تابعنا
نجح المنتخب الإسباني، يوم الأحد، في التتويج ببطولة أوروبا لكرة القدم "يورو 2024"، ذلك بعد تغلّبه على نظيره الإنجليزي في المباراة النهائية، بنتيجة هدفين لواحد. ويعد هذا اللقب الأوروبي الرابع لـ "لاروخا"، الذي أصبح بذلك أكثر المنتخبات فوزاً بالبطولة.

وشهد "يورو 2024" صعود نجم اللاعب الإسباني اليافع من أصول مغربية، لامين جمال، والذي كان أصغر لاعب يشارك في نهائي بطولة كبرى لكرة القدم، وفاز بلقب أفضل لاعب شاب بالبطولة.

وفي عمر الـ17 سنة، كان لجمال دور كبير في تتويج المنتخب الإسباني، بعد تسجيله هدفاً في مرمى فرنسا خلال مباراة نصف النهاية، وتقديمه تمريرة حاسمة في النهائي تمكن زميله نيكو وليامز من تسجيل هدف على إثرها. وكانت حصيلة اللاعب اليافع في "اليورو"، أربع تمريرات حاسمة وهدفاً وحيداً.

وتزخر قصة صعود لامين جمال بتفاصيل مثيرة للاهتمام، إذ يعد ابن أحد الأحياء الأكثر فقراً في مدينة برشلونة، وكان والده قد وصل إلى إسبانيا من المغرب عن طريق قوارب الهجرة غير النظامية، وبالرغم من كل هذه التحديات، نجح لامين في خط مسار كروي واعد، دفع ببعض المعلقين إلى تشبيهه بأسطورة كرة القدم الأرجنتينية ليونيل ميسي.

ابن مهاجر غير نظامي وحي فقير!

وتعود جذور قصة لامين جمال إلى مطلع الألفية الثالثة، حينما هاجر والده منير نصراوي من مدينة العرائش شمال المغرب نحو السواحل الإسبانية، محمولاً على زورق هجرة غير نظامية، أو ما يوصف بـ "زوارق الموت". وقتها لم يكن الأب منير يحمل معه سوى حرفته كصبّاغ وطموحه بحياة أفضل على الضفة الأخرى من المتوسط.

استقر منير نصراوي في حي روكافوندا في ماتارو، إحدى الضواحي الأكثر فقراً في إقليم كاتالونيا، حيث التقى شيلا إيبانا، المهاجرة من غينيا الاستوائية والتي كانت تعمل نادلة في إحدى المطاعم، فأنجبا الطفل لامين الذي سيصبح في المستقبل نجم نادي برشلونة والمنتخب الإسباني.

وفي حديثه للصحافة عقب تأهل إسبانيا إلى نهائي "اليورو"، صرّح منير نصراوي بأنه منذ لحظة ولادة ابنه كان يعلم أنه "سيكون نجماً". وقال نصراوي: "كنت أعرف أنه سيكون نجماً منذ ولادته. أي أب يعرف ذلك، وأي أب يريد أن يكون ابنه الأفضل. (ولامين) الأفضل في كل شيء، ليس فقط في كرة القدم، ولكن أيضاً في الحب وكشخص. إنه طفل ولديه نعمة من الله، وهو أمر مهم للغاية وعلينا أن نقدره".

بالمقابل، أشار عدد من المجلات الرياضية الإسبانية إلى أن الفضل في دخول لامين عالم كرة القدم يعود إلى أمه، التي جمعتها ظروف العمل بابنة أحد المسؤولين في نادي لاتوريتا، وأقنعتها بالتوسط لضم ابنها إلى النادي، إذ بدأ مساره الكروي قبل أن تتلقفه "لاماسيا" (مدرسة نادي إف سي برشلونة للناشئين).

وبالرغم من النجومية التي وصل إليها، لم يتنكر لامين جمال لحيّه روكافوندا، إذ دائماً ما يحتفل بعد تسجيل الأهداف بإشارة بيديه لرقم 304، وهو الرقم البريدي للحي. وقال نصراوي معلقاً على احتفال ابنه: "هذا الحي هو الأفضل في العالم وفي إسبانيا، لأننا جميعاً متساوون ونحب بعضنا البعض على قدم المساواة. لتبقى روكافوندا 304 مرجعاً للجميع".

خليفة ميسي في برشلونة؟

وفي موسم 2023، لعب لامين جمال للفريق الأول لنادي برشلونة وعمره لا يتعدى الـ15 سنة، وفاز معه بلقب الليغا الإسبانية للموسم ذاته.

وفي تشكيلة النادي الكتالوني، يلعب لامين في مركز الجناح الأيمن، وهو نفس المركز الذي كان يشغله الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي، مما جعل عدداً من المعلقين يرى وجود أوجه شبه بين اللاعبَين، ويتنبأ للاعب الشاب بمستقبل كروي يضاهي مستقبل ميسي.

ولا تقف نقاط التقاطع بين اللاعبين عند هذا الحد، بل كشف والد لامين جمال عن صور جمعت ابنه بميسي، يظهر فيها لامين رضيعاً في حوض استحمام وبجانبه اللاعب الأرجنتيني كأنه يحمّيه. وعادت هذه الصورة المنسية منذ عام 2007 إلى الظهور مجدداً بعدما نشرها والد يامال على حسابه بموقع إنستغرام الأسبوع الماضي، وكتب "بداية أسطورتين".

وقال مونفورت، الذي يعمل مصوراً حراً وهو من التقط تلك المشاهد، إن الصورة التُقطت في غرفة خلع الملابس في ملعب كامب نو ببرشلونة خريف عام 2007، عندما كان يامال يبلغ من العمر بضعة أشهر فقط. وأتت تلك الصور في إطار حملة خيرية سنوية نظمتها صحيفة محلية بشراكة مع اليونيسف، التقط خلالها لاعبو برشلونة صوراً مع أطفال وعائلاتهم.

ورفض لامين جمال هذه المقارنة بينه وبين ميسي، وقال في تصريحات يوم السبت لصحيفة "ماركا": "أحاول أن أكون نفسي. في النهاية، لن يكون من المفيد أن أقارن نفسي بأفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، لأنه لن يكون هناك أحد مثله".

ومع بداية صعود نجمه في كرة القدم، كان لامين جمال نقطة تنافس بين المنتخبين الإسباني والمغربي. وفي عام 2022 دخلت الجامعة المغربية لكرة القدم على خط استقطاب جمال للعب لأسود الأطلس، وزار وفد رفيع ضم رئيس الرابطة فوزي لقجع بيت عائلة اللاعب، من أجل إقناعه بتمثيل ألوان المغرب.

وفشلت الجامعة المغربية في مهمة إقناع جمال، الذي اختار بدوره تمثيل "لاروخا". وأقر وقتها مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي أن استدعاء اللاعب أمر ليس سهلاً رغم المحادثات التي جرت معه أكثر من مرة استغرقت نحو عام، مبرزاً أن اللاعب تعرض لضغوط دفعته إلى اتخاذ قراره النهائي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً