كشفت منظمة العمل الدولية في تقريرها الاثنين أن نحو 50 مليون شخص حول العالم يعيشون تحت وطأة العبودية الحديثة، أغلبهم من النساء والأطفال، في زيادة ملحوظة أرجعتها المنظمة إلى سنوات الجائحة الوبائية (كورونا) التي ضربت العالم وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية.
ويعد العمل والزواج القسريين أحد أبرز أوجه هذه العبودية الحديثة وأكثرها انتشاراً، وأيضاً الاتجار بالبشر عبر الشبكات الإجرامية للهجرة غير الشرعية والاستغلال الجنسي. وتناضل منظمات حقوقية عديدة من أجل إنقاذ هؤلاء الواقعين تحت هذا النوع من العبودية، وتأمل الأمم المتحدة في القضاء على هذه الآفة بحلول العام 2030.
تقرير عن وضعية كارثية
وحسبما أفاد به التقرير الأخير الذي نشرته منظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة التابعتان للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة "ووك فري فاونديشن" الاثنين، فإن الفترة ما بين 2016 و2021 عرفت زيادة ضحايا العبودية الحديثة، قدرت بـ 10 ملايين شخص، ليرتفع عددهم الإجمالي إلى 50 مليون شخص حول العالم.
ومن بين هؤلاء الـ 50 مليون الذين يعيشون العبودية الحديثة، وفق التقرير، يخضع نحو 27,6 ملايين شخص للعمل القسري، بينما تزوّج 22 مليون شخص رغماً عنهم. وتشكل النساء 54% من الضحايا، بأكثر من ثلثي الأشخاص المجبرين على الزواج، ونحو أربعة من كل خمسة أشخاص يخضعون للاستغلال الجنسي.
ويرجع التقرير ارتفاع عدد ضحايا العبودية الحديثة إلى الجائحة الوبائية التي ضربت العالم في السنوات الماضية، إذ "تسبّب في تدهور ظروف العمل وزيادة مديونية العمّال إلى تعزيز مصادر العبودية الحديثة بكل أشكالها". كما أن التغيرات المناخية وتزايد النزاعات المسلحة، تسببت في "اضطرابات غير مسبوقة في التوظيف والتعليم وتفاقُم الفقر المدقع وتكاثر الهجرة القسرية" ما يسهم كذلك في تزايد حالات هذه العبودية.
وقال المدير العام منظمة العمل الدولية غاي رايدر، في بيانٍ: "الصادم هو أنّ وضع العبودية الحديثة لا يتحسّن"، داعياً الحكومات والنقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل والمجتمع المدني إلى مكافحة هذ "الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان".
وقدّم التقرير الدولي في ختامه عدداً من التوصيات للحد من تفاقم هذه العبودية، على رأسها تعزيز آليات إنفاذ القانون وعمليات تفتيش العمل، ووضع حدّ للعمل القسري الذي تفرضه الدولة، وتوسيع الحماية الاجتماعية بما في ذلك رفع السن القانوني للزواج إلى 18 عاما من دون استثناء.
ما هي العبودية الحديثة؟
تعرّف العبودية الحديثة، بحسب موقع الشرطة البريطانية، على أنها "استغلال غير قانوني للأشخاص من أجل تحقيق مكاسب شخصية أو تجارية. ويغطي مجموعة واسعة من الانتهاكات والاستغلال بما في ذلك الاستغلال الجنسي، والسخرة المنزلية والعمل القسري والاستغلال الإجرامي والاتجار بالأعضاء".
ويضيف الموقع أن ضحايا هذا النوع من العبودية يمكن أن يكونوا "من أي عمر أو جنس أو جنسية أو عرق"، حيث "يجرى خداعهم أو تهديدهم للعمل وقد يشعرون بأنهم غير قادرين على ترك الجريمة أو الإبلاغ عن الجريمة من خلال الخوف أو الترهيب، وقد لا يتعرفون على أنفسهم ضحيةً".
وحسب منظمة "مناهضة العبودية"، فإن "العبودية الحديثة تحيط بنا في كل مكان، لكنها غالباً تكون بعيدة عن الأنظار، ويمكن أن يكون ضحاياها أولئك الذين يصنعون ملابسنا أو يقدمون طعامنا أو عمال النظافة أو المربيات (...) ومن الخارج، يمكن أن تبدو وظائف عادية، لكن عمالها قد يكونوا خاضعين للسيطرة ويواجهون العنف أو التهديد، أو يُجبرون على تحمل ديون لا مفر منها أو يُسحب منهم جواز سفرهم ويتعرضون للتهديد بالترحيل".
وتتعدد أشكال العبودية المعاصرة، وتشمل استخدام العنف أو التهديد أو الإكراه لنقل أو تجنيد أو إيواء الأشخاص من أجل استغلالهم لأغراض مثل الدعارة القسرية أو العمل أو الإجرام أو الزواج أو نزع الأعضاء، فيما يطلق عليه قانونياً جريمة الاتجار بالبشر. كما تشمل أيضاً أعمال السخرة والإكراه على العمل بالديون، والزواج القسري والمبكر.