استعراض عسكري لصرب البوسنة (Str/AFP)
تابعنا

تعهَّد ميلوراد دوديك، زعيم صرب البوسنة، في خطابه يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بإنشاء جيش "جمهوري صربي"، وأبرز رغبته في الانفصال عن البوسنة والهرسك، مشدداً على أنه "لم يعد لدولة بوسنية موحدة وجود".

وتُعَدّ جمهورية صرب البوسنة أحد مكونات اتحاد البوسنة والهرسك، تعود إقامة كيانها القانوني إلى اتفاق دايتون الذي أنهى الحرب الأهلية سنة 1995. وتظاهر مئات البوسنيين في شوارع سراييفو احتجاجاً على تصريحات دوديك.

وتأتي هذه التوترات التي تعرفها البوسنة والهرسك في ظل انتشار واسع للسلاح غير المرخص، إذ بلغ عدده حسب تقديرات نحو 750 ألف قطعة، مما يجدّد مخاوف اندلاع أزمة تعود بمنطقة البلقان إلى مستنقع الدم الذي غرقت فيه فترة ما بين 1992 و1995.

تهديدات الحرب

ما يصبو إليه دوديك عبر خطابه، ومعه الانفصاليون من صرب البوسنة، هو تقسيم الجيش البوسني إلى نصفين على أساس إثني وديني، تمهيداً لانفصال يطمحون إليه، الأمر الذي يهدّد المنطقة كلها بحرب أهلية جديدة.

تهديد وصفه كريستيان شميت، المبعوث الأممي للبوسنة والهرسك، بأنه "أخطر تهديد وجودي تواجهه البلاد خلال مرحلة ما بعد الحرب (الأهلية)". وحذر شميت من أن يتمسك الانفصاليون الصرب بتحقيق مخططهم بتكوين جيشهم الخاصّ وتقسيم الجيش الوطني البوسني، داعياً إلى زيادة أعداد القوات الأممية على الأرض منعاً لانزلاق البلاد نحو العنف.

وفي وقت سابق لوّح رئيس صرب البوسنة بالانسحاب من الوثيقة الدستورية لاتحاد البوسنة والهرسك، متعهداً بتقديم تعديلات عليها "تمكنّ البلاد من نيل حكمها الذاتي الكامل"، على رأسها تأسيس مؤسسة قضائية، وسلطات ضريبية، ومخابرات خاصة لجمهورية صرب البوسنة. في الوقت نفسه نفى دوديك أنه يدفع البلاد نحو الحرب قائلاً: "لا حرب، لن تقوم حرب، ولا إمكانية لقيام حرب".

وشدَّد المبعوث الدولي كريستيان شميت في تقريره إلى الأمم المتحدة، على أن "أي ضعف في الاستجابة على هذه الوضعية قد يهدّد اتفاق دايتون، في وقت يتزايد فيه التدخل الخارجي في شؤون البوسنة والهرسك"، مؤكداً أن "الانقسامات بين الأطراف البوسنية آخذة في الاتساع، وخطر الحرب أكثر جديَّة".

تدخلات خارجية وتسليح

وعارضت روسيا بشدة تقرير المبعوث الدولي إلى البوسنة والهرسك، مهددة تعطيل التصويت على تجديد مهامّ القوات الأوروبية بالبوسنة والهرسك "يوروفار" إن لم يسحب شميت اتهاماته للمسؤولين الصرب، "كون الكريملين يريد عرقلة المبعوث الدولي عن أن يُطلِع مجلس الأمن على الوضعية هناك"، حسبما تورد جريدة الغارديان البريطانية نقلاً عن دبلوماسي مقرب من الملف.

في المقابل تقف بلدان أوروبا الشرقية إلى جانب دوديك وحكومته، على رأسها حكومة المجر التي تربط بين رئيسها فيكتور أوربان ورئيس صرب البوسنة علاقات وطيدة. ووقّعت الحكومتان اتفاقية تعاون واسعة سنة 2019.

فيما تعرف البوسنة والهرسك انتشاراً واسعاً للسلاح غير المرخَّص، إذ تحدَّثت تقارير الأمم المتحدة عن نحو 750 قطعة موروثة عن حقبة الحرب الأهلية ما بين 1992 و1995، إضافة إلى تزايد تهريب الأسلحة من صربيا نحوها، الأمر الذي لم تستطِع الحكومة البوسنية رغم جهودها الحدّ منه حتى اليوم.

وأطلقت صربيا منذ سنوات قليلة سباقاً ضارياً نحو التسلح، وارتفعت ميزانية تسليح جيشها ما بين 2015 و2021 بنحو 70%، وبـ43% فقط في السنة الأخيرة، فيما يتحدث رئيسها ألكسندر فوسيتش عن أن جيشه "أصبح أقوى بخمس مرات من ذي قبل". ودعا وزير داخليتها ألكسندر فولين في وقت سابق إلى توحيد "العالم الصربي"، مما رفع مستوى القلق لدى دول الجوار من وجود نيات توسعية لدى صربيا.

TRT عربي
الأكثر تداولاً