إن هجمات عناصر PKK-PYD على المساعدات الإنسانية في ألمانيا والقوات التركية في كيليس خلال فترة مأساة طبيعية غير مسبوقة هي علامة واضحة على مدى الانحلال الأخلاقي لهذه الشبكة الإرهابية. لذلك يجب أن يكف الإعلام الغربي عن دعمها.
تعاني تركيا من الزلازل المزدوجة التي ضربت مقاطعاتها الجنوبية في 6 فبراير/شباط، والتي أودت بحياة 36187 شخصاً حتى 16 فبراير أي بعد 200 ساعة من وقوع الكارثة.
بالنظر إلى فداحة الكارثة غير المسبوقة، فإن المشاعر التي تُقاسى على الأرض هي أيضاً غير مسبوقة ولا مثيل لها. تتداخل مشاعر اليأس والمعاناة والحزن مع مشاعر الأمل والعزم والتضامن. لذلك فإن من اعتادوا أن يكونوا في عداوة بشأن الخلافات السياسية منذ وقت ليس ببعيد، يقدمون الآن المساعدة للأشخاص المنكوبين بالزلزال.
لكن بعض القوى يواصل العمل ضد روح التضامن البشري. فيما كان المواطن التركي يبحث بخوف وقلق عن أهله وأقاربه المحاصَرين تحت الأنقاض، تعرض الجيش التركي لهجوم من إرهابيّي YPG في بلدة كيليس الحدودية.
هاجمت عناصر من PYG، التابعة لـPKK التي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، القوات التركية بمنظومة صواريخ متعددة الإطلاق من تل رفعت، وهي بلدة تقع شمال غربي سوريا تحتلها حالياً. على الرغم من عدم مقتل أي جندي من الجنود الأتراك فإن الحادث يعد علامة أخرى على السياسة الخبيثة التي تنتهجها شبكة YPG-PKK ضد الدولة التركية.
من بين كل الأوقات، اختارت الجماعة الإرهابية أسوأ وقت ممكن لمهاجمة تركيا، وهو اليوم الذي كانت فيه الدولة بأكملها منشغلة بما أُطلق عليه "كارثة القرن". إن هذا الهجوم يعطينا نظرة خاطفة على نفسية الجماعة الإرهابية إذ ترفض التزام القيم العالمية للإنسانية. على عكس ذلك، فهي تستغل الأحداث المأساوية، مثل هذه الكارثة الطبيعية الهائلة، لتحقيق أهدافها الخبيثة.
لم تكن الطبيعة الدنيئة لهذه المجموعة الإرهابية مفاجأة للأتراك أو السوريين الذين عانوا أيضاً من أنشطتها الإرهابية.
استحثت الكوارث الطبيعية ذات الحجم الهائل مراراً وتكراراً التعاطف الكامن لدى كثير من الشعوب. إن مأساة تركيا عميقة ومذهلة إلى درجة أنها جمعت بين الناس من جميع أنحاء العالم ووحّدتهم على طريق مساعدة الضحايا.
لكن بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية، لا مأساة إنسانية قادرة على تحريكهم وذلك لتجذرهم في الممارسة التي تنزع الإنسانية عن عدوهم.
في خريف عام 2022، فجرت جماعة PKK الإرهابية المشاة الأبرياء والعزّل في شارع الاستقلال الشهير بإسطنبول. لقد أثبت التوقيت والمكان الذي جرى اختياره للهجوم الإرهابي مرة أخرى أنهم لا يكترثون بحياة الإنسان.
والآن يأتون لمهاجمة بلد يتعرض لنكبة أحدثها الزلزال في الوقت الذي حشد فيه كل موارده لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح. يعبر هذا التصرف عن مدى التدني الأخلاقي الذي وصل إليه قادة PKK الإرهابي.
هذه العقلية الانتقامية لا تعرف حدوداً. فذهبت الجماعة الإرهابية إلى حد الاعتداء على المساعدات الإنسانية المتجهة إلى تركيا والتي جرى جمعها في منطقة شمال ويستفاليان بألمانيا من خلال إشعال النار في شاحنات التوصيل.
على الرغم من الأدلة الساطعة على الطبيعة الوحشية والسادية لـPKK الإرهابي، فإن معظم وسائل الإعلام الغربية لا يزال يُظهر هذه المجموعة الإرهابية بشكل إيجابي.
غضت وسائل الإعلام الألمانية الطرف عن هجوم PKK/PYG الإرهابي على مواقع الجيش التركي في كيليس والبلاد تنعى فيه مقتل عشرات الآلاف من الأرواح جراء الزلازل المدمرة، في حين صورت الجيش التركي على أنه المعتدي على هؤلاء الإرهابيين، واصفة إياه بـ "العدوان على الأكراد" في شمال سوريا.
إن الحرب والعداوة من الحقائق الحتمية والقبيحة للعالم الذي نعيش فيه ولكن لا يمكن لأي شخص عاقل أن يشن حرباً في أثناء كارثة طبيعية لا مثيل لها. لكن بالنسبة إلى إرهابيّي PKK/PYG كان استغلال الأزمات الإنسانية جزءاً لا يتجزأ من قواعد لعبهم الإرهابية.
هذا السلوك لم يتغير أبداً ولن يتغير حتى يدرك حماتهم الأجانب في الغرب أنهم يشكلون تهديداً للنسيج الأخلاقي والاجتماعي على حد سواء، والشروع في تطهير مجتمعاتهم منهم.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.