أحدثت الزلازل التي ضربت ولايات جنوب تركيا ومن ضمنها ولاية هاطاي دماراً عاماً في مبانٍ بأنطاكيا، أكبر مدن الولاية، من بينها مآثر تاريخية عريقة وأماكن مقدسة. فيما ظلت كنيسة القديس بطرس قائمة، لم تتأثر بالدمار إلا بعض ما بني حديثاً بها، لتكون أحد أهم المآثر الناجية.
وتعد كاتدرائية القديس بطرس أول كنيسة في تاريخ الديانة المسيحية والعالم، إذ يعود تاريخ بنائها إلى القرن الأول ميلادي. وتكمن قداستها عند المسيحيين في أنه جرى بناؤها على يد أتباع السيد المسيح، بولس وبطرس.
كاتدرائية القديس بطرس الناجية!
فقط الجدار الاستنادي الذي جرى بناؤه مؤخراً لكنيسة القديس بطرس التاريخية، هو ما تعرض لتهدم طفيف جراء الزلزال. بينما بقي البناء الرئيسي، الذي يصل عمره إلى أزيد من 1985 عاماً، سليماً من الأضرار.
ووفق الاعتقاد المسيحي فإن هذه الكنيسة جرى بناؤها على يد رسل السيد المسيح القديسين بولس وبطرس. حيث جرى نحتها في جانب جبل ستورين، في الكهف الذي بشر به الرسول بطرس خلال خدمته المبكرة، نحو عام 38-39 ميلادي، بعرض يبلغ نحو 9.5 متر وطول 13 متراً وارتفاعه سبعة أمتار.
وبنيت الواجهة الغربية بالحجارة المنحوتة خلال القرن التاسع عشر، لها ثلاث بوابات تعد الوسطى كبراها. وتشير الآثار الموجودة على الواجهة والمنصة الأمامية إلى وجود رواق سابقاً هناك. وشيدت الواجهة الغربية بأسلوب إقليمي، له تخطيط ثلاثي الأبعاد. فيما منصة الحجارة المنحوتة والمذبح ونحت القديس بطرس، تنتمي جميعها إلى العصر الحديث.
وفي سنة 2011 دخلت الكاتدرائية لائحة التراث العالمي لليونيسكو كأول كاتدرائية بنيت في التاريخ. وهو ما يؤكده تقرير المنظمة الأممية، معللاً ذلك بكون الكاتدرائية شيدت بمكان تلقي القديس بطرس بشارته الأولى، وبالتالي تعد نقطة انطلاق الاعتقاد الكاثوليكي.
مآثر تركية صامدة
غير أن كنيسة أنطاكيا التاريخية نجت، فإن عدة مبانٍ تاريخية تركية نجت من الدمار الذي حل بجنوب البلاد. وفي نفس المدينة نجا من الزلازل أيضاً كل من نفق تيتوس وكهف بشيكلي المجاور الذي بناه العبيد منذ نحو ألفَي عام لتجنب الفيضانات في منطقة صمانداغ في هاطاي.
كما لا تزال الأعمدة التاريخية التي تعود إلى العصر الروماني قائمة في أنقاض زيوغما بمدينة غازي عنتاب. وفي نفس متحف زيوغما حافظت الفسيفساء القديمة الشهيرة على نسيجها الفريد من الضرر، بالإضافة إلى تمثال يبلغ ارتفاعه 1.6 متر للإله الروماني مارس، وفسيفساء غيبسي غيرل لم تتضرر أيضاً.
وبشكل عام جرى الإبلاغ عن تضرر 121 عملاً أثرياً بشكل خطير و66 بأضرار متوسطة و57 بشكل معتدل، من بين إجمالي 433 عملاً أثرياً جرى تقييمها في منطقة الزلزال.