كلما تم الإعلان عن اكتشاف مصدر طاقة جديد للغاز الطبيعي في أعماق مياه البحار مقابل الشواطئ التركية، أو حتى الإعلان عن اكتشاف كميات إضافية جديدة من الغاز الطبيعي في الآبار المكتشفة سابقاً، يعود أسطول سفن البحث والتنقيب التركية إلى المشهد مجدداً، الأسطول الذي تعقد تركيا عليه آمالاً كبيرة من أجل التحرر من فاتورة الطاقة الباهظة التي تستوردها سنوياً من الخارج.
وشهدت السنوات الأخيرة تزايد جهود ومساعي الحكومة التركية من أجل امتلاك أسطول وطني متكامل من سفن البحث والتنقيب التي تخضع لإدارتها بشكل كامل، والاستغناء عن حاجتها إلى الشركات العالمية المختصة بهذا النوع من الأعمال. وقبل أن تصنع تركيا سفناً خاصة لعمليات البحث والتنقيب بإمكانيات وطنية خالصة، قامت بشراء سفن متخصصة بهذا النوع من الأعمال وطورتها بالشكل الذي يتيح لها خوض غمار الكشف عن مصادر الطاقة الطبيعية داخل مياه وطنها الأزرق.
وتمتلك تركيا اليوم ضمن أسطولها خمس سفن من الأحدث على مستوى العالم، سفينتان تقومان بأعمال البحث والتمشيط و3 سفن خاصة بعمليات الحفر والتنقيب، كلها مجندة من أجل الكشف عن مصادر طاقة طبيعية جديدة داخل مياه الوطن الأزرق لتركيا، بدءاً من البحر الأسود مروراً ببحر مرمرة وبحر إيجة وصولاً إلى مناطق الصراع شرق البحر الأبيض المتوسط.
سفينة خير الدين بربروس
اشترت تركيا نهاية عام 2012 أول سفينة أبحاث زلزالية مقابل 130 مليون دولار أمريكي، وألحقتها بمؤسسة البترول الوطنية، وأطلق على السفينة الجديدة اسم خير الدين بربروس تيمناً بالبحار العثماني الشهير.
ولدى السفينة القدرة على إجراء أبحاث زلزالية ثنائية وثلاثية الأبعاد لقاع المسطحات المائية، ويمكنها القيام بأعمال البحث عن مصادر الطاقة وجمع البيانات من على عمق 8 كيلومترات تحت سطح البحر، ويبلغ الوزن الإجمالي نحو 4711 طناً، فيما يبلغ طول السفينة 84 متراً وعرضها 21.6 متراً، ولديها مهبط خاص بالطائرات المروحية.
وبإمكان سفينة خير الدين بربروس التي تعمل بمحرك ديزل كبير تحديد اتجاهها وموقعها تلقائياً من خلال اتصالها بالأقمار الصناعية، وتتمتع أيضاً بميزة العمل على الأنهار الجليدية، وبفضل امتلاكها لنظام خاص بتنقية المياه وأجهزة مسح حديثة لا تصدر ضجيجاً تعد واحدة من أكثر السفن صداقة للبيئة.
سفينة أوروتش رئيس
بدأت تركيا بناء سفينة أوروتش رئيس الخاصة بأعمال الأبحاث الزلزالية عام 2012 بموارد محلية بالكامل، ودخلت السفينة الخدمة منتصف عام 2017 بعد استكمالها لاختبارات التشغيل وتدريب طاقم العمل الذي سيعمل على متنها، وفور دخول السفينة الخدمة جرى اعتبارها واحدة من أفضل 5 سفن أبحاث متعددة الأغراض حول العالم.
وتم تجهيز السفينة بأنظمة الدفع والمناورة الحديثة، فضلاً عن تزويدها بأحدث الأجهزة الخاصة بعمل المسوحات الزلزالية العميقة الثنائية والثلاثية الأبعاد في البحار المفتوحة، وبفضل الأجهزة الحديثة والمتطورة التي تحوزها سفينة أوروتش رئيس يمكن القيام بأبحاث علمية ذات أهمية استراتيجية مهمة، مثل قيامها بمهام مراقبة اليابسة تحت الجرف القاري وكذلك أعمال البحث عن النفط والغاز الطبيعي تحت مياه البحار، حيث يمكنها متابعة ودراسة الهياكل الجيولوجية على عمق 15 كيلومتراً من قاع البحر.
ويبلغ طول السفينة 86 متراً وعرضها 22 متراً، ويمكن للسفينة البقاء في البحر لمدة 35 يوماً عندما تكون خزانات الوقود والماء محملة بالكامل، فيما يبلغ عمر السفينة الاقتصادي 30 عاماً، ويعمل بها 55 فرداً من بينهم 28 باحثاً و27 بحاراً، كما تحتوي السفينة على غواصة محلية الصنع تدار عن بعد تحوز أنظمة لرسم خرائط قاع البحر، وأنظمة للقياس وأخذ العينات.
سفينة الفاتح
تعد سفينة الفاتح التي انضمت عام 2017 إلى أسطول سفن مؤسسة البترول الوطنية التركية أول سفينة حفر وطنية، حيث تم البدء في بنائها بالشراكة مع كوريا الجنوبية عام 2011، ومنذ دخول السفينة الخدمة عام 2018 كشفت تباعاً عن كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر الأسود وصلت إلى غاية 540 مليار متر مكعب.
وتتميز سفينة الفاتح بامتلاكها لتكنولوجيا الجيل السادس التي تمكنها من إجراء عمليات الحفر والتنقيب حتى عمق 12.2 كيلومتراً، بالإضافة إلى القدرة على العمل في الأعماق ذات الضغط المرتفع، وبفضل هذه القدرات الفائقة تعدّ السفينة واحدة من أفضل 5 سفن على مستوى العالم عاملة في هذا المجال.
ومنذ فترة قريبة خضعت سفينة الفاتح لعملية ترقية وتحديث لمعدات الحفر وأنظمة التحكم في الآبار وأنظمة تحديد المواقع الديناميكية بالإضافة إلى المولدات وأجهزة الدفع، ويبلغ طول سفينة الفاتح 229 متراً وعرضها 36 متراً وتزن أكثر من 51 ألف طن، فيما يبلغ ارتفاع برج الحفر على السفينة ارتفاع برج إيفل تقريباً.
وبفضل نظام تحديد المواقع النشط، تتمتع سفينة الفاتح بالقدرة على الحفاظ على ثباتها حتى عند حدوث أمواج بحرية بطول 6 أمتار، ومع هذه الميزات التكنولوجية عالية المستوى أثبتت السفينة نفسها من خلال قدرتها على العمل في أصعب الظروف المناخية.
سفينة ياووز
في عام 2018 قامت الحكومة التركية بشراء سفينة ياووز ضمتها مباشرة إلى أسطول سفن البحث والتنقيب داخل بنية مؤسسة البترول الوطنية، من أجل زيادة أنشطة الاستكشاف والحفر في البحار بما يتناسب مع سياسة حكومة العدالة والتنمية الخاصة بالطاقة الطبيعية والتعدين.
ومثل سفينة الفاتح تصنف سفينة ياووز من سفن الحفر من الجيل السادس، ويبلغ طول السفينة 230 متراً وعرضها 36 متراً، وتمتلك السفينة برجي حفر يمكنانها من العمل بشكل متزامن، حيث يمكن إنجاز الأعمال الرئيسية والإضافية.
وتعتبر سفينة ياووز واحدة من أصل 16 سفينة حول العالم تمتلك هذه الإمكانيات، وتحوي السفينة صالة رياضية وسينما وغرف استراحة، فضلاً عن وجود مستشفى صغير مكون من 4 أسرّة مع طبيب بدوام كامل على متنها.
سفينة القانوني
تعد سفينة القانوني من أحدث سفن أسطول مؤسسة البترول الوطنية، والمكون من سفينتي أبحاث ومسح وثلاث سفن للتنقيب والحفر التي تعتبر القانوني إحداها بعد دخولها للخدمة عام 2020.
ويبلغ طول السفينة 227 متراً وعرضها 42 متراً وبوزن إجمالي يتجاوز الـ60 ألف طن ويمكنها الحفر حتى عمق 12.2 كيلومتراً، وفي عام 2012 قامت شركة سامسونج في كوريا الجنوبية بالبدء في بناء وتطوير سفينة القانوني الخاصة بأعمال الحفر والتنقيب، وتمتلك السفينة تكنولوجيا الجيل السادس كمثيلتيها سفينتي الفاتح وياووز.
والشهر الماضي، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز على حسابه الرسمي على موقع تويتر عن انطلاق سفينة القانوني لإجراء اختبارات الحفر في أعماق مياه البحر الأسود إلى جانب سفينة الفاتح، وستجري السفينة أولى اختبارات الحفر في حقل الغاز الطبيعي توركالي-2 مقابل شواطئ ولاية سقاريا.