عندما قال إن مهندسي الطائرات في ألمانيا بمثل سنّه، وخبرتهم تستند إلى معلومات وخبرات قديمة مرّ عليها نحو 30 سنة. ولكن "منذ تَعلَّم فريقنا الشابّ هذه التكنولوجيا، تجاوزنا ألمانيا وفرنسا وإنجلترا".
ومن موظفيها الـ17 ألفاً، خصّصت توساش لمشروع المقاتلة الوطنية "قآن" 5000 مهندس بالاختصاصات كافة، منهم 500 مهندس للبرمجة، ويتكون نظام الطائرة المحوسب من نحو 20 مليون سطر، ويضمّ مئات البرمجيات التي تعمل معاً، لذلك يمكن اعتبار المقاتلة "حاسباً آليّاً طائراً".
مقاتلة خارقة
يبلغ طول جناحَي "قآن"، وهي وطنية في تصميمها وتصنيعها، 14 متراً، وارتفاعها 6 أمتار، وطولها 21 متراً. قمرة القيادة لشخص واحد. تعمل بمحرك مزدوج، مع قدرة عالية على المناورة، وانخفاض الرؤية للرادار، فضلاً عن القدرة على حمل الأسلحة داخل الهيكل، والقدرة على الحرب الإلكترونية.
وعن التكنولوجيا المتطورة التي تمتلكها "قآن"، قال كوتيل إنه اختاروا تكنولوجيا أعلى من طائرات F-22 وF-35، مشيراً إلى أنه المشروع الأنجح في العالم في مثل هذا الوقت القصير. طائرات يوروفايتر وF-16 ورافائيل ذات تكنولوجيا أقلّ من طائرة "قآن" الجاري العمل أيضاً على تحويلها إلى مقاتلة الجيل السادس.
وفي تصريح للصحفيين العام الماضي قال كوتيل: "خطتنا أن تحلّق قآن بمحرّك تركي في 2028، ونواصل جهودنا بهذا الصدد بالعمل مع شركات أوكرانية"، ولفت إلى أن المقاتلة تحلّق حالياً بمحرك F-110.